الشعب المصري والرأي العام المهموم بحال البلاد والعباد يتعجب ويتساءل في حيرة ودهشة مما يحدث ويقال فيما بين أبناء السلطه القضائية, ويتساءل أين الحقيقة ؟ ولماذا محاربة طواحين الهواء من جميع الاطراف؟ ولمصلحة من الخلاف والاختلاف والشقاق فيما بين الاشقاء مادام أنه لافرق بينهم في الحقوق والواجبات ومبدأ المساواة قائما قانونا وواقعا فيما بينهم. ولكي تتجلي الحقيقه للرأي العام فلابد اولا من بيان قضاء المحكمة الدستورية ومحكمة النقض في مسألة الاختصاص والولاية القضائية, ومدي جواز الاقتراب منها بالنسخ والاضافة اوبالزيادة والنقصان. ونعرج الي أمثلة لمسلك المشرع المصري علي مدي اكثرمن خمسين عاما في مجال الاختصاص والولاية القضائية المقررة للهيئات القضائية. أولا:- قضاء المحكمة الدستورية العليا..يستفاد من الاعمال التحضيرية لدستور1971 أن مجلس الدولة صاحب الولاية العامة علي المنازعات الإدارية والدعاوي التأديبية, وهذا لا يعني غل يد المشرع عن إسناد الفصل في بعض المنازعات الإدارية والدعاوي التأديبية إلي جهات قضائية أخري تحقيقا للصالح العام.( القضية رقم5 لسنة3 قضائية بجلسة29/6/1974) المنازعات الادارية التي تدخل أصلا في اختصاص مجلس الدولة- للمشرع إسناد بعضها الي جهات او هيئات قضائية أخري: مثال:اختصاص محكمة النقض بإلغاء القرارات الادارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئون رجال القضاء والنيابة العامة. القضية رقم10 لسنة1قضائية دستورية بجلسة5/1982/.16 الدستور لا يحول وعلي ما جري به قضاء المحكمة الدستورية العليا دون أن يعهد المشرع بالفصل في الدعاوي التأديبية إلي هيئة ذات اختصاص قضائي( القضية رقم5 لسنة22 قضائية منازعة تنفيذ بجلسة4/8/2001) ليس لقضاء مجلس الدولة سلطة التأديب منفردا وإنما للمشرع وفي حدود ما يملكه إسناد الفصل في بعض المنازعات الإدارية والتأديبية إلي جهة قضائية أخري غير مجلس الدولة تحقيقا للصالح العام(القضية رقم114 لسنة23 قضائية بجلسة7/5/2006). استقر قضاء محكمة النقض علي أن المشرع لو أراد أن يقصر الاختصاص علي محكمة معينة ويفردها به لما أعوذه النص علي ذلك صراحة, علي غرارماجري عليه نص الماده175 من دستور1971 علي أن تتولي المحكمه الدستورية دون غيرها الرقابة القضائية علي دستورية القوانين واللوائح, ولما كان ذلك وكان هذا القانون اواي تشريع أخر قد جاء خلوا من أي نص بإفراد محكمة معينه دون غيرها بالاختصاص ولأئيا بنظر جرائم معينه, فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من قضائه بعدم اختصاص محكمة الجنايات ولائيا بنظرالدعوي يكون قد اخطأ في تطبيق القانون( الطعن رقم1058 لسنة49 ق بجلسة6/1979/.21 ثانيا:- دأب المشرع علي مدار خمسين عاما علي نزع ولاية الفصل في الدعاوي التأديبية من المحاكم التأديبية بمجلس الدولة, وإسنادها لمجالس التأديب الخاصة بالجهات الادارية, ووافق مجلس الدولة المصري علي ذلك دون ثمة اعتراض وشارك في عضوية هذه المجالس ذات الاختصاص القضائي السالبة لاختصاصه وولايته بنظرالدعاوي التأديبية. مثال ذلك: مجالس تأديب العاملين بالمحاكم- المادة167 من قانون السلطة القضائية رقم46 لسنة.1972 مجالس تأديب المأذونين- المادة42 من لائحة المأذونين. مجالس تأديب ضباط الشرطة- المادة57 من قانون هيئة الشرطة رقم109 لسنة.1971 ومجالس تأديب أمناء الشرطة- المادة81 من قانون الشرطة. ومجالس تأديب ضباط الصف والجنود- المادة92 من قانون الشرطة. ومجالس التأديب الاستئنافية لضباط وأمناء الشرطة المادة61 من قانون الشرطة. ومجالس تأديب العمد والمشايخ المادة23 من القانون رقم58 لسنة1978 بشأن طوائف العمد والمشايخ. ومجالس تأديب أعضاء هيئة الرقابة الإدارية المادة39 من قانون الرقابة الإدارية رقم54 لسنة.1964 ومجلس تأديب رئيس هيئة الرقابة الإدارية ونائبه المادة43 من قانون الرقابة الإدارية. ومجالس تأديب أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي المادة15 من القانون رقم45 لسنة1982 الخاص بالسلك الدبلوماسي والقنصلي. وغيرهم.. بالإضافة إلي الاختصاص بالفصل في الدعاوي التأديبية المسندة الي مجالس التأديب بالجهات الادارية, فإن اسناد الفصل في المنازعات الادارية إلي جهات اخري خلاف مجلس الدولة المختص بذلك عليه امثلة متعددة مثال ذلك:-لجنة الفصل في المنازعات الزراعية المنشأة بمقتضي القانون رقم54 لسنة.1966 ولجان الفصل في طلبات قسمة أعيان الوقف المنشأة بمقتضي القانون رقم55 لسنة.1960 واللجان القضائية للاصلاح الزراعي المنشأة بمقتضي القانون178 لسنة1952 المعدل بالقانون69 لسنة.1971 وإسناد ولاية الفصل في الطعن علي قرارات تقدير القيمة الايجارية الصادرة من الجهة الادارية امام جهة القضاء العادي استثناء من اصل خضوعها لولاية مجلس الدولة بمقتضي القانون رقم49 لسنة1977 في شأن تأجير الأماكن. ثالثا:- الحق والافتراء.. علي هدي ما تقدم يبين أن مجلس الدولة الموقر علي مدي خمسين عاما باع وتنازل راضيا مرضيا الي السلطة التنفيذية عن اختصاصه وولايته بالفصل في المنازعات الادارية والدعاوي التأديبية دون ثمة اعتراض اوإمتعاض علي ذلك رغم ماتضمنة حكم المحكمة الادارية العليا الصادر في الطعن رقم249لسنة22قضائية بجلسة1983/12/27 والناطق بكلمة الحق الاتية أن وجود مجلس تأديب خاص خارج ولاية المحاكم التأديبية, والمشكل من عناصر إدارية في أغلبه ومع ذلك يملك سلطات تأديبية توازي سلطة المحكمة يهدر فرصة تعدد درجات التقاضي أمام الخاضعين لنظام مجالس التأديب, ويخل بضمانات التقاضي. فهل من أجل عدد16 محكمة تأديبية بها عدد96قاضيا تنعقد الجمعية العمومية لنادي مجلس الدولة وتعترض علي النص المقترح من لجنة نظام الحكم بإنشاء قضاء تأديبي مستقل ؟ أم من أجل مايزيد علي600 مجلس تأديب خاص بالجهات الاداريه يشترك فيها عضو او اكثر من مجلس الدولة او هيئة قضائية اخري ولكن يغلب علي تشكيلها الطابع الإداري هذا الاعتراض والتهديد والوعيد؟ ولما كان الحق في مواطن الحق يعظم الله به الاجر ويحسن به الذكر, يبين أنه لايوجد في مصر قضاء تأديبي يستحق الصراع بين الاشقاء, ولكن يوجد ندب لاعضاء الهيئات القضائية بمجالس التأديب الخاصة بالصفوة من الموظفين.ومن ثم كان حريا بأعضاء مجلس الدولة الموقر وهم حماة الحقوق والحريات وقضاة المشروعية أن يدافعوا عن حق الموظف العام في تعدد درجات التقاضي التأديبي والمطالبة بألغاء مجالس التأديب واسترداد المحاكم التأديبية بالمجلس لولايتها المسلوبة منها, والاصرار علي حظر الندب بجميع صوره واشكالة للسلطتين التنفيذية والتشريعية وتغليب المصلحة العامة علي المصلحة الخاصة إن صحة نيتهم فالمحاكم التأديبية لا تعمل إلا من خلال النيابة الادارية ولا تنعقد إلا بحضورها فكلاهما وجهان لعملة واحدة. فإن قالوا وفعلوا ذلك كان الحق الواجب الاتباع تحقيقا للصالح العام, يستوي بعد ذلك أن يكون القضاء التأديبي جهه قضائية مستقلة, اوتابعا لمجلس الدولة أو للقضاء العادي أو النيابة الإدرية وإن كان غير ذلك فهو الافك والافتراء من أجل تحقيق مآرب أخري. وللمشرع الدستوري اسوة بالمشرع العادي أن لايتقيد بالاعتبارات النظرية التي تحكم المعايير العامة في توزيع الولاية القضائية, فله الحق المطلق في إسناد ولاية الفصل في الدعاوي التأديبية لاي هيئة اوجهة قضائية أخري خلاف مجلس الدولة تحقيقا للصالح العام, وتحقيقا للعداله الناجزة. لمزيد من مقالات مستشار محمد اسماعبل نافع