في تتابع خاطف وإيقاع مدهش قدمت لنا المخرجة قليلة الجسم صغيرة السن كبيرة الموهبة ساندرا نشأت فيلما تسجيليا رائعا عن الديمقراطية والدساتير في مصر. وقد تم بثه تليفزيونيا منذ أيام لنتابع بإعجاب كبير ضفيرة الفن والتوثيق السياسي والاجتماعي فيه... كان الرابط الذي اختارته ساندرا بين مشاهد الفيلم هو خطبة لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم عن الحرية والأحرار, وبين مقاطعها كانت صور المتحدثين علي الشاشة تتري.. العلامة الفذ د. سعد الدين الهلالي, والدكتور عمرو السمرة, والأب رفيق جريس مارقة مسجلة عبارات دالة عن رؤيتهم للديمقراطية, وبينها تتناثر صور شخصيات مصرية عادية من قلب الحياة تجيب علي سؤال تردد في إلحاح سريع عن معني الديمقراطية.. بائع, وطفل, وسائح آسيوي, ورجل عجوز, ويلفها في شجن آسر صولو كمان, ونداء موال مشروخ يهتف وسط لغط الإجابة علي أسئلة الديمقراطية: (يا ليل)!!. لقد عالجت ساندرا نشأت موضوعها كعادتها بطفولة شقية ومزجت بين النص الوثائقي الذي يبدأ بأن أول دستور مصري ظهر عام 1923 ونص علي أن نظام الحكم ديمقراطي, وبين الإجابات المبعثرة التي أعادت المخرجة ترتيبها وبعثرتها عدة مرات, التي يقول بعضها عن معني الديمقراطية:( ليس لها معني) أو (الديمقراطية أن أنتقي المانجو بنفسي) أو( ما يبقاش فيه قوطة بايظة) أو (ديمقراطية السلم, هي لمرة واحدة يصلوا بها إلي الحكم ثم يركلوا السلم, فلا يحدث أي تداول سلمي للسلطة بعد ذلك) أو( الديمقراطية هي العدالة) أو (المساواة) أو( الحرية) أو( إن المسلم يبقي زي المسيحي) أو علي لسان منتقبة ( أن نتخلص من الإرهاب)!! بدأ ذلك الفيلم البديع, وكأنه لوحة بورتريه( رسم وجه) للديمقراطية أبدعها أحد الرسامين التأثيريين ضاربا فرشاته علي توال اللوحة في سرعة وعنف حتي نستبين ملامح الوجه بكل ما أراد الفنان تحميله من معان وانطباعات, كما بدا الفيلم تجليا آخر لسينما ساندرا نشأت التي أخبرتنا منذ بداية بداياتها بأنها جد مختلفة. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع