تنتج مصر قرابة27 مليون طن قمامة سنويا, تكلف الدولة وترهق ميزانيتها ب40 مليار جنيه كل خمس سنوات. ولو استمر الوضع علي ما هو عليه, فسوف يأتي يوم- يرونه بعيدا ونراه قريبا- تنفق فيه ربع ميزانية الدولة من أجل إبعاد القمامة عنا, وليس إنهاء خطرها ومضارها. من هذا المنطلق, تفتقت أذهان وعبقرية شباب مصري يذوبون عشقا في حب مصر, ويهيمون بها, عن فكرة عبقرية, هي تحويل المخلفات الصلبة, وقش الأرز إلي طاقة كهربائية نظيفة, دون دفن في باطن الأرض, ولا حرق, ولا نقل, ولا ذباب, ولا قوارض, ولا ملايين الجنيهات التي تدفعها الحكومة من أجل دفن القمامة في آلاف الأفدنة... يقول حسن القيعي, ناشط بيئي, إن هذا المشروع سيؤدي الي تشغيل وتوفير أكثر من نصف مليون فرصة عمل للتصنيع, ونصف مليون فرصة عمل أخري لتشغيل هذه المصانع لجمع القمامة وإعادة تدويرها إلي طاقة كهربائية, علما بأن تكلفة معدات المصنع الواحد لمعالجة250 طنا في اليوم تبلغ24 مليون يورو. ولكن في حالة تصنيعها في مصر, فسوف تقل التكلفة بنسبة50%, أي نحو12 مليون يورو مما يعود بالفائدة علي مصرنا الحبيبة. ويوضح القيعي أن كمية المخلفات الموجودة في محافظات مصر- وعددها27 محافظة- تعادل27 مليون طن سنويا, ولمعالجة هذه الكمية نحتاج إلي نحو360 مصنعا, وثمن الوحدة24 مليون يورو تقريبا. إذن فسيكون إجمالي تكلفة المصانع نحو9 مليارات يورو تقريبا, أي ما يعادل نحو68 مليار جنيه مصري, علما بأن الشركات الأجنبية مع القطاع الخاص هي التي ستقوم بتوفير تمويل كل هذه المصانع إلي مصر, دون أن نكلف الدولة مليما واحدا. ويشير القيعي إلي أن الفوائد من هذا المشروع تعود علي المجتمع المحلي بأكمله ماليا, واقتصاديا, وبيئيا, وسياسيا, وصحيا, ويمكن تطبيق نقل التكنولوجيا, وتصنيع أجزاء كبيرة من تلك المعدات في مصر من خلال الهيئة العربية للتصنيع, ووزارة الإنتاج الحربي, أو مصانع مصرية تشارك في تصنيعها جميع المشاريع الصغيرة, وذلك لتقليل التكلفة بنسبة30%. وفي حالة تصنيع تلك المعدات محليا داخل مصر, يمكن توفير أكثر من4 مليارات جنيه, بالإضافة إلي توفير الأراضي في جميع المحافظات واستغلالها مستقبلا بدلا من دفن المخلفات بها في بناء الوحدات السكنية والمشاريع الخدمية والصناعية. وفي هذه الحالة, لا يقدر ثمنها بمال, فضلا عن إنتاج طاقة كهربائية وزيت خام يخرج منه كيروسين وبنزين95 ومشتقاته, يستفيد منه المجتمع المحلي بأكمله, ويتم الاستغناء نهائيا عن دفن القمامة في الأرض التي نعيش عليها في جميع محافظات مصر, ويتم استغلال الأراضي في جميع المشاريع الصناعية والتجارية, ونوفر مليارات الجنيهات التي ننفقها علي دفن القمامة. ويلفت القيعي النظر إلي ميزة أخري للمشروع, وهي الاتفاق والتعاقد مع الشركاء الأجانب علي إنشاء محطة في مدينة العلمين لإنتاج زيت خام يستخرج منه مشتقاته, و يستخدم للسيارات والطائرات من معالجة المخلفات الزراعية وقش الأرز, والتي تقدر بنحو30 مليون طن سنويا تخرج من محافظات مصر, وينتج من عملية التدوير نحو19 مليون طن سنويا عبارة عن( وقود حيوي- بنزين- كيروسين- ديزل- زيوت ثقيلة- غاز حيوي) المشروع. المهندس أمين خيال, مدير عام المخلفات الصلبة بوزارة الدولة لشئون البيئة يري أن من مميزات هذه التكنولوجيا التخلص الآمن من المخلفات الصلبة, والاستفادة منها في إنتاج طاقة كهربية نظيفة, والمهدرة حاليا, وتخفيض نسبة الانبعاثات الضارة, نتيجة عدم الحرق المباشر للمخلفات, حيث إن انبعاثات هذه التكنولوجيا تقع ضمن الحدود المسموح بها طبقا لاتفاقية كيوتو, وتوفير فرص عمل للشباب في جميع محافظات مصر من جميع التخصصات, وإمكانية تعميم المشروع علي مستوي محافظات مصر كلها, بالإضافة إلي الاستغناء النهائي عن الدفن الحالي للقمامة في المدافن الصحية, حيث إن الناتج من عملية التحليل اللاهوائي هو فحم حيوي يستخدم في توليد الحرارة في المحطات الحرارية, إذ إن له قيمة سعرات حرارية نحو36 كيلو جول/ كجم, أو يمكن تنشيطه كسماد يضاف للتربة, أو يمكن استخدامه كوقود. ويضيف خيال أن الدفن الصحي الذي يمارس الآن له عيوب تتمثل في تخصيص مدفن أو عدة مدافن صحية لكل محافظات مصر, والتي قدرت قيمتها بنحو20 مليار جنيه كل خمس سنوات, هي عمر المدفن الصحي حاليا, نظرا لتزايد كميات القمامة المتولدة باستمرار, فضلا عن تلويث المياه الجوفية علي المدي الطويل, وكذلك تلويث التربة والهواء, والذي ستظهر آثاره علي المدي القريب في صورة تدهور الحالة الصحية للمواطن المصري. وبنبرة ثقة, واستشراف واعد, يثلج القلب, ويطمئن النفس, فيما يخص توليد الطاقة, يوضح مستشار المشروع الدكتور علي الذهبي, أستاذ علوم وتكنولوجيا البيئة بجامعة طنطا, أن المصنع الواحد يولد نحو60 مليون كيلووات/ساعة سنويا, أي أن إجمالي كمية الطاقة المتولدة سنويا من عدد360 مصنعا سوف تكون نحو22 مليار كيلو/ وات سنويا, أي ضعف الطاقة المتولدة من السد العالي, والتي تعادل10 مليارات كيلو/ وات سنويا تقريبا, وأنه عند تصنيع المعدات في مصر فسوف تقل التكلفة الي50%, أي ما يعادل34 مليار جنيه مصري, وعليه يمكن تقليل سعر الكيلووات إلي25 قرشا بدلا من50 قرشا, مما يعود بالفائدة علي مصرنا الحبيبة. ونتيجة لتقليل سعر الكيلووات من50 قرشا إلي25 قرشا, سوف يتم توفير مالا يقل عن5.5 مليار جنيه سنويا.