هل من المعقول أن أتزوج مرة ثانية بعد هذه السن؟ وماذا عن نظرة الناس لي؟ وهل يمكن أن أبدأ حياة أخري من جديد مع شريك آخر غير زوجي السابق؟ انني كغيري ممن سبق لهن الزواج وأصبحن مطلقات أو أرامل أفتقد الكثير من الأمن والأمان.. كنت أظن أنه يمكنني الاستمرار بمفردي وحيدة حتي حدثت المفاجأة التي قلبت الموازين رأسا علي عقب, نعم.. لقد ظهر في حياتي رجل بمعني الكلمة وطلبني للزواج, فهل يمكن أن أخوض تجربة عاطفية جديدة؟ وإذا وافقت.. كيف أزيل تراكمات الماضي قبل البدء من جديد؟' ما سبق هو جزء من مخاوف الكثيرات من النساء عند خوض تجربة الزواج الثاني, هذا ما تؤكده د. زينب شاهين أستاذة علم الاجتماع وخبيرة التنمية البشرية فتقول: إن الأمان العاطفي هو حلم كل امرأة, إلا أن حرمانها منه لا يعني نهاية الكون, فقد تشعر بالأمان دون وجود رجل في حياتها وذلك إذا نجحت في تحقيق ذاتها, فكثيرا ما تجبر الظروف المرأة علي الاستقلالية والاعتماد علي نفسها إذا ما تعرضت للطلاق أو الترمل, لكن نجاحها في نسيان الماضي والتركيز علي المستقبل كفيلان بإعادتها لذاتها. كذلك يساعد اندماجها في العمل علي تحقيق استقلالها ماديا ونفسيا لمنحها مزيدا من الثقة بالنفس, فإذا كانت المرأة التي تفكر في الزواج الثاني وتتمتع بهذه الثقة فعليها التدقيق والتفكير بعمق في مدي تكافوء الطرف الآخر معها قبل إقدامها علي خطوة الارتباط. .وتتفق الكاتبة فتحية العسال مع الرأي السابق وتضيف أن الارتباط الثاني له أبعاد عديدة أهمها وجود أبناء من عدمه, وكذلك المرحلة العمرية التي يمر بها هؤلاء الأبناء, فقرار الزواج هنا لا يقتصر علي المرأة فحسب, بل يمتد لأبنائها أيضا.. لهذا عليها أن تجيب علي عدة تساؤلات مهمة قبل الخوض في تجربة عاطفية جديدة, منها: هل توجد ضرورة للزواج الثاني؟ وهل حقا تخشي الوحدة وتبحث عن أنيس؟ وأهم من هذا أو ذاك: هل هذا الزواج يناسبها من جميع الجهات؟ فإذا لم يكن فيصبح حينئذ من الأفضل لها الاستمرار في الحياة علي ما اعتادت عليه. وجدير بالذكر أن كثيرا من النساء يتعرضن لمعاناة عند خوض تجربة الزواج الثاني خاصة إذا مضت فترة طويلة بعد الطلاق أو الترمل, ويرجع ذلك لاعتيادهن علي الاستقلالية وحياة الوحدة, ومن ثم يصعب تعودهن علي طباع وعادات أخري مع شريك جديد لا تعرفه. ويعلق د. عادل المدني أستاذ الطب النفسي والأعصاب بكلية طب جامعة الأزهر قائلا: يعتبر احتياج المرأة للرجل من تكوينها النفسي والسيكولوجي, ويرجع ذلك لغريزة العطاء الطبيعية داخل المرأة, لكن أحيانا تضطرها الظروف لتنظيم حياتها بدونه, ومن ثم تشعر مع مرور الزمن بالخوف والعزوف من الارتباط مرة أخري حتي يظهر شخص يهز وجدانها من جديد, فينتابها شعور غامض يجعلها عاجزة عن التفكير السليم واتخاذ القرار, ويزداد الأمر سوءا إذا ظهر هذا الآخر في مرحلة حرجة من حياة المرأة مثل فترة انقطاع الطمث أو بعده لما يصاحبه من تغيرات هرمونية تؤثر علي وجدانها وتفكيرها, لهذا عليها عدم الانصياع وراء مشاعرها وحدها حتي لا تخطئ في الاختيار. وهناك بعض النساء اللاتي يتمتعن بسمات شخصية تؤدي لفشلهن في الزواج مثل صاحبات الشخصية الهستيرية, وذلك لتذبذب مشاعرهن وفقدانهن للنضج العاطفي, لهذا دائما ما ننصحهن بعدم تكرار تجربة الزواج, علي عكس صاحبات الشخصية الناضجة واللاتي ينجحن غالبا في تحقيق استقرار اجتماعي ونفسي واقتصادي, فضلا عن تأقلمهن علي الوحدة, ودائما ما ننصح هؤلاء بعدم الارتباط إلا في حالة أن ينبض قلبهن لأحد.