تتهم بعض الدول غير الإسلامية الإسلام والمسلمين بالإرهاب علي خلاف الحقيقة- وذلك عبر وسائل الإعلام, كما تحاول أن تبرز الإرهاب وكأنه صفة ملازمة للدين الحنيف, وترتب علي ذلك أن أصبح إعلان الانتماء إلي الإسلام الخالد يمثل مشكلة للمسلمين في بعض الدول الأجنبية. كما يزعم بعض الكتاب أن تعاليم الإسلام وأحكامه وبعض آيات القرآن الكريم تدعو وتوجه المسلمين إلي الإرهاب إما بالنص علي ذلك صراحة أو ضمنا, وهذا الزعم يخالف الحقيقة والواقع. ولتوضيح الحقيقة يقول المستشار الدكتور عبد الفتاح مراد: الإسلام هو دين المحبة والإخاء والسلام ومنهج الدين الإسلامي الحنيف في مواجهة الإرهاب يتمثل فيما يلي: أولا: الدلالة اللفظية لآيات القرآن التي ورد فيها ذكر كلمة إرهاب: وردت كلمة رهب وما اشتق منها من تصريف في اثني عشر موضعا في القرآن الكريم وهي في قوله تعالي: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون سورة البقرة الآية:40 لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون. سورة المائدة: الآية:82 قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم سورة الأعراف: الآية:116 ولما سكت عن موسي الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدي ورحمة للذين هم لربهم يرهبون سورة الأعراف: الآية:154 وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون سورة الأنفال: الآية:60 وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون سورة النحل الآية(51) فاستجبنا له ووهبنا له يحيي وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين سورة الأنبياء: الآية:90 اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلي فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين سورة القصص: الآية:32 ثم قفينا علي آثارهم برسلنا وقفينا بعيسي ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون سورة الحديد: الآية:27 لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون سورة الحشر الآية.13 وقد اتفق المفسرون بشأن تفسير الآيات القرآنية سالفة الذكر علي حقيقتين شرعيتين هما: الأولي: أن الدلالة اللفظية في الآيات سالفة الذكر تعني الخوف أو الخشية وما اشتق منهما. والثانية: ليس من دلالة تلك الآيات ما يفيد إباحة القيام بالقتل والتخريب والإفساد والاعتداء علي الآخرين. وتأسيسا علي ذلك فإن المقصود بالخوف هو معناه الإيجابي الذي يقود إلي طاعة الله سبحانه وتعالي, والتبتل إليه خشية وخوفا من عقابه وأملا في رضاه, تفعيل لمبدأ الوقاية التي تعني البناء الايجابي بالإقلاع عن الذنب والارتداع عن فعل الجريمة هذا من ناحية, ومن ناحية آخري فإن معني الإرهاب الوارد في سورة الأنفال الآية60 هو ضرورة دفع الاعتداء والوقاية منه, ولهذا جاء التوجيه القرآني الكريم بطلب الإعداد الذي يكون من نتيجته خوف العدو من القوة التي تملكها, فلا يقوم بمهاجمتك والاعتداء عليك. ثانيا: مكافحة الإسلام للإرهاب ومعالجة أسبابه, من خلال الاتجاه الوقائي والاتجاه الجزائي: يقوم الإسلام بمكافحة الإرهاب ومعالجة أسبابه وذلك لما قد يحصل من الإنسان من أخطاء تكون سببا في ارتكاب أي نوع من أنواع الاعتداء والعنف. لهذا نجد أن الشريعة الإسلامية تعاملت مع ظاهرة الإرهاب في اتجاهين متوازيين يسيران معا لمكافحة الإرهاب, وهما: الاتجاه الوقائي التربوي و يقصد به بناء المناعة الذاتية التي تمنع حدوث العوامل المسببة لخروج السلوك البشري عن الحق والصواب. الاتجاه الجزائي التطبيقي ويتمثل فيما شرعه الله من أحكام وتشريعات عقابية رادعة, ويترتب علي التطبيق الصحيح لهذا الاتجاه تطهير النفس البشرية وتخليصها من عقدة ارتكاب الذنب و ردع من يرتكب جريمة عن العودة إلي مثلها وزجر الآخرين عن الوقوع في ذلك الخطأ, وهذا بعد وقائي كما في قوله تعالي ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون سورة البقرة, الآية:.179 ومفاد ما تقدم أن في تطبيق أحكام القصاص ما يمنع بعض الناس من قتل بعض وذلك مخافة أن يتم الاقتصاص منه فيحييان بذلك معا ويكون القصاص من حق الدولة وليس من حق الأفراد. وبناء علي ما سبق نجد أن موقف الإسلام من الإرهاب موقف أزلي يجمع بين الوقاية والمعالجة للمخالفات التي قد تكون سببا في مزيد من الإرهاب والعنف في الدولة والمجتمع. ويتبين مما تقدم عدم صحة الزعم بأن الإسلام هو دين الإرهاب وأن منهج الشريعة الإسلامية لمكافحة الإرهاب يتفوق علي قوانين الدول الغربية التي تتهم الإسلام دون وجه حق بالإرهاب بل إن هذا الرأي الغربي المتمثل في اتهام الإسلام بالإرهاب يشكل إرهابا فكريا من الغرب للإسلام والمسلمين.