على رأسها تشكيل مكتب فني، استعدادات حزب العدل ل "النواب والشيوخ"    الأوقاف تطلق قوافل دعوية موسعة بجميع المحافظات لتصحيح المفاهيم الخاطئة    انتخابات مجلس النواب 2025.. خطوات الاستعلام عن اللجنة الانتخابية ورقم الناخب    العمل: تحرير 1858 محضرًا بشأن الحد الأدنى للأجور    صحيفة إسرائيلية: معلومات الاستخبارات بشأن مواقع الأسرى في غزة لم تكن دقيقة    وزير العدل الإسرائيلي يتعرض للتوبيخ خلال جنازة أحد الأسرى    الخطوط الملكية الأردنية: هبوط اضطراري آمن لطائرة متجهة من عمّان إلى حلب بعد عطل فني بسيط    أفغانستان وباكستان تمددان وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة    قبرص: تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر والجهات الإقليمية الفاعلة أساسي لتعزيز السلام والأمن الإقليميين    الخطيب: نجحنا في الحفاظ على تاريخ الأهلي وتطوير مؤسساته    حبيبة صبري لاعبة مسار تنافس على جائزة أفضل حارسة مرمى في أفريقيا 2025    بنزيما يقود تشكيل الاتحاد ضد الفيحاء في الدوري السعودي    موقف ثنائي ريال مدريد من اللحاق بمباراة خيتافي    ضبط عاطلين بتهمة خطف هاتف محمول من طالب بعين شمس    الشحات مبروك ينضم لفريق عمل مسلسل أحمد العوضي في رمضان 2026    انطلاق القافلة الثقافية الأولى ب«بنجر 5» في الإسكندرية    جومانا مراد: أقدم شخصية جديدة ومختلفة في مسلسل «خلايا رمادية»    تعاون بين الآثاريين العرب والسياحة.. رؤية جديدة لإحياء الإنسان والحجر    افتتاح منافذ جديدة لبيع إصدارات هيئة الكتاب بمكتبة مصر العامة بالأقصر    استشارى تغذية: ابدأ طعامك بالبروتين وتجنب النشويات    طريقة طاجن السبانخ باللحمة.. أكلة مصرية بطعم الدفا مع اقتراب أجواء الشتاء (المكونات بالتفصيل)    جامعة قناة السويس تنفذ برنامجًا توعويًا لمحاربة العنف في المجتمع    القضاء الاداري يتلقى اول طعن ضد مرشحي البرلمان في قنا    أموريم عن أنباء إقالته: علاقتي جيدة بمالك مانشستر يونايتد    قوات الاحتلال الإسرائيلى تهاجم الصحفيين والمتضامنين الأجانب شرق طولكرم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-10-2025 في محافظة الأقصر    ضبط دجال يروّج للشعوذة على السوشيال ميديا في الإسكندرية    أهم أخبار السعودية اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025.. منصة "نت زيرو" توقع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة    لمدة 14 ساعة.. ضعف وانقطاع المياه غدًا السبت عن 3 مناطق بالإسكندرية    أسما شريف منير وإبنتها بإسدال الصلاة وتعلق: يوم الجمعة يخفف صعوبة كل شىء    الخطيب: مشروع الاستاد حلم يقترب من التحقق.. ومؤسسة الأهلي للتنمية المجتمعية هدفها خدمة الوطن    السيطرة على حريق مخلفات بفواصل كوبرى الزاوية الحمراء دون إصابات    عاجل- السكة الحديد تُعلن تعديلات جديدة في مواعيد قطارات الوجه القبلي بدءًا من نوفمبر المقبل    محافظ أسيوط: نشر الوعي بمخاطر الإدمان مسؤولية مجتمعية    وزارة العمل تعلن عن 2914 فرصة عمل جديدة في 13 محافظة ضمن نشرة التوظيف نصف الشهرية    الإسكندرية تبدأ توسعة طريق الحرية.. مشاريع لتحسين الحركة المرورية لمدة شهر كامل    شركة حدائق: تحويل حديقتي الحيوان والأورمان إلى نموذج عالمي للحدائق الذكية    أمطار ورياح.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة    لتنفيذ مشروع بوابة تراث مصر.. بروتوكول تعاون بين «السياحة والآثار» و «الاتصالات»    عبد الرحيم كمال ينعي الفنان أشرف بوزيشن: كان رجلا طيبا وجميلا ربنا يرحمه    «الداخلية» تكشف حقيقة منشور كسر باب شقة والاستيلاء على محتوياتها بحدائق القبة    عالِم أزهري: «ادفع بالتي هي أحسن» قانون إلهي في تربية النفوس ونشر الخير    الأقصر أرض التاريخ المصرى القديم تستضيف 100 مغامر أجنبى من 15 دولة بفعاليات رياضية الباراموتور.. بهجة وفرحة بين الأجانب بالتحليق المظلى فوق معابد ومقابر الملوك وشريط نهر النيل.. ومغامر فلسطينى يشيد بسحر المشهد    مصر تتأهل إلى نصف نهائي كأس العالم للكرة الطائرة جلوس في أمريكا    الصحة: رؤية إنسانية جديدة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    كيف تكتشفين أن طفلك متأخر لغويًا من الشهور الأولى؟.. أخصائية تخاطب توضح    وزير الصحة يلتقي نظيرته البحرينية لتعزيز التعاون الصحي وتبادل الخبرات بين البلدين    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    ننشر أسماء ضحايا ومصابي الحادث المروع بطريق شبرا بنها الحر    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    8 قرارات جمهورية مهمة ورسائل حاسمة من السيسي بشأن أضرار سد النهضة الأخيرة    نيوزيلندا تعيد فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي    اليوم.. المصري في ضيافة الاتحاد الليبي بذهاب الكونفيدرالية الأفريقية    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يخوض المران الختامي اليوم استعدادًا لمباراة «إيجل نوار»    محافظ بورسعيد يعتمد تعريفة الركوب الجديدة بعد زيادة البنزين والسولار الجديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحس الوطني

أريد بتعبير الحس الوطني, هذه الطاقة الخلاقة المبدعة التي تكمن في صميم كيان الإنسان, توحد بين ذاته وفكره وسلوكه وبين وطنه, فيشعر أن وطنه ملك له من أقصاه إلي أقصاه, وأنه هو ذاته ملك للوطن, وآمال وأحلام الوطن هي آماله وأحلامه,
كما تسري محن الوطن في وجدانه كأنها محنته الشخصية, بل أزعم أن الحس الوطني غريزة زرعت في أعماق الإنسان, بل هي سنة وقانون في الوجود عند الطير والحيوان, فالكائن هو ابن بيئته, وشأنها كباقي الغرائز في الإنسان, كغريزة حب التملك وحب البقاء, الحق والخير والجمال, وليس الأمر غريبا أن يعشق الأنبياء والعلماء والعباقرة من أهل الآداب والفنون أوطانهم التي تترك بصماتها علي رسالتهم وإبداعهم, إن غرائز الإنسان في حاجة دوما إلي التنمية والثقافة والترويض والترقي كما يحتاج منذ الطفولة إلي العناصر التي تغذيه وتقويه, بل لعلي أقول في غير إسراف أنه حس يغلب علي باقي الأحاسيس والغرائز حين يشعر الإنسان أن وطنه في خطر, فتهون عليه الحياة بكل ما فيها من جاه ومتع وسلطان, إن الشهيد الذي ضحي بحياته من أجل وطنه, وضع قدما في الدنيا وقدما في الحياة الأخري, يخطو إلي الشهادة وقد داس علي كل ما في هذه الدنيا من مكاسب ومناصب وشهوات, كأنه يتذوق حلاوة الاستشهاد في خطواته نحو الفداء, أو كأنه يري فجر الأبدية والخلود, وفي المشاهد التي عرضها الإعلام عن بطولات حرب أكتوبر مثال حي, حقيقي لمعني الحس الوطني, وقد يعجب المشاهد, يحيط به الذهول من هذه الشجاعة الفائقة التي دفعت بهذا القائد أو ذاك الجندي لأن يندفع غير مبال بالموت, فقد سما به حسه الوطني فوق كل الأحاسيس, كأنه وهو في قلب النار والخطر قد أمسك بخيط الأبدية, ورأي إشراقه ونور الحقيقة وإكليل الشهادة, هذه اللحظات الفاصلة بين الحياة والموت لا يتحملها ولا يخوضها إلا حس وطني عميق, وإيمان صادق.
يتعمق الحس الوطني في عقل وقلب الإنسان كلما شعر بقيمته في وطنه, اطمأن إلي الأمن, والعدل, والحرية والمساواة, لا شيء يقتل هذا الحس أبدا, لكن يخبو نوره وتوهجه وحماسه إذا أذله فقر أو ظلم أو قهر وبرغم هذه الضيقات فإن الخالق تبارك وتعالي يبعث رجالا أو نساء لينقذوا وطنهم, يخترقوا هذه السدود ويحطموا القيود ويجددوا روح الرجاء والأمل في أوطانهم, إن الذي يمتلك الحس الوطني القوي يتألم إذا رأي مواطنا له مظلوما, كأن الظلم قد وقع عليه, ويحزن مع الحزاني, ويفرح مع الفرحين, إن هذا الحس الوطني يحوله إلي إنسان كوني ينطلق منه ليحتضن آمال وآلام وطنه ومنها يحتضن آمال وآلام العالم كافة, فالوطن عنده ليس مجرد جغرافيا أو تاريخ أو تراث, بل الوطن عنده قبل ذلك كله هو المواطن الإنسان, أخوه في الوطن, في الماضي والحاضر والمستقبل ولو تأملت في حقيقة الأديان كافة لوجدت هدفها الأسمي أن توحد الأسرة البشرية علي الخير والسلام, وكيف تتوحد البشرية قبل أن يتوحد الوطن وتسقط الصراعات الأنانية التي تمزقه, ويغيب عن فضائه وأرضه التعصب أو التطرف أو الاستعلاء.
أخذ من التاريخ المصري المعاصر دون التوغل فيه عناصر بلغ عندها الحس الوطني قمته, فتقدموا الصفوف وأرواحهم علي أكفهم لينهضوا بالوطن وليس معني ذلك انتقاصا لمن لم أذكرهم, وإنما هي قناعة مني أنهم ممن يمثلون قمة الحس الوطني, تأملوا معي مشهد عرابي, الفلاح المصري, الذي اندفع بحماس وطني غامر وتحدي الخديو الحاكم ومعه بضعة فرسان, والخديو محصن بالمحتل الأجنبي وببطانة من المستغلين مصاصي دماء الشعب, التاريخ يقر بأن عرابي في نهاية المطاف, ألقي به خارج الوطن منفيا حتي أنتقل إلي دار الخلد, لكن بعد أن ألقي بذور الكرامة والحرية والأمل, يموت الإنسان, وأي إنسان يحيا ولا يموت ولكن فكرته النبيلة لا تموت وتبقي كحبة الحنطة الذي يذوب جسدها في التراب لتنبثق من قلبها الزهرة الجميلة, لم يكن سلاح عرابي إلا حسه الوطني, دفع به إلي هذا الموقف وصرخ في وجه حاكم يستقوي بالغرباء صرخته التي لازال صداها يتردد حتي اليوم إن الله قد خلقنا أحرارا ولن نستعبد بعد اليوم هذه صرخة الشعب المصري في القرن التاسع عشر.
أزعم أن دور الشعب المصري قد أنطلق منذ ثورة25 يناير ووضحت فاعليته في الحدث الفريد يوم ثلاثين من يونيه, ولم يزل هذا الشعب العظيم يقاوم كل تحد, ويعبر كل صعوبة, حطم قيود الخوف وذاق طعم الحرية الحقيقية وعليه أن يحفظ هذا الحس الوطني, وأن يبدأ في بناء رؤية للمستقبل. لست مسرفا إذا قلت أن مصر عادت إلي المصريين فماذا هم فاعلون بها ؟ لنأخذ من تراثنا نورا لطريقنا, وتراثنا يقول أن العمل عبادة, تأدية الواجب بإتقان وتفان صلاة صامتة, الحفاظ علي كنوز الوطن من آثار ومن ثقافة ذلك بعض من مسئولية ضمير كل فرد, هيا يا شعبنا العظيم, لا تطرف ولا عنصرية ولا احتقار للإنسان الآخر, سنمضي المسيرة بعرق وجهد المصريين, لأن حسهم الوطني سوف يبقي مشتعلا في كيانهم, بل سيظل الحس الأعظم عند بني مصر.
لمزيد من مقالات د. الأنبا يوحنا قلته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.