قال الله تعالي : "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير". سورة فاطر آية "6" ينغمس الإنسان في شهواته وملذاته التي تسيطر عليه. وهي غرائز توجد في الإنسان بالفطرة. فيميل إليها. وينغمس فيها. لأن الشيطان يزين له هذه الغرائز. ويزخرف له هذه الشهوات فيغويه ويوقعه في العداوة والبغضاء. حيث يبحث دائماً عن مدخل يدخل منه لكل إنسان إلا ما رحم به ربي. قال تعالي : "إن الشيطان لكم عدوا فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير" سورة فاطر آية "6". ويستغل الشيطان شغوف الإنسان بتلك الغرائز والتي يميل إليها في كثير من الأحيان بعد زخرفتها له. فيتسلل من خلالها للمسلم. وهذا ما حدث بالفعل لأدم عليه السلام .. حينما نهاه الله عز وجل ألا يأكل من الشجرة لحكمة ربانية ألا وهي اختبار الإرادة عنده. فاستغل الشيطان غريزتين فطريتين موجودتين داخل كل مخلوق من بين غرائز كثيرة ألا وهما "الخلود" و"التملك" في إغواء آدم عليه السلام ويتضح ذلك من قوله تعالي : "فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك علي شجرة الخلد وملك لا يبلي" طه آية "120" وهما غريزتان يمثلان الاتجاه المادي المحسوس في تكوين بنية الإنسان بصفة عامة وليس عند آدم فحسب. ومن هنا نلحظ كيف اختار الشيطان نقطة الضعف عند الإنسان ذلك المخلوق الضعيف فجاءه من الاتجاه الخلفي. وهو اتجاه الغرائز والشهوات والملذات الذي استغله الشيطان فدخل من خلاله لغواية أبينا أدم. فزخرف له. ورغبه. ومناه. فاستجاب له وحقق له طلبه ورغبته ووبذلك استطاع أن يخرجه عن فطرته النقية السوية السليمة. فلقد وعده باللذة التي ليس بعدها لذة. مرة بعد مرة. وأخفي عليه عواقبها. فصرفه عن ذكر الله. وعن التعلق بأمره سبحانه فشغل خاطره. وهيج نفسه تجاه المعصية. فكبر في نفسه ما زينه الشيطان وزخرفه. فانتصر عليه. إن الإنسان بما ركب فيه من غرائز متنوعة ومتعددة يكون عنده الاستعداد للمعصية. فإذا تمسك بربه. وأحسن في التوكل عليه. وأكثر من الذكر والدعاء. والتزم بشريعته سبحانه فقد فاز ونجا من غواية الشيطان. لأنه حصد نفسه. يقول تعالي : "فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي" طه آية "123". وفي ضوء ما تحدثنا عنه من غرائز فطرية داخل الإنسان من حب الخلود والتملك. وهما من أحب الأشياء إلي قلب كل إنسان. حيث يرغب الإنسان كثيراً في حب البقاء والخلود. وحب الحياة. وحب التملك للأشياء والملك الذي يأمله الإنسان ويرغبه. ويتمني ألا يبلي. ولا ينتهي ولا ينقضي. ولكن كيف ذلك؟ وقد قال الله لنبيه صلي الله عليه وسلم : "وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون" سورة الأنبياء آية "34". ونحن لا يمكن أن نغفل غريزة من أفضل الغرائز التي استودعها الله بداخل كل إنسان ألا وهي "التدين" وهي تمثل الاتجاه الروحي في كيان العبد. وهي التي تدفع الإنسان إلي التوبة إذا ارتكب مخالفة شرعية. حيث فطر الإنسان. علي الفطرة الطيبة النقية التي قال الله عنها : "فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون" الروم آية "30". ولذلك نجد آدم عليه السلام يتوب إلي ربه بفضل هذه الغريزة "التدين" الفطرية التي تنعم الله بها علينا جميعاً. حيث يقول صلي الله عليه وسلم عنها "كل مولود يولد علي الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" رواه مسلم. والمراد بالفطرة هنا فطرة الإسلام.