شهدت مدينة القدس خلال الألفية الأولي قبل الميلاد صراعات القوي الكبري التي تحاول السيطرة علي منطقة الهلال الخصيب, وصعود وهبوط الإمبراطوريات. بدءا بالإمبراطورية المصرية مرورا بالأشورية والبابلية والفارسية والإغريقية والرومانية حتي ظهور السيد المسيح عليه السلام. ففي السنوات الأولي لهذه الألفية اتخذ داوود عليه السلام مدينة القدس عاصمة لمملكته والذي استمر حكمه40 عاما ثم تولي من بعده ابنه سليمان الذي كان يحب الفخامة وحل المشاكل مع جيرانه بالطرق الدبلوماسية, فتزوج من بنات حكام الممالك التي حوله, بدأها بزواجه من ابنه فرعون مصر, وبني أثناء حكمه معبدا لحفظ التابوت سماه هيكل سليمان, والذي كان حجمه يقل كثيرا جدا علي حجم اي معبد أو قصر فرعوني بسيط, هذا ما ذكره الكاتب اليهودي الأمريكي لويس بروان في كتابه المسمي حياة اليهود ووصف الهيكل بأنه بناء صغير طوله مائة قدم(32 مترا) وعرضه ثلاثون قدما(11 مترا) وضع فيه تابوت العهد وقال أيضا( ولا شك أن المعبد كان بالنسبة لسليمان مشروعا أقل أهمية من القصر, كان بمثابة مقصورة دينية في بلاط الملك, ولذلك لم يستغرق بناؤه أكثر من نصف الوقت الذي استغرقه بناء القصر). وبعد وفاة سيدنا سليمان, عليه السلام, انقسمت القبائل اليهودية وتناحرت فيما بينها وانقسمت المملكة العبرانية بعد إنشائها بنحو90 سنة الي مملكتين المملكة الشمالية تعرف بمملكة إسرائيل وتضم عشرة قبائل وعاصمتها شكيم( نابلس) وحاكمها يربعام, والمملكة الجنوبية وحاكمها رحبعام ابن سيدنا سليمان عليه السلام وتعرف بمملكة يهودا وعاصمتها القدس وتضم قبيلة يهودا وبنيامين وهو الاسم الذي اشتهر به العبرانيون( اليهود) بعد ذلك. وبدأت الصراعات بينهما مما جعلهما هدفا لغزوات الدول المجاورة, والتي بدأها شيشنق فرعون مصر ومؤسس الأسرة الفرعونية الثانية. وفي عام722 قبل الميلاد شهدت مدينة القدس زوال مملكة إسرائيل علي يد الملك الأشوري سرجون الثاني وأخذ أبناء هذه المملكة أسري وانتشارهم في مملكته الشاسعة والتي كانت تمتد حتي مملكة أفغانستان( الآن) فقضي بذلك علي هوية العشر قبائل من بني إسرائيل وهو ما يعرف في التراث اليهودي( بالعشر قبائل المفقودة) والتي لم يعرف مصيرها إلي اليوم, ثم تعرضت بعد ذلك مملكة يهودا إلي غزوات من الممالك المحيطة بها أهمها الغزوة التي قام بها الملك الفرعوني نخاو الثاني. وفي عام586 قبل الميلاد, شهدت مدينة القدس الهجوم الذي قام بها الملك البابلي نبوخذ نصر فأحرقها الجيش البابلي وخربها ونهبها, وأخذ معظم أهلها أسري إلي العراق حيث ظلوا هناك سبعين عاما وكان هذه هو الخراب الأول للقدس وللهيكل, ومنذ ذلك الحين حتي عام1948 لم يكن لليهود أي سلطة علي ارض فلسطين اي منذ586 قبل الميلاد وحتي1948 ميلادية أي أن حوالي ألفين وخمسمائة عام. وفي عام536 قبل الميلاد شهدت مدينه القدس سقوط الإمبراطورية البابلية وظهور الإمبراطورية الفارسية وظهور قورش العظيم الذي أراد ان يؤمن مملكته فأمر ان يعود بعض اليهود من بابل الي القدس وأعيد بناء الهيكل.. وفي سنة332 قبل الميلاد شهدت مدينة القدس سقوط الإمبراطورية الفارسية وظهور الإمبراطورية الإغريقية واحتل الإسكندر الأكبر فلسطين وأدخلت تحت الحكم اليوناني وبعد موت الإسكندر استولي بطليموس الأول علي أورشليم حوالي310 قبل الميلاد واخذ كثيرا من أهلها أسري إلي الإسكندرية, وظلت فلسطين بعد ذلك مسرحا للنزاع بين البطالمة وجيرانهم السلوقيين إلي أن زحف القيصر الروماني بومبي علي فلسطين واحتلها سنة66 ق. م. وفي سنة37 قبل الميلاد, نصب الرومان هيرودوس الادومي ملكا علي الجليل والقدس, وظل يحكمها حتي سنة4 ميلادية, وفي زمانه شهدت مدينة القدس أهم حدث في تاريخها هو مولد السيد المسيح, عليه السلام, في بيت لحم... وللحديث بقية