الإسرائيليون يهربون من صواريخ الكتف المصرية رغم تفوقهم عددا وعدة مازال هناك الكثير من القصص الحية والبطولات الأسطورية التي سطرها أبطال حرب أكتوبر1973 لم يتم الكشف عنها حتي الآن. ومع كل ذكري تتم إزاحة الستار عن جزء يسير من هذه القصص وتلك البطولات التي تحمل دلالات عميقة علي قوة الإرادة التي يتمتع بها أبناء هذه الأمة, وبسالة قواتنا المسلحة التي سطرت اسمها بأحرف من نور في سجلات العسكرية العالمية... وها نحن في الذكري الأربعين لهذا الانتصار العظيم نلقي الضوء علي المزيد من أمجاد هذا الشعب وبطولاته. ليس هناك جندي رديء أو فاشل, انما هناك ضابط رديء او فاشل.. لأن الضابط هو القائد هو الموجه, فهو الذي يضع الخطط ويشرف علي تنفيذها وهو الذي يحفز جنوده ويرعاهم.. وكما يقال اذا صلح الراعي صلحت الرعية وهذا بالضبط ما ينطبق علي أحد أبطالنا في حرب اكتوبر73 والذي توفاه الله منذ بصفة9 أشهر.. فبطلنا أصر بعناد علي قهر المستحيل وقام بشحذ جنوده وبث فيهم روح الوطنية والشجاعة والاقدام وأنه لا يوجد شيء اسمه المستحيل وأن الاستيلاء علي الموقع الاستراتيجي المهم والذي يصلي السويس بنار العدو الحامية يمثل تهديدا كبيرا لقواتنا التي هي في مرمي نيرانه... ورغم دهشة الجنود بل وبعض الضباط وترددهم لاحساسهم بصعوبة المهمة المستحيلة في نظرهم إلا أن القائد الشجاع أصر علي الاستيلاء علي قمة الجبل بل هدد أي جندي يفكر في التراجع عن تنفيذ المهمة.. ورغم مرارة المهمة التي يحمل اسمها الجبل الذي هو بالفعل اسم علي مسمي جبل المر تمكن القائد وجنوده الشجعان من الاستيلاء علي جبل المر, ولأنهم ذاقوا المر للاستيلاء علي هذا الجبل اللعين وفتح الله عليهم بهذا الانتصار وبشجاعة القائد الفاتح الذي هو بالفعل اسم علي فسمي فقد أصر الجنود تقديرا لقائدهم الهمام الي تغيير اسمه من جبل المر الي جبل الفاتح, ولعل ما حدث للاستيلاء علي هذا الموقع العسكري الخطير والقضاء علي العدو الذي كان أكثر عنادا وقوة ما يوضح الرجولة والشجاعة والاصرار الذي يتمتع بها العسكريون المصريون ضباطا وجنودا فمصر كنانة الله في أرضه ومن أرادها بسوء قصمة الله وجيش مصر هم خير أجناد الأرض وما قصة جبل المر سابقا الفاتح الآن إلا احدي قصص الاصرار والتحدي وقهر المستحيل... ولكن ما هي القصة الحقيقية جبل المر.. الفاتح في اكتوبر73 ؟ عندما أفاقت اسرائيل من مفاجأة قواتنا المهاجمة لسيناء بدأ ينظم تشكيلاته ويستعد لتوجيه هجوم مضاد لاسترداد ما استولت عليه قواتنا شرق القناة غير أن قوات الجيش الثالث الميداني سارعت باستكمال مهمتها للاستيلاء علي جبل المر أهم هيئة حاكمة في قطاع الجيش الثالث.. وفي صبيحة يوم9 أكتوبر73 صدرت التعليمات للاستيلاء علي جبل المر, وتم تكليف العقيد الفاتح كريم بهذه المهمة, وجبل المر يبلغ طوله تسعة كيلو مترات وتحوطه الكثبان الرملية من كل جانب ولايمكن الصعود إليه بالمركبات إلا من خلال مدق وقد ركز العدو عليه دفاعه, كما أن الجبل يصل ارتفاعه إلي117 مترا ويمثل مفتاح المنطقة قرب المضايق.. وبدأ الفاتح في الهجوم علي الجبل بالمركبات والدبابات تحت ستار نيران المدفعية ومحاولة الإطباق عليه من خلال حركة كماشة, وما إن بدأ الهجوم المصري حتي أرسلت إسرائيل بطائراتها للإغارة علي موقعنا وتتصدي لها وسائل الدفاع الجوي لنا وتسقط إحداها.. ثم تبدأ قواتنا في التحرك تجاه الجبل ولم يدعهم الاسرائيليون, حيث بدأ هجومهم علي قواتنا بالصواريخ, ولحسن الحظ لم تصب مدرعاتنا ودباباتنا بسوء.. ويقوم العقيد الفاتح بتفقد قواته لكنه يفاجأ بالموقف المتدهور لها, فكتيبة اليمين محاصرة وكتيبة اليسار ترجلت من مركباتها والضباط والجنود يسيرون علي أقدامهم بعد تدمير معظم دباباتهم.. وكتيبة الدبابات لم يبق منها سوي واحدة. وبدا الموقف كما لو أن العدو قد أجهز علي اللواء ورجاله الخمسة آلاف في دقائق.. ويقف العقيد الفاتح محاولا إعادة الروح المعنوية لقواته, حيث وقف يصرخ بأعلي صوته يا رجال إن مصر تناديكم.. الله أكبر والعزة لمصر.. وبينما القائد يتحرك إذا به يري أعلي تبة قريبة منه مجموعة من جنوده فيصرخ في قائد المجموعة قائلا لماذا لم تتقدم إلي الجبل ويجيبه أن ذلك أمر غير متيسر لأن العربات الجيب عاجزة علي السير في الرمال والعدو يوقع الهلاك بأي شخص يتحرك, ويرد العقيد الفاتح قائلا: أنا قائد اللواء وسأتحرك أمامك وما عليك سوي أن تتقدم بصواريخك خلفي وتعود الروح المعنوية للرجال فيصرخون كلنا فداء لمصر, ويحمل القائد علي كتفيه صاروخين موليتيكا ويتبعه خلفه الجندي محمد أبو خليفة حاملا صندوق التوجيه الالكترونني في طريقهم لجبل المر, وما أن يصل الفاتح إلي مسافة200 متر من كتيبة اليسار التي سبق أن أعلنت عن اقتحامها الجبل حتي يهلك الجنود قائد اللواء.. قائد اللواء ويتفقد القائد الجنود فيجدهم26 جنديا يقودهم قائد الكتيبة المقدم علي الفليضين وكان أفراد الكتيبة الذين فاجأهم العدو وهم في طريقهم إلي قمة الجبل, قد أوقع بهم ولم يبق من ال600 مقاتل سوي ال26 فقط, وأخذ العدو في التقدم من الجانب الأيمن لتطهير الجبل من بقايا قواتنا.. وحاول العقيد الفاتح شحذ هممهم ودفعهم للقتال وأنه سوف يتقدمهم, وبالفعل اتبعه جنوده في اتجاه قمة الجبل, وفي تحركه لاحت أمامه دبابتان معاديتان خلف إحدي التبات القريبة والمسافة بينه وبينها لا تزيد عن300 متر, ويصرخ الفاتح في قائد الصواريخ قائلا: إضرب ياسامح ويصوب صواريخه علي الدبابتين, ويتم تدميرهما ويعتقد قائد الدبابات الاسرائيلي ان المصريين القلائل أمامه كلهم مسلحون بهذه الصواريخ وأنه لا قبل له أمام هذه الصواريخ فيأمر دباباته بمغادرة المكان والاتجاه شرقا وكان القائد الاسرائيلي يملك12 دبابة لم تطلق أي منها قذيفة واحدة.. ويواصل الرجال التقدم شرقا وهم يهتفون الله أكبر.. تحيا مصر.. ويسرع الجندي محمد أبوخليفة خلف الدبابات الاسرائيلية حاملا القاذف الصاروخي علي كتفه ليصيب واحدة وتفر بقية الدبابات شرقا.. وينظر القائد الفاتح إلي القوات المجاورة علي الجانب الأيسر فيجدها تتقدم في فوضي ويسرع الفاتح ببث روح القتال والشجاعة في جنوده قائلا: الجار يتقدم علي يسارنا.. ويظن الجنود المصريون أن الذين علي يسارهم رفقاء السلاح المصريين التابعين لهم,, والحقيقة أنهم جنود اسرائيليون وأنه كان مخططا لهم الصمود في مواجهة القوات المصرية, لكن بعد استيلاء جنودنا علي قمة جبل المر اعتقد العدو أن المصريين سيقومون بتطويقهم فلاذوا بالفرار, وحقق رجالنا مهمتهم بنجاح وتغلبوا علي جبل المر, بل علي المر نفسه, وصاح أحد الجنود قائلا يا افندم انه الآن ليس جبل المر.. بل سنسميه جبل الفاتح..