عندما تسلك طريق القاهرة- الإسكندرية الزراعي, خاصة بعد الساعة الثامنة مساء, تكتشف أنك دخلت طريق الأشباح رغم مرور أكثر من100 ألف سيارة عليه يوميا بداية من مدينة شبرا الخيمة وبنها, مرورا بطنطا, ثم إيتاي البارود وصولا إلي محافظة الإسكندرية. الطريق في معظمه عبارة عن حارتين واحدة للذهاب وأخري للعودة كل حارة تسع سيارتين فقط,كما أن حالة الأسفلت سيئة جدا في عدة أماكن بسبب مطبات عشوائية, تآكل في الأسفلت عدم وجود لوحات إرشادية كافية, غياب التواجد الأمني. تحقيقات الأهرام رصدت الصورة من أرض الواقع, فالظلام يخيم علي أرجاء الطريق الزراعي رغم انتشارأعمدة الإنارة علي جانبي الطريق لكنها للأسف بدون كهرباء, إلا من بعض الأعمدة التي يطل منها ضوء خافت لا يساعد قائدي السيارات علي المرور بأمان. في البداية يقول جمال علي صاحب سيارة نقل ثقيل: إن الطريق الزراعي تحول إلي طريق للرعب بين قائدي سيارات النقل خاصة بعد أن تحول الطريق إلي ظلام دامس علي مسافات طويلة, مما يؤدي إلي وقوع حوادث باستمرار لانعدام الرؤية لمسافات بعيدة. ويضيف بدرأنه تعرض لعملية سرقة متعلقاته الشخصية خلال الأيام الماضية عندما توقف لإصلاح عطل في السيارة وكانت الصدفة أن الطريق مظلم تماما, حيث هاجمه3 أشخاص ملثمين وأخذوه منه تليفونه وألفي جنيه وساعته ومحفظته, وتركوه واختفوا في لمح البصر, ولم يستطع أن يحدد ملامحهم لانعدام الرؤية تماما رغم أن الوقت كان بعد الساعة الثامنة مساء لكن عدم تشغيل أعمدة الإنارة يجعل الطريق الزراعي مصيدة للأبرياء, ومرتعا للصوص والمجرمين في الأماكن المظلمة. ويقول إيهاب الدميري صاحب محل بقليوب علي الطريق الزراعيإن العشوائية أصبحت ملمحا رئيسيا في الطريق الزراعي بالإضافة إلي المطبات الصناعية الكثيرة بشكل ملفت, وبلا هدف أو قواعد فيمكن لأي شخص أن يعدها وفق مزاجه فهذا يريدها لحماية الناس من حوادث السيارات المسرعة بلا أي التزام مروري, وذلك يريدها دعاية لكشك أو كافيتريا أو محل يملكه ويريد أن يتوقف المسافرون عنده, وآخر يخطط لسرقة سيارة. وبنبرة حزينةيقول أحمد محمد البسيوني- محاسب-: إذا دفعك حظك العاثر إلي السفر ليلا فلابد أن تحزن علي الطريق الزراعي الذي يكون في معظمه مظلما, ولا أحد يعرف هل انقطاع الكهرباء متعمد توفيرا للطاقة أم أن الإهمال يؤدي لقطعها,لكن المؤكد أنك تسير بحذر شديد من أن يخرج عليك من الطرق الفرعية أي شيء ابتداء من السيارات والجرارات وحتي البشر والحيوانات تمر السيارات المسرعة بقري عديدة أهلها يفتحون مداخل ومخارج علي الطريق السريع, دون أن يكون ذلك بشكل قانوني, الحل بالنسبة لهم أن يقضوا مصالحهم بالشكل الذي يريدونه, ولا تهم القوانين ولا قواعد المرور, وكثيرا ما يشهد هذا الطريق حوادث مرعبة. ويري فوزي عبد الدايم صاحب محل موبيليا أن الطريق الزراعي زاد سوءا, خاصة في فترة المساء, كما أن الخروج من القاهرة صار رحلة عذاب ومن الطبيعي جدا أن تضيع أكثر من ساعة خلالالخروج بالسيارة من المؤسسة حتي قليوب, بعد أن كانت لا تستغرق عدة دقائق. ويضيف عبد الدايم- والحزن يكسو ملامحه أن الطريق الزراعي يشعرك بأن يد التطوير لم تمتد إليه منذ عدة أعوام, حيث الزحام غير عادي من السيارات والميكروباصات عند مدخل ومخرج العاصمة, لا أحد يعرف من أين جاءت هذه السيارات التي تنقل الركاب إلي مختلف الأقاليم بشكل عشوائي. ويشير إلي أن الباعة الجائلين صاروا مظهرا طبيعيا في كل مكان, كما أنهم متواجدين في كل الميادين والشوارع وفي منطقة شبرا الخيمة تحديدا, الأسواق العشوائية والأكشاك تزاحم الناس علي الأرصفة ابتداء من ميدان رمسيس وحتي الشوارع المتفرعة من شارع أحمد حلمي الذي لم تعد تميز فيه بين ميدان فيكتوريا والشيخ رمضان ومدينة النور وموقف عبود والمؤسسة.. زادت أعداد البشر إلي هذه الدرجة التي يصعب معها تقديم الخدمات الأساسية لهم. ويقول محمد راشد- محاسب- إن الطريق الزراعي رغم أهميته في نقل المواطنين بين أكثر من محافظة, ويقدم خدمة لنقل البضائع فإن يد الإهتمام لم تلمسه حيث يمتلئ الطريق بالمطبات علي امتداده ولا يوجد أي علامات مرورية أو إرشادية تخدم المواطنين, كما أن جميع أعمدة الإنارة بالطريق غير مضاءة مما يتسبب في عدم رؤية المطبات وحدوث الكوارث. وأضاف أن عددا من محولات الكهرباء تعرضت للسرقة بسبب الظلام الدائم للطريق, كما يتعرض المواطنون إلي عمليات سرقة بالإكراه وسط غياب أمني, واختفاء سيارة الدورية التي كانت تفرض أجواءا أمنية علي الطريق. ويؤكد أن جرائم الخطف والاغتصاب تكثر في المناطق المظلمة التي تعد تربة خصبة للخارجين علي القانون, حيث وقعت جريمة اغتصاب لفتاتين تم خطفهما واغتصابهما في منطقة مظلمة علي الطريق الزراعي, وتم إلقاء جثتيهما علي الطريق. وتقول تسنيم محمد طالبة بكلية الطب إن مخاطر الطريق الزراعي تزداد يوما بعد يوم, خاصة في فترة المساء حيث يكسو الظلام الطريق في مناطق مختلفة, مما يؤدي إلي حدوث حالة من الرعب والفزع بين المسافرين. وتروي تسنيم معاناتها علي الطريق الزراعي أثناء سفرها إلي القاهرة, قائلة: تعطلت بي السيارة فجأة بالقرب من مدينة قليوب فتوقفت بجانب الطريق, وانتابتني حالة من الرعب حيث المنطقة بلا أي إضاءة تكشف معالم الطريق, إلا من أضواء كشافات السيارات المسرعة التي لا يتوقف أصحابها في هذه المنطقة. وتضيف: مرت علي ساعات عصيبة أبحث عن وسيلة لمحاولة إصلاح العطل, فلم أتمكن من التوصل إلي أي شخص لمساعدتي, حتي تمكنت من الإتصال بأحد أقاربي لإنقاذي. وطالبت تسنيم الأجهزة المحلية بتوفير كشافات إضاءة وتوصيل الكهرباء إلي الأعمدة المحرومة منها, حتي تضئ الطريق ويسير المواطنون في وضوح رؤية وأمان. ويقول الحاج أحمد الشهاوي صاحب كافيتريا بالطريق الزراعي: لقد اعتدنا علي انقطاع الكهرباء بصورة دائمة خاصة بعد ثورة25 يناير, حيث انعدم الاهتمام بإضاءة الطريق, والعمل علي إصلاح وتركيب كشافات الأعمدة التي تمتد علي جانبي الطريق. ويصمت قليلا كأنه يتذكر حادث أليم ثم يقول وهو يشير إلي الطريق: لقد حصد هذا الأسفلت أرواح العديد من الركاب الأبرياء بسبب انعدام الرؤية ليلا, نتيجة عدم تشغيل أعمدة الإنارة مما يؤدي إلي استخدام كشافات السيارات في الإضاءة التي تؤثر سلبا علي القيادة بأمان. ويتذكر قائلا: لقد وقع تصادم مروع منذ أيام بين سيارة نقل وأخري ميكروباص وحصد أرواح أكثر من10 أشخاص, كما تسبب الحادث الأليم في تصادم عشرات السيارات القادمة التي لم تستوعب وقوع حادث فاصطدم الجميع ببعض, وكان مشهدا مؤلما لا يتخيله أحد. وطالب الشهاوي بضرورة إضاءة الطريق المظلم والإهتمام بقائدي السيارات, وتفعيل دور الأجهزة المحلية للقيام بدورها المفقود في إضاءة الطرق والحافظ علي أرواح الأبرياء. وأكد مصدر أمني أن الحوادث اليومية علي الطريق الزراعي السريع تزيد بشكل يومي بسبب الظلام وعدم تشغيل كشافات الطريق واعتماد السائقين علي أضواء سيارتهم ما يؤثر علي الرؤية ويتسبب في الحوادث. وأضاف أن البلطجية يستغلون الظلام الدامس ليقطعوا الطريق علي السائقين وسرقه متعلقاتهم, وأحيانا الاستيلاء علي سياراتهم. وأكد أنه سيتم تكثيف التواجد الأمني خاصة في المناطق غير الآمنة, وتخصيص دوريات تعمل علي مدار اليوم لكشف المجرمين وضبط المخالفين, وحماية للمواطنين. ويبقي السؤال: متي يشعر المواطن بأن أجهزة الدولة تتكاتف لخدمته وتعمل علي توفير الخدمات الأساسية له خاصة علي الطريق ؟ سؤال نوجهه للمسئولين وننتظر الإجابة..