نحتاج الي فترة زمنية ربما تتجاوز جيلا كاملا لمحو التأثيرات المدمرة التي الحقها شيوخ الفتنة والضلال بعقول نفر غير قليلين من أبناء الوطن شبانا وكهولا, وجعلتهم علي هذا القدر المخيف من التشدد والتطرف والفكر الحاضن للارهاب. الجدية والحزم والحسم وهيبة الدولة لابد أن تدفع بكل القوة الي التنفيذ الصارم للسياسة الجديدة للخطاب الديني وقصره علي المعتدلين من علماء الأزهر الشريف. الآن وعلي الفور لابد ان تتكاتف كل الجهود للكف من أذي هؤلاء المستشيخين الذين اعتلوا منابر هذه الزوايا والمساجد الأهلية في غفلة من الدولة بكل مكوناتها الدينية والثقافية والاجتماعية, ليبثوا سموم أفكارهم في عقول الشباب والبسطاء من الناس, وهؤلاء هم الذين يصدق فيهم قول الله تعالي قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا. ومن آيات الله في خلقه أن منحهم حرية الفكر والابداع دون الافتئات علي حق الله وحق المجتمع وحق الوطن.. ومن آياته أنه سبحانه قد خلق البشر ليس علي شاكلة واحدة حيث يتسمون بالتنوع في الفكر والعقيدة والجنس.. ومن آياته المساواة التامة في الحياة وأسباب العيش الكريم لجميع أبناء آدم عليه السلام.. بل من آياته أن جعل من الناس مؤمنين, وآخرين كافرين.. الايمان لا يزيده سبحانه اجلالا, والكفر لا ينتقص من ملكوته وعظمته مثقال ذرة. هل يمكن لشيخ من مشايخ الشر والافك أن يعلن من علي منبر احدي الزوايا أن سكان هذا الحي مؤمنون لأنهم انتخبوا مرشحي الاخوان و السلفيين, وأن سكان الحي الآخر المتاخم كافرون لأنهم انتخبوا مرشحين من القوي المدنية الليبرالية ؟!.. هل يمكن لأحد من هؤلاء الضالين أن يحرض من علي المنبر علي مقاتلة واحتقار أبناء الوطن من الأقباط المسيحيين, وأن يحرض علي مقاتلة الجيش والشرطة من أجل مناصرة المتاجرين بالدين.. لقد سمعت أمثال هؤلاء بأذني عقب الانتخابات البرلمانية السابقة التي جاءت بالاخوان والسلفيين في مقدمة الفائزين بمقاعد البرلمان.. هؤلاء الذين فازوا بأصوات الجاهلين والبسطاء والذين اعوزتهم الحاجة الي حفنة من الأرز والزيت والشاي والسكر.. وهؤلاء جميعهم ممن تمكنت هذه الفئة الضالة والمضللة من السيطرة علي عقولهم من خلال هذه الزوايا المفتوحة لكل من هب ودب ليقف علي منبر رسول الله عليه الصلاة والسلام, وينفث بأحقاده وسمومه.. هؤلاء الذين سقطوا في فتنة وضلال المستشيخين هم وقود النار التي يحاول فلول الاخوان واعوانهم اشعالها الآن في قلب الوطن الذي كفر به هؤلاء من أجل الحكم والسيطرة.. الوطن الذي يستعدون عليه الأعداء من الأمريكيين والأوروبيين الذين يملأ قلوبهم الحقد ضد الاسلام والمسلمين ويرون في هذا الدين العظيم الخطر الداهم علي عروشهم, ولم يجدوا غير أغبياء المسلمين ليكونوا مخلب الذئب لتحقير الأوطان وتحطيمها واذلالها وتقسيمها وقتل أبناء جلدتهم وترويعهم واخضاعهم للنفوذ الأجنبي بعد أن يجردوا الأوطان من كل دعائم قوتها. لقد حان الوقت للتخلص من هذه الأدران التي تفتك بجسد الأمة وروحها في الأحياء الشعبية والراقية علي حد سواء, وفي أعماق الريف المصري الذي تخلي بفضل هؤلاء الضالين عن سماحته وبساطته وجعل من أرضه مرتعا وأوكارا وقلاعا حصينة للارهابيين.. حان الوقت لأن تدعم الدولة الأزهر الشريف ليعود الي سيرته الأولي المرجعية الدينية الاسلامية الوحيدة علي هذه الأرض الطيبة مهما كلف ذلك من أموال.. حان الوقت لانشاء المساجد الجامعة في كل أحياء المدن الكبري بحيث تتمكن من استيعاب الأعداد الغفيرة من المصلين خاصة في صلاة يوم الجمعة.. حان الوقت لاعلاء كلمة الدين الصحيح فوق كل منابر الزوايا الصغيرة تحت البيوت وفي خلاء الريف والكفور والنجوع من خلال الاشراف الكامل للأزهر الشريف ووزارة الأوقاف.. حان الوقت لتجفيف منابع الفكر الديني المتشدد من خلال السيطرة علي المعاهد الدينية الخاصة التي يتولاها المتشددون والمتطرفون.. حان الوقت لفرض رقابة الدولة علي التبرعات الشيطانية التي تأتي من داخل البلاد وخارجها لترويج الأفكار الهدامة وللصرف علي الارهاب. انها اللحظة الحاسمة التي يجري فيها اعداد دستور جديد للبلاد حيث لا يجب أن يسمح لفئة من الناس أن تتكلم في السياسة باسم الله سبحانه جل وعلا عما يقولون.. لا تلتفتوا الي رؤية البعض في أن ما حدث يوم30 يونيو كان موجها ضد الهوية الإسلامية.. الحقيقة أن هذه الثورة كانت ضد الاستبداد والكذب والمتاجرة بالدين.. وضد تقسيم الوطن واذلاله. الدستور الجديد يجب أن يحقق الدولة المدنية ذات الهوية الاسلامية بالمعني الحقيقي السمح لهذا الدين العظيم التي قامت من أجلها ثورتا يناير ويونيو.. يحدد الأزهر الشريف مرجعية وحيدة للدين الاسلامي.. يسمح بالاختلاف الفكري بعيدا عن الارهاب الديني وعن تكفير الناس لمجرد اختلافهم في الفكر والتوجه السياسي.. يكون واضحا في أن الوطن للجميع وأن الدين لله وحده سبحانه وتعالي.. يجرم بشكل قاطع تكوين الميليشيات العسكرية وحيازة السلاح بدون ترخيص.. يجعل من القوات المسلحة- فخر الوطن ومصدر عزته- حارسا أمينا علي الدولة المصرية من أن تقع تحت براثن من يؤمنون بديمقراطية المرة الواحدة. لمزيد من مقالات محمد السعدنى