الدول لا تدار ولا تحُكم بالدراويش ولا بالمتطرفون ، الدراويش فقط يديرون حلقات الذكر الراقص العابث ، والمتطرفون يفسدون على الناس دينهم و يخرجونهم من الملة ، وقد آن الأوان لفض الإشتباك القائم و اللبث الحادث فى العقل والوجدان المصري بين الدروشة الدينية اللا مسئولة ، والتى تصل الى حد الهلوسة والتطرف المدمر للعقيدة وللدولة ، وبين الإسلام ، فالإسلام قواعد وأسس عقلية ومنطقية وشرعية واضحة ، لا إلتفاف حولها ، إلا ممن فى قلبه هوى ومرض . آن الآوان للتمسك بأسس وقواعد بناء الدولة المصرية بشكل دقيق وإطار واضح لا خروج عليه ، فالدولة المصرية دولة مدنية حديثة تعيش عصرها وتتماشى معه ومع معطياته ، الدولة المصرية دولة مؤسسات وسلطات وليست دولة جماعات أو فرق أو أشياع ، الدولة المصرية دولة تساوى بين مواطنيها فى الحقوق والواجبات ، دون تفريق أو تمييز بسبب الدين أواللغة أو العقيدة أو العرق أواللون أو المذهب . لقد آن الأوان أن تمارس الدولة سلطانها و مسئوليتها نحو مواطنيها ونحو أمنهم ونحو الحفاظ على وطنهم ، وأصبح من المحتم عليها بعد ما مر بنا من أحداث أليمة ودامية أن تنزع القنابل الموقوتة شديدة الإنفجار التى تركتها بين أيدى منحرفى الفكر والعقيدة ، فلا يعقل أن تكون الدولة المنوط بها الحفاظ على الوطن والمواطنين هى من تعطى السلاح للقتلة والمدمرون . والقنابل الموقوتة التى نقصدها ،هى المساجد والزوايا التى تركتها للمتطرفين دينياً ، تركتها تحت تصرفهم بلا رقابة ، ينشرون من خلالها الفكر الضال والباطل ويعلمون الناس إسلام مشوش مشوه غير إسلامنا الذى نعرفه والذى أهداه الله لنا فى مصر منذ 1400 عام . هؤلاء المتطرفون يقومون بإعادة تشكيل وجدان المصريين وبإعادة صياغة فكرهم وأفكارهم ، مستغلين أمية وجهل غالبية المصريين ، فنصف الشعب المصري أو ما يقترب من النصف أمي القراءة والكتابة ، والغالبية العظمى منه أميين بالدين ، ولأنه شعب متدين منذ العصور الأولى ، آمن بالله وبالآخرة وبالحساب بعد الموت ، يصبح المدخل الى عقله وقلبه ووجدانه هو الدين هو المفتاح السحري الذى تستطيع به أن تقوده وتحشده وتجيشه لتفعل به ما تشاء ، وهذا ما فعلته واستغلته الجماعات الدينية المتطرفة ، ويتساوى مع تلك المساجد والزوايا على الأرض ، المساجد والزوايا المرئية والإفتراضية ، و إقصد بها القنوات الفضائية التى هى قنوات للفتنة والتطرف ومسماة كذباً قنوات دينية ، كذلك ما يُبث على شبكة النت من مرئي أو مسموع أو مكتوب . إن الدولة يجب أن تفرض سلطانها وولايتها على كل المساجد والزوايا والمنابر بكافة ربوع مصر ، خاصة فى القرى والنجوع التى تعتبر مفارخ وحضانات للإرهاب والتطرف ، ويجب عليها ألا تسمح لأحد بأن يعتلى منابرها إلا من كان مصرحاً له بذلك ومجاز من الأزهر الشريف ، ويجب أن تختص وزارة الأوقاف بالناحية الإدارية والتنظيمية والإشرافية على المساجد ويختص الأزهر بالناحية الدعوية ، من حيث إعداد الدعاه وإجازتهم ومتابعتهم والإشراف عليهم ومجازاتهم أو وقفهم أو مكافأتهم . كذلك يكون الأزهر هو الجهة الوحيدة فى مصر المصرح لها بالإفتاء ، وذلك منعاً للهوس التكفيرى ، التكفير الذى يُلقى به الصبية والغلمان الجهلة فى وجه المصريين ليل نهار بفتاوى باطلة وفاسدة ، و بلا ضابط ولا رابط ودون حساب أو عقاب ، فالإتهام بالكفر لو تعلمون أمر عظيم ، يترتب عليه إستحلال دم وعرض ومال المصريين ، دون وجه حق. و يجب أن يكون الأزهر هو الجهة والمرجعية الوحيدة التى تُعرض عليها التشريعات والقوانين للحكم على مدى توافقها مع الشريعة الإسلامية . وعلينا أن ندرك قيمة الدرة الثمينة التى بين أيدينا ، تلك الدرة هى الأزهر ، فالأزهر منبت ومنشأ فطاحل العلماء وهو الجامع والجامعة وهو فيض العلوم ومنهل الفقه وهو الأنور وهو منارة الإسلام منذ القدم وهو الكوكب الدري يملأ بنوره ما بين جهات العالم الأربع وهو مُعلم ومرشد المسلمين فى أدنى الأرض وأقصاها وهو أبو العلوم الشرعية والدنيوية وهو صاحب العقول الزاهرة الباهرة وهو حضن المسلمين