كانت كلمة الساحل الشمالي تحمل بين حروفها الصيف.. والهدوء.. والعشق.. والجمال.. فبين أحضانه تنتعش القلوب.. وتخلو الرءوس من الأزمات والمشكلات.. وتخلد الأذهان في لياليه الساحرة.. وتبحر العقول.. وتتفتح العيون في طبيعته البديعة.. وسط لون مياهه الزرقاء الصافية. فهي منطقة ينعم كل زوارها بها.. فالمترددون عليها يرونها قد اكتست بأجمل الحلي للقاء أحبائها.. فهي الحبيبة المدللة التي تبوح بأسرارها لهم مطلع كل عام.. تخص كل زائر لها بأسرارها الخاصة.. كما لو كانت أما حنونا.. تعطف وتحن علي أولادها وتوزع عليهم رضاها.. لتفتح لهم أبواب جنتها الفيحاء. وبعد هذا النعيم الوارف.. أفاقت هذه المدينة علي كابوس مخيف قد يعصف بها وبذويها والمترددين عليها, فقد غرقت في مستنقع المخدرات بأنواعه.. فعلي طرقاتها تباع جميع أنواع الكيف وبين أركانه تعقد أهم وأكبر الصفقات.. فقد أصبح المصدر الرئيسي لتوزيع سموم المخدرات بأنواعها وأصبح أيضا مقصدا للعقول الخربة التي تسعي وراء إشباع مزاجهم المتعطش دائما للكيف. والأهرام تفتح ملف المخدرات بالساحل الشمالي وتتساءل لماذا الصمت الغريب والمتعمد من قبل المسئولين لإغراق البلاد من قبل تجار الكيف المعروفين لدي مسئولي الأمن؟! وهل فشلت إدارة المخدرات في تحجيم هؤلاء التجار ومواجهتهم في عقر دارهم بأي وسيلة؟ بداية يقول الدكتور علي عبدالرازق جلبي أستاذ علم الاجتماع بآداب الإسكندرية: بعد دراسات كبيرة حول منطقة الساحل الشمالي تبين لنا أن المناطق التي تقوم بتوزيع تلك المخدرات هي منطقة21 وأبو تلات وسيدي كرير الأكثر توزيعا والهوارية ومنطقة قري الساحل الشمالي بظهيرها الصحراوي, خاصة قري مارينا فضلا عن مدينة الحمام.. وينتشر في تلك المناطق الكيف بجميع أنواعه من حشيش وبانجو وأفيون وبودرة وبرشام وله سوق رائجة خاصة بين الشباب والفتيات.. حيث أصبح الأمر يمثل خطرا داهما سيلحق بالمخاطر بين فئات الشباب العمرية من18 سنة الي35 سنة. ويؤكد د. جلبي أن الأمر يحتاج الي تدخل عاجل وسريع من قبل الدولة حتي تستطيع إيقاف هذا الوحش الكاسر الذي سيحصد عقول الشباب وينال من الأمن الاجتماعي لهم.. خاصة أن طرق التعاطي تطورت بصورة خطيره علي الصحة. أما الدكتور أسامه عبدالمنعم المتخصص في علاج الإدمان فيقول: إن المصدر الأكبر في رواج الكيف هو الساحل الشمالي, حيث تنتشر المخدرات بصورة كبيرة ويجد المدمن ملذاته بوفرة خاصة أن المناخ في تلك المناطق خصب لتداول المخدرات, ويؤكد د. عبدالمنعم أن العديد من المتعاطين أكدوا له من خلال تناولهم العلاج وفي صراحة بين المريض وطبيبه أن عشرات الآلاف خاصة من رواد الساحل الشمالي يترددون علي تجار المنطقة المعروفين والذين يتبادلون المنافع حيث تحول المدمن الي لص يسرق وينهب ويأتي بالغنائم لتجار الكيف نظير أن يعطيه بائع الكيف ملذاته من البودرة والبانجو والحشيش.. ووصل الأمر إلي أن يقوم المدمن بسرقة السيارات وتسليمها الي بائعي المخدرات نظير جرعة الكيف التي يتناولها.. وبعدها يقوم التجار بعرض تلك السيارات علي أصحابها مقابل مبلغ مالي. ويضيف د. أسامه أن هناك عصابات منظمة تنظيما عاليا بالساحل الشمالي دأبت علي توزيع الكيف بجميع أنواعه ويتزايدون في فصل الصيف وبلغ بهم الأمر أنهم يبيعون سمومهم علي قارعة الطريق في وضح النهار علي إمتداد طريق المحور الدائري وعلي طول طريق الساحل الشمالي, مؤكدا أن الجهات الأمنية لديها معرفة تامة بطرق البيع والشراء ولديها قاعدة بيانات كاملة بأسماء التجار الكبار, لكن لا يتم إلقاء القبض سوي علي صغار البائعين لحكمة يعلمها رجال المكافحة أنفسهم. وناشد د. أسامة اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية إعادة انضباط تلك المناطق التي أضحت باطنية جديدة, حيث أطلق عليها البعض أنها كولومبيا الغرب والقبض علي كبار التجار لافتا أن التجار يتعاملون بمنتهي الحرية في طرق البيع والشراء دون رادع لهم الأمر الذي هز هيبة الدولة. أما حسام متولي أبوكيله أحد العائدين من رحلة إدمان طويلة فيقول: لقد مر بي وقت طويل وأنا أتناول وأتعاطي المخدرات بجميع أنواعها وأحصل عليها من منطقة سيدي كرير فأنواع الكيف موجودة بكثرة من حشيش بأنواعه المغربي واللبناني والأفغاني والمطبوخ الكيميائي والبودرة والأفيون والبراشيم بأنواعها وكان أخطره علي الإطلاق الفراولة والترامادول فكنا مجموعة كبيرة من الشبان والفتيات نتناول بشراهة ومنا من فقد حياته جراء تناول جرعة زائدة من مخدرا لكوكايين مشيرا أنه لا يجد خجلا في ذكر أسمه بعد أن أقلع عن الإدمان وأفلت من عالم الكيف مطالبا التدخل الفوري لإنقاذ شباب في ربيع عمره من الضياع والموت الذي غرق في عالم الكيف ومطالبا بتنظيف الساحل الشمالي المصدر الرئيسي لترويج تجارة الكيف ومواجهته بحزم. وتبقي للأهرام كلمة وهي أن تجارة المخدرات انتشرت بالساحل الشمالي وطالت البيوت الآمنة.. وروعتهم في ضياع ذويهم وأبنائهم فلذات أكبادهم.. هل يخرج علينا صوت عاقل ويد تضرب من حديد لإنقاذ شباب في مطلع عمرهم سقطوا فريسة الإدمان وتجار المخدرات.. ويعيدون الأمن الي ديار مصر الآمنة!