شر البلية ما يضحك ثورة للحشاشين تشهدها مواقع الإنترنت المختلفة عبر مواقع شبابية رفعت عددا من الشعارات الغريبة، أبرزها : » معا من أجل عودة الحشيش، رابطة محبي الحشيش، وأزمة الحشيش 2010، الحملة الشعبية لتوفير الحشيش! لقد أصبح الحشيش منافسا قويا لدعوة مقاطعة اللحوم، اختلفت الأهداف واتحدت الأسباب، فقد ارتفع سعر قرش الحشيش إلي 500 جنيه بعد أن كان ب 100 جنيه فقط، مما جعل أدوية الكحة والأسبرين تتصدر قوائم المخدرات مع البانجو. الغريب أن لمصريين ينفقون 22 مليار جنيه سنويا علي تعاطي المكيفات، مما يضع الحشيش في مكانة متقدمة من أوجه الانفاق السنوية للمصريين، وهو ما يؤكده مجيء المخدرات في المرتبة الثانية للمشكلات التي تواجه العالم بكل فئاته المجتمعية بعد خطر الإرهاب. »آخر ساعة« قررت بحث هذه الظاهرة للتنقيب عن الأسباب التي دفعت الشباب إلي هذه الحفرة العميقة، وناقشنا مع المتهمين والخبراء سلبيات وإيجابيات الحملات المتوالية لأجهزة الأمن بحثا عن الحشيش ومصادرته. دون كل الأزمات استأثرت أزمة الحشيش بالنصيب الوافر من مناقشات الناس في الشوارع وعلي المقاهي والكافيهات ومكاتب العمل الجميع يتساءل لماذا اختفي الحشيش ؟ .. علي الرغم أن لدينا قضايا التغيير والحراك السياسي الذي يشهده الشارع المصري بالإضافة إلي تغيير الدستور ومحفزات الدكتور البرادعي وقضية الأجور وتظاهرات الموظفين والعمال والمعاقين, كل هذة القضايا تبدو بلا حل واضح بينما قضية الحشيش فرضت نفسها علي المناقشات وأصبح اختفاء الحشيش هو الموضوع الرئيسي لاي نميمة أو منتدي للدرجة التي دفعت مجموعة من الشباب لتنظيم رابطة لمحبي الحشيش علي الفيس بوك يطالبون فيها بوزارة للحشيش استنادا إلي أنه اقل خطرا من البانجو والأقراص والأفيون والكوكايين والهروين وآخر يصرخ علي احد المنتديات قائلا (مش كفاية أزمات العيش والسولار واللحمة عاوزين يحرمونا من الحشيش). وقفة احتجاجية دعا رامي يحيي احد أعضاء مجموعة (معا من أجل عودة الحشيش) ويشترك فيها 100 عضو إلي تنظيم وقفة احتجاجية من أجل عودة الحشيش إلي الأسواق وذلك لما يمثله من أهمية لهم حيث يري أن الحشيش يخفف من الضغوط الحياتية للشباب. ويوافقه في الراي أصحاب الحملة الشعبية لتوفير الحشيش قائلين (إن أسواق تجارة المخدرات بمحافظات مصر تشهد حالة من الكساد أسفرت عن ارتفاع أسعار الحشيش والبانجو إلي أضعاف ما كانت عليه حيث بلغ سعر قرش الحشيش500 جنيه وكان من قبل 100 جنيه لذلك نوجه دعوة للحكومة لمراعاة الظروف الصعبة للشباب وتوفير الحشيش بالأسواق (يعني هما لابيرحموا ولاعايزين رحمة ربنا تنزل). وتقول سارة محمد طالبة بكلية التجارة جامعة القاهرة الحشيش سلعة متداولة بين الكثير من الشباب والأمر ليس مقصورا علي الأولاد فقط بل تتعاطاه الفتيات في الكافيهات المخصصة لهن وأنا شخصيا لا استطيع أن أتخلف عن الذهاب إلي الكافيه كل يوم لكي (اعدل مزاجي) ولا أحد يستطيع أن يمنعني عنه لا ارتفاع أسعار ولا غيره. ظاهرة أكدت دراسة اجتماعية أن تعاطي المخدرات أصبح ظاهرة بين كل طبقات المجتمع وحذرت فيها الباحثة سناء عمارة مديرة الإدارة العامة للمخدرات والدراسات والبحوث الاجتماعية من التداعيات السلبية لتعاطي المخدرات علي الاقتصاد المصري موضحة أنه يستنزف جزءا كبيرا من موارد المجتمع وطالبت بتشديد الرقابة علي صرف العقاقير المخدرة والمهدئة من الصيدليات مشيرة إلي أن تعاطي المخدرات أصبح ظاهرة اجتماعية تأتي في المرتبة الثانية بعد الإرهاب في قائمة اكبر المشكلات التي يواجهها العالم ومنتشرة بين مختلف الطبقات الاجتماعية بغض النظر عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والحالة التعليمية للمتعاطين. كما يؤكد الدكتور يوسف وصال مستشار صندوق مكافحة الإدمان أن المصريين ينفقون 22 مليارا سنويا علي المخدرات وارجع السبب في ذلك إلي انتشار ما وصفه بالسلوكيات الخاطئة المنقولة عن الغرب والتي لم يعرفها المجتمع المصري من قبل وهو الأمر الذي تسبب أيضا في ارتفاع معدلات الجرائم. ولكن هناك تساؤلا يطرح نفسة كيف تصل هذه الإحصائيات إلي معرفة المبالغ التي ينفقها المجتمع المصري علي الحشيش في حين أنه يعد من الجرائم التي يعاقب القانون عليها. وتجيب علي هذا التساؤل الأوساط العامة لمكافحة المخدرات و المنوطة بعمل إحصائيات عن كميات المخدرات المضبوطة وذلك من قبل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والتي أكدت أن المخدرات تلتهم أكثر من 5, 4 مليار جنيه سنويا من الدخل. القتلة توضح الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس أن كلمة الحشاشين في اللغة العربية معناها المغتالون أو القتلة وهي عبارة عن مادة مخدرة لا تدفع إلي الشجاعة والإقدام وإنما تؤثر في المتعاطي سلبيا وتجعله راضيا بالواقع لذلك يتصف مدمن الحشيش بالجبن بالإضافة إلي أنه لا يستطيع متعاطوه كتمان الأسرار. وتضيف من الأسباب التي دفعت الشباب للاهتمام بالمخدرات إلي حد الوقفات الاحتجاجية. ما يعرض علي شاشات التلفزيون من انحدار في المستوي الثقافي والأعمال الفنية التي يقدمها لكل صغير وكبير وغياب الدور الثقافي والقدوة وتهميش القضايا التي يعرضها في إطار استهزائي دون عمق في الماضي كان التلفزيون يربي أجيالا ويعرف الشباب بمصطلحات كثيرة مثل العدالة والحرية والأخلاق وكان ذلك واضحا في فيلم (الآنسة حنفي ) الذي أوضح السلوكيات التي يجب أن تتبعها المرأة والرجل وهو الدور الذي برع الفنان إسماعيل ياسين في تقديمه بشكل كوميدي دون الاستهزاء بالقضية، ذلك خلاف ما تروج له الأعمال السينمائية الآن وخاصة أعمال محمد سعد التي تعتبر مثالالنشر أخلاق البيئات العشوائية داخل المنازل ومنهم (الليمبي) و(واللي بالي بالك) بعد أن كان يوسف بك وهبي هو الذي يؤثر بأعماله علي المجتمع أصبح الآن العو, وأبو الليف ,ومحمد سعد هم القدوة لدي كثير من الشباب. وتشير د سامية خضر إلي أنه ليس هناك اي مبرر لتعاطي الشباب المخدرات مهما كان السبب لابد من مواجهة المشكلة وحلها بدلا من الهروب منها بالمخدر وجعل العقل مغيبا بشكل مستمر لأن ذلك لن يحل المشكلة بل يدمر العقل الذي لو استيقظ من المخدر يستطيع إيجاد حلول لمشكلاته. وتشير الدكتورة هالة حماد استشاري طب نفس الأطفال والمراهقين إلي أن من أسباب انتشار الحشيش قبل هذه الأزمة هو انخفاض سعره واستناد البعض إلي أنه أقل خطورة من البانجو بالإضافة إلي عدم وجود أهداف واضحة لدي العديد من الشباب وانحصار أهدافهم في كيفية الحصول علي شريط كاسيت وفيديو وأحدث محمول وتقليد العديد من الفنانين في طريقة ملابسهم وعلي الجانب الآخر هناك شباب أحلامه ليس لها علاقة بالواقع وهو ما يتسبب في وجود فجوة بين أحلام وطموحات الشباب وأرض الواقع الذي يصطدم به عند خروجه للعمل وما يلبث أن تسيطر عليه حالة من اليأس والإحباط تجعله يرغب في الهروب بعقله من ارض الواقع للخيال حيث بناء الأحلام دون عوائق. ومن ناحية أخري أوقات الفراغ التي تملأ حياة الشباب وخاصة خلال فترة الإجازة الصيفية وإهمال الآباء والأمهات لحساب أولادهم علي الوقت وإعطائهم الحرية الكاملة دون مراقبة بما يعرض الشباب إلي الارتباط بأصدقاء السوء والتقليد الأعمي لذلك ندعو الآباء والأمهات إلي ضرورة عمل برنامج للإجازة الصيفية للأبناء وتحديد عدد ساعات للقراءة والرياضة والعمل حتي لوكان ذلك دون أجر لاكتساب الخبرة من سوق العمل. ويقول الدكتور أحمد يحيي أستاذ علم الاجتماع السياسي إن المخدرات والسموم التي تصل إلي المجتمع تهدف إلي هدم عقول أبنائه بحيث تصبح البلاد بلا مستقبل وعقول أبنائها تحت سيطرت الغير مما يسهل من قيادتهم إلي طريق الهلاك. كما أن مصادرة الحشيش من الأسواق عامل ذو حدين حيث إنه يؤدي من جانب إلي لجوء فئة من الشباب إلي العلاج والامتناع عن تعاطيه ومن جانب آخر يشجع علي ارتكاب الجرائم للحصول علي أموال للتعاطي. وعن رأي الدين يقول الدكتور حامد الطيب عضو مجمع البحوث الإسلامية إن تعاطي المسكرات بكافة أنواعها وأصنافها حرام ومن الكبائر وقال الله عز وجل {أنما الخمر والميسر والأنصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} وكل ما يغيب العقل سواء كان مشروبا أو مشموما فهو حرام لذلك فالحشيش يدخل في دائرة المسكرات فيحرم تعاطيه والاتجار فيه أي يحرم تداوله وتناوله فقد صح عن رسول الله [ قوله (لعن الله الخمر بائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وعاصرها وساقيها وكلهم في الإثم سواء) وعلي ضوء هذا فالحديث عن ما يسمي بأزمة الحشيش لا يصدر عن عقلاء ولا أسوياء وهذا يدل علي وجود خلل أخلاقي وسلوكي وعدم تفعيل دور العبادات التي هي الأقرب لفئة الشباب.