د. أرنالدو دانتي ماريانتشي منذ28 عاما وهو يجوب العالم كمسئول عن المراكز الثقافية بوزارة الخارجية الإيطالية, وهو ليس مجرد دبلوماسي يباشر مهامه بشكل بروتوكولي وروتيني محدد ولكنه أيضا أديب يكتب الشعر والرواية والنقد وأكاديمي متخصص في الأدب المقارن, قام بإعداد بحث التخرج عن المقارنة بين الشاعر الإيطالي أوجينيو مونتالي والشاعر الإنجليزي إليوت, ثم نال الدكتوراة عن دراسة بعنوان تأثير الأدب الإيطالي علي الأدب الإنجليزي منذ دانتي وحتي وقتنا الحاضر. نشر عدة دواوين أشهرها طائر النورس,وعودة أوديسيوسوسادة الريح,بجانب ثلاث روايات وهي استنساخ السيد بوند, و زهور تيبيسكو,وأخيرا مقهي المجر, وكتابات نقدية أهمها الكوميديا الإلهية في الأدب الأوروبي في القرن العشرين,وشعراء اليوم وغدا, وحصل علي وسامي الفارس والكومندتور من رئيس جمهورية إيطاليا لجهوده في رعاية الأنشطة الثقافية لبلاده في الخارج. عندما سألناه في بداية حوارنا معه- والذي تولت منال حبيب ترجمته- عن سبب إعداد بحث للمقارنة بين الشاعرين أوجينيو مونتالي وإليوت بالتحديد,واهتماماته النقدية بإبداعات دانتي الليجيري؟ قال أولا كلا الشاعرين حصل علي جائزة نوبل في الآداب وتربطهما موضوعات وسمات متشابهة فيما يتعلق بالصور الجمالية والتشبيهات والتجرد عن الذات لسبر أغوار النفس البشرية,وكذلك تأثرا بالشاعرين جون دن وشكسبير, ثانيا وفيما يتعلق باهتماماتي النقدية بدانتي الليجيري فترجع إلي أنني عاشق لإبداعاته باعتباره أعظم شعراء إيطاليا وصاحب تأثير كبير في الأدب الأوربي نراه بوضوح في رحلة الأديب الأيرلندي سان براندو, ورؤية توكدالي, وأيضا في إبداعات ييتس, وصامويل بيكت وفي رواية عوليس لجيمس جويس وصولا إلي أشعار شيموس هيني, وبمحض الصدفة أسمي الأول أرنالدو هو شاعر البلاط في الكوميديا الإلهية واسمي الثاني دانتي هو اسم مؤلفها. ويتحدث د. ماريانتشي عن روايته الأخيرة مقهي المجر والتي تترجم حاليا إلي اللغة العربية و منهجه النقدي قائلا: أحداث الرواية تدور في المجر كما يبدو من عنوانها وبالتحديد في مقهي كان يدعي مقهي نيويورك كان ملتقي الأدباء في العهد الشيوعي وبطل الرواية صحفي يعمل بالتليفزيون اضطر إلي مغادرة المجر بعد اشتعال ثورة عام1956 ولكنه يعود بعد سقوط الشيوعية في تسعينيات القرن الماضي ليكتب عن التحولات الجذرية التي تلت انهيار الستار الحديدي حول الكتلة الشرقية وتتداعي ذكريات البطل من آن إلي آخر خلال فترة إقامته هناك قبل التحول الذي شهدته المجر. وعن منهجة في النقد قال ماريانتشي: منهجي وليد أسفاري إلي مختلف الدول الأوروبية فقد كنت أدرس التقاليد النقدية في كل بلد واقتطفت من كل بستان زهرة واستطعت أن أثري ذائقتي النقدية عن طريق التأمل في قصائد كافكا ودراسات الشاعر التشيكي فلاديمير أولان. ويطلعنا د. ماريانتشي علي المشهد الأدبي الحالي في إيطاليا, مشيرا إلي شيوع كتابات السيرة الذاتية بين أوساط الأدباء الشبان المبدعين و انتشار الجماعات الأدبية كجماعة63 وحركة المستقلين والطلائع والحداثة كما يبدو أن كتابات أمبرتو إيكو وكلاوديو ماجيش تتصدر الواجهة الإبداعية في إيطاليا. ويختتم د. ماريانتشي حديثه بذكر الأثر العظيم للأدب العربي منذ وجود الشعراء في جنوب إيطاليا في جزيرة كانوا يطلقون عليها اسم صقلية العرب والذي بدا واضحا في المحاولات الأولي للشعراء الأيطاليين حينذاك, وأكدت الأبحاث التي ناقشها مؤتمر جابريللي دانينيسو والعالم العربي والذي أقيم بمناسبة مرور150 عاما علي ميلاده مدي استفادته من الأدب العربي حيث عثر علي أكثر من80 كتابا عربيا في مكتبته, والأمر في حاجة إلي إجراء أبحاث متعمقة للتعرف علي المزيد في هذا المجال.