أطلق علماء الأزهر المشاركون في القافلة الدعوية المشتركة بين مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف بمحافظة الإسماعيلية, أمس الأول, دعوة للشعب المصري بضرورة إحياء قيمة المؤاخاة الإنسانية بما تحمله من معاني المودة والرحمة والتسامح الواردة في الكتب والأديان السماوية حتي تخرج مصر من المرحلة الراهنة, مؤكدين أن جانبا كبيرا من العنف الذي شهدته البلاد يرجع إلي فقدان الحس الإنساني, واختلال منظومة القيم, ويستلزم تأكيد التنوع الثقافي والحضاري, والانطلاق من خلال المشترك الإنساني بين البشر جميعا, وشدد العلماء علي أن مصر لن يقهرها الفقر أو الجوع وإنما الفرقة والاختلاف. إنجاح المبادرة وحول آليات وسبل إنجاح وتحقيق تلك المبادرة, يوضح الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف وأمين عام هيئة كبار العلماء, أن تحقيق المؤاخاة يبدأ بنبذ الخلاف, مشيرا إلي أن الخلاف في فروع الشرع أمر محمود إن تناوله العلماء, لكنه لعنة ونقمة إن خاض فيه الجهلاء, وأن المؤمن أعطاه الله عقلا يختار به بين هذا وذاك, وقد اختلف السلف الصالح في كثير من الأمور, ولأن قلوبهم كانت عامرة بذكر الله وبصائرهم تري بنور الله عز وجل, فقد كان اختلافهم رحمة وتوسيعا لمسالك السالكين إلي ربهم. وأضاف أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما اختلفا في قتال المرتدين بمنع الزكاة, وفي النهاية اتفقا علي رأي واحد, فالمسألة ليست مسألة عناد وإنما اختلاف وجهات نظر فإذا ظهر الحق يجب أن يتبع الجميع هذا الحق ويسيرون خلفه, لأن هؤلاء تعلموا في مدرسة الرسول الكريم, واستفادت الأمة فيما ورد عنهم من آراء. مستنكرا ما يقوم به البعض من تكفير وإهدار دم من يخالفهم الرأي. التمسك بالقيم من جانبه يري الدكتور محمد عبدالعاطي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة الأزهر, أن التمسك بالقيم والتحلي بها في واقعنا ومعاشنا ومعاملاتنا يعد من اوجب الواجبات علي كل مسلم ومسلمة, وأنه السبيل الي إيجاد السبل للعيش السلمي المشترك بين أبناء الأمة خاصة وبين المسلمين وغير المسلمين الذين يعيشون معهم علي أرض واحدة في وطن واحد وقال الدكتور رمضان عبد العزيز عطا الله, رئيس قسم التفسير وعلوم القران بكلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية, إن المتأمل للقرآن الكريم والسنة النبوية يجد فيها أن الله سبحانه وتعالي أمر المؤمنين بالتعامل الحسن مع الآخر أيا كان هذا الآخر مسلما أو غير مسلم ذكرا كان أو أنثي مادام كان الآخر مسالما, دون النظر إلي لونه أو جنسه. وأكد الدكتور رمضان محمد حسان, الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بالقاهرة, أن كثيرا من العنف الذي نشهده هذه الأيام علي الساحة المصرية والدولية يرجع إلي فقدان أو ضعف الحس الإنساني واختلال منظومة القيم الإنسانية ومنها حق الجوار وحسن المعاملة مما يجعلنا في حاجة ملحة للاهتمام بمنظومة القيم الإنسانية من التسامح وحسن المعاملة والعفو وحفظ النفس والوفاء بالعهد وهذه القيم وغيرها اتفقت عليها جميع الشرائع السماوية. ويؤكد الدكتور حسن خليل, الباحث الشرعي بمشيخة الأزهر, أن الإسلام دين التعاون والرحمة والتقوي دين الأخوة الصادقة التي تسعد بسعادة جميع البشر وتتألم لتألم أي فرد من بني الإنسان, وأشار إلي أن الإسلام دين المحبة و المودة التي لا يتحقق الإيمان إلا بتحقيقها عمليا بين بني الإنسان فالإسلام دين وضع الحقوق في مكانها دون مجاملة أو مبالغة بين الغني والفقير فلا فضل لعربي علي أعجمي إلا بالتقوي والعمل الصالح موضحا أن جملة القيم الإنسانية التي أمر الإسلام بتحقيقها بين الناس جميعا كفيلة بان تحقق السعادة للبشر جميعا.