أكدت دار الإفتاء أنه لا يجب علي المكلف الاقتراض للحج باتفاق الفقهاء, قال الإمام النووي رحمه الله تعالي في المجموع شرح المهذب: لا يجب عليه استقراض مال يحج به, بلا خلاف. ولكن لا مانع من أن يقترض ويحج إذا اطمأن إلي أنه سيرد القرض دون تأثير ضار علي من تجب عليه نفقته, وقد ورد عن بعض السلف النهي عن الاقتراض للحج; فروي الإمام الشافعي وابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي في السنن الكبري واللفظ له عن عبد الله بن أبي أوفي رضي الله عنه موقوفا عليه أنه سئل عن الرجل يستقرض ويحج, قال: يسترزق الله ولا يستقرض, قال: وكنا نقول: لا يستقرض إلا أن يكون له وفاء, وأسند ابن عبد البر في التمهيد عن سفيان الثوري أنه قال: لا بأس أن يحج الرجل بدين إذا كان له عروض إن مات ترك وفاء, وإن لم يكن للرجل شيء ولم يحج فلا يعجبني أن يستقرض ويسأل الناس فيحج به, فإن فعل أو آجر نفسه أجزأه من حجة الإسلام. وأضافت دار الإفتاء في معرض ردها علي فتوي حول مشروعية الاقتراض لأداء فريضة الحج, ان مذهب الشافعية أنه إن كان للمقترض وفاء به ورضي المقرض فلا بأس بالاقتراض.والحنفية جعلوا الاستقراض واجبا إذا كان المكلف قد وجب عليه الحج وفرط حتي فاته وصف الاستطاعة ولو لم يكن قادرا علي الوفاء لتفريطه.أما المالكية فعندهم احتمالان بالتحريم والكراهة إذا لم يكن له وفاء, ومن مجمل ما سبق يتبين أنه إذا كان المكلف باقتراضه للحج سيحمل نفسه أو من يعول فوق الطاقة ويعرض نفسه أو من يعول للفتن وما لا يقدرون علي تحمله فيترجح في حقه القول بالحرمة, أما إن كان تحصيل ما يسد به الدين سيعطله عن نوافل العبادات ومكارم الأخلاق ومعالي الأمور فيترجح في حقه القول بالكراهة, فإن لم يكن هذا ولا ذاك وكان يغلب علي ظنه السداد بلا ضرر عليه وعلي من يعول جاز له القرض بلا حرمة ولا كراهة. ومع اختلاف الحكم الشرعي باختلاف حال المقترض فإن الذي يحج من مال اقترضه يكون حجه صحيحا, وتسقط عنه الفريضة إن كانت حجته هي حجة الإسلام.