كم تأملت شخصية ومسلك الممثلة البريطانية العتيدة فانيسا رد جريف(76 عاما) التي ألهبت خيالي صبيا بموهبتها الكاسحة في أفلامها:( جوليا) و(بلو أب) و( إيزاد ورا) و( كاميلوت), ولكن سببا آخر كان وراء إطالتي التفكير فيها, وهو البعد السياسي والنضالي في شخصيتها, فقد كانت أحد أقطاب حزب العمال الثوري البريطاني( يعني ماركسية تروتسكية) ومؤيدة للقضية الفلسطينية,وكانت فرحتي لا توصف حين عرفت أن علاقة قوية ربطت تلك الممثلة العبقرية بصديقي الكبير الأستاذ لطفي الخولي, رحمة الله عليه, ولم أتوقف عن سؤاله عنها كلما لقيته, كتبت هذه الأسطر مدخلا للمقارنة بين فانيسا والافندية الممثلين رموز ونجوم يناير2011, إذ أهلت ثقافة فانيسا ومواقفها الثورية واليسارية صاحبتها لأن يكون أظفرها بألف من أولئك, ومع ذلك فهي لم تخلط مرة واحدة بين حرفية أدائها الفني, وبين انتمائها العقائدي والايديولوجي... أما الأساتذة الثوريون علي الآخر من نجوم يناير, فشغلونا طوال السنوات الماضية بإعداد قوائم سوداء لزملائهم الذين ليسوا ينايريين بالقدر الكافي, واجتهدوا في إشاعة ثقافة المنع والنفي والإقصاء والحصار, وغلوا وأوغلوا في تعذيب كل فنان دفعته تجربته, ومستوي ثقافته إلي أن تكون له رؤية مختلفة في الحياة, وفي السياسة, وأوشكوا أن يقضوا علي بعض هؤلاء ويغلقوا سوق العمل في وجوههم بالإرهاب والصفراوية المريرة, والمطاردة إلي حد القتل تقريبا, وأراد الينايريون وضع معايير جديدة لتقييم الفنان, علي رأسها أن يكون ثوريا جدا وينايرا جدا بصرف النظر عن مستوي إبداعة.. ولقد شاهدت عددا من مسلسلات رمضان التي إضطلع ببطولتها مثل أولئك الناس, وكانت أسوأ ما تم عرضه, وخفنا جميعا أن نشير إلي رداءتها وإلا اتهمونا بأننا ضد يناير, كما رأينا بعض المذكورين في القوائم السوداء, وكانوا مبدعين مشرقين ورائعين, وخشينا أن نشير إلي تفوقهم, وإلا وصمنا الثوار بأننا نشجع الفلول ونهلل للنظام الأسبق.. ولذلك كله تذكرت فانيسا التي علمت من شاء أن يتعلم كيف يكون الفنان مثقفا ثوريا وناشطا سياسيا, ولكن يكون فنانا قبل كل ذلك. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع