قرأت رسالة الاستاذ محمد سعيد عز بعنوان بيان افتراضي التي يفترض فيها تخيل بيان مهم يعلنه الدكتور محمد مرسي ويلقيه أحد كبار الاعلاميين في التليفزيون ومفاده إعلان التوبة والندم علي ما اقترفه في حق الشعب المصري, واعلاء المصلحة العليا واستقرار الوطن, علي المصالح الشخصية وهي مقدمة علي الشرعية والدستور, فمصر لم تعد تتحمل المزيد من الاضطرابات والعنف, وانه سوف يقف بين يدي رب العالمين ليسأله عن الدماء التي سالت ووحدة الأمة التي انقسمت بسببه واصبحت شيعا وانه يشعر بالرعب من لقاء الله وحسابه.. إلي آخر هذه الأمنيات والافتراضات المستحيلة التي تصورها كاتب الرسالة الفاضل التي تعتبر ضربا من الخيال. وتعليقا عليها أقول: إن التوبة والندم نعمتان يتحلي بهما اصحاب القلوب العامرة بحب الله, القلوب التي تزهد في الدنيا ومغانمها الفانية وتهفو إلي الآخرة وآلائها الباقية, يتحلي بهما اصحاب النفوس المطمئنة التي ترضي بقضاء الله وقدره, ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة, ويريدون حرث الآخرة ولا يريدون حرث الدنيا, فإذا طابقنا كل ذلك علي الدكتور محمد مرسي وجماعته نجد ان البون شاسع بينهم وبين هؤلاء الاتقياء إذ كيف يتوب ويندم من وضع يده في يد أمريكا وسمح لنفسه ولجماعته ان يكونوا اداة في يدها ليخربوا بيوتهم وبيوت المصريين بأيديهم كيف يتوب ويندم من ارتضي لنفسه ان يكون عضوا في تنظيم دولي ارهابي؟ كيف يتوب ويندم من تسبب في قتل المصريين من أبناء وطنه في كل محافظات مصر؟ كيف يتوب ويندم من تستر علي قتلة الجنود والضباط الشرفاء في رفح وزرع الفتنة في بلده ويريد ان يشعلها حربا أهلية؟ كيف يتوب ويندم من تخابر ضد بلده مع جهات أجنبية ووعد بإعطاء ارض سيناء لعصابة حماس ليقيموا عليها دولتهم الارهابية المزعومة؟ كيف يتوب ويندم من تسبب في جلب الإرهابيين إلي بلده ليعيثوا فيها فسادا وقتلا وترويعا لأبناء وطنه الأبرياء؟ إن حب السلطة فيروس شديد الفتك بصاحبه, ولم نقرأ في التاريخ أن أحدا من الطغاة تنازل عن الحكم عن طيب خاطر وبملء ارادته عندما تبين له وتأكد وثبت فشله في ادارة البلاد, بل يتشبث بالكرسي ويتمسك بالسلطة ويصر علي الاستمرار في الحكم, يساعده علي ذلك الشياطين من بطانته الذين يجعلونه يعتقد اعتقادا جازما ان الزمان لن يجود بمثله, وانه ليس في البلاد من يستطيع ادارتها بكفء غيره, وان نظيره لم تلده أم حتي الآن, وان جموع الشعب يواصلون الليل بالنهار يسبحون بحمده ويدعون له بطول البقاء. يعيش في هذا الوهم إلي أن يتوفاه الله غير مأسوف عليه كما حدث مع الرئيس حافظ الأسد, والحبيب بورقيبة( الذي بلغ أرذل العمر وهو ما زال وقتها متمسكا بالكرسي) أو يقتل كما حدث مع صدام حسين ومعمر القذافي أو تقام ضده الثورات كما حدث أخيرا مع بن علي ومبارك ومرسي رئيس الأهل والعشيرة. إن أمثال هؤلاء المخربين من الاخوان مآلهم إلي السجون لا محالة أما التوبة والندم فلن يخطرا علي بالهم ولو عاشوا ألف سنة. محاسب صلاح ترجم حلوان