«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفترق الطرق
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 08 - 2013

قيل له إن الطريق إلي المطار حافل هذه الأيام بالمخاطر من جراء مسيرات الإخوان الإرهابية بالكلاشينكوف والمولوتف والأسلحة البيضاء, فابتسم في سره إذ لو علم الإخوان الأعزاء بحجم ما بذله من جهد أسطوري من أجلهم طوال سنوات نوم خليته الظاهري,
ونشاطها السري, لأحاطوا موكب مغادرته المسرحية التي أعطي فيها ظهره للعباد والبلاد بمواكب الزهور ولافتات الامتنان, ولرفعوا صورته بجوار العياط علي رءوس الأشهاد.. وما أن وصل إلي بوابة المطار وعلم بموعد تأخر موعد إقلاع طائرته إلي كعبته في بروكسل لمدة ساعة كاملة حتي فضل القبوع متقوقعا ضاما ساقيه اللتين اعتاد مدهما بحذائهما الأجلاسيه في وجه الجالسين منتظرا في باطن السيارة علي أرض الطريق وهو الذي كان يفتح له مع ضيوفه بإشارة من مكانته وإمكاناته أعتي الأبواب ولو باب ليمان طرة بعد منتصف الليل, في غيبة من مأمور السجن لإجراء مقابلات مع من لا يحق لهم مغادرة الزنازين عن التوجه لصالون الصفوة الV.I.P حتي لا تلمحه عين لائمة, أو تتصيده عدسة ملاحقة, أو يعترضه معترض من ملايين شعب خذله النوبلي بحجة أنه لا يريد إراقة الدماء علي أرض الكنانة من طرفي النزاع, وليعلم المولي أن النوبلي ذات نفسه هو المتسبب الرئيسي في بحور الدماء بعدما كان اعتصامي رابعة والنهضة مجرد طفح جلدي يزول بمرهم موضعي, فسعي بكافة أذرعته وميليشياته إلي تأجيل علاجه بشتي الوسائل ليغدو ورما سرطانيا متحوصلا في الأوردة يصعب استئصاله مع كافة مضاعفاته الخبيثة المستشرية التي تهد الكيان كله.
سافر.. وليته من البدء ما جاء وكان نسيا منسيا.. سافر من وضعناه يوما في منزلة أيقونة الثورة لننتزعه من صدورنا بعدما طعن ظهورنا, لتخل استقالته بصلابة الإطار العام للسلطة الانتقالية الجديدة.. سافر إلي بروكسل منصة إطلاق القذائف الأوروبية الموجهة لمصر ليكون في استقباله الميمون أحد كبار التنظيم الدولي للإخوان كما أخبرنا الخبير الاستراتيجي سامح سيف اليزل ليحتسيا معا نخب البرافو علي طاولة التواطؤ, وليخططا معا معالم تحركات العصابة الأخطبوطية وطابورها الخامس في ثوبه الجديد.. الطابور الخامس المصطلح الجديد الدخيل علي أجروميتنا هذه الأيام الثقال ليعكس في النفوس بلبلة وضيقا وكآبة وقتامة وتشتتا وعجبا أشبه بلوثة, وصداعا نصفيا يكاد يشل الجبين.. عندما أسأل فيلقون في وجهي بقذيفة الاسم الرنان.. غير معقول!!.. عندما ألتاع يكملون عذاباتي بكشف لجوقة العملاء!!.. عندما أدور بين القنوات أجد الاستراتيجيين وكأنها حملة استراتيجية لكشف المستور يدججون معلوماتهم الموثقة بأناس ليسوا أناسا ولا هم مواطنين أسوياء. عندما أصبح التوجس مذهبي.. عندما بدأت أشك فيه وفيها وفيهم, وفي صاحب الوجه الطيب لأن طيبا غيره كان من بين الأسماء.. و..ذهبت أسأل عن مدلول المصطلح الحسابي وجدته عارا علي صاحبه سيظل يحمل جريرة إثمه في عنقه ما عاش ليورثه لأولاده وأحفاده.. و..من حر ناري وجمر غيظي وعظيم إحباطي وتعثر خطواتي وسذاجة استفساراتي وتقهقر سلاماتي ذهبت أفتش في تاريخ التعبير الدنس الطابور الخامس فوجدت نشأته أثناء الحرب الأسبانية الأهلية عام1936 عندما أطلقه الجنرال إميليو مولا أحد قادة القوات الزاحفة علي مدريد وقتها, وكانت القوات تتكون من أربعة طوابير, فقال حينها إن هناك طابورا خامسا يعمل بين الوطنيين في الداخل لحساب جيش الجنرال فرانكو ضد الحكومة القائمة وقتذاك, وقد استخدم التعبير الاتهامي بالنسبة لجواسيس الجيش النازي داخل البلاد المحتلة, وجواسيس الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي.. واستشعر الكاتب الأمريكي أرنست هيمنجواي مدي تأثير المصطلح فكتب قصته الشهيرة بعنوانها المثير الطابور الخامس.. ونعيش أيامنا في عالم عربي ما عاد يحتاج إلي جيش غريب ليغزوه ويدمره, فهو قادر بطابوره الخامس في كل بلد منه علي تدمير نفسه بنفسه, وعلي غزو أراضيه ومدنه, وعلي إحراقها وتخريبها, هذا في مشهد درامي بائس بامتياز لكن البكاء عليه لم يعد يجدي, فقد فات زمن البكاء والوقوف علي أطلال أكثر من بلد في العالم العربي بعدما اتسعت رقعة الهزائم الداخلية وشرعت الذات العربية تلتهم نفسها ولم ير هذا وذاك وغيره كيف فعل ربك بعاد, وفرعون ذي الأوتاد ويا حسرة علي العباد ما يأتيهم من نذير إلا كانوا عنه غافلون.
نهايته.. التي لابد له منها علي أرض مصر.. سافر النوبلي من لا نود له فيها رجعة, بعدما طعن ظهورنا, ونحن الذين كنا بقلوب نظيفة طيبة نغفر له نزواته وشطحاته وخروجاته وسفرياته المفاجئة وغروره, ونصبر عليه حتي تنتهي لعثمة جملته, واجتماعاته المبهمة بالكتاتني, والتحرك بيننا في ثوب خواجة المحاكم المختلطة الذي لا تطوله قوانيننا, كل هذا علي أنه بوب كبير السن, من في منزلة الأب المصاب بتصلب الشرايين, الذي بلغت روحه لمناخيره وعلينا كمريدين وحواريين تدليله وتهدئته والتغاضي عن عصبيته ونرفزته, والتحايل عليه بألا يغضب ولا يهدد ولا يستقيل, ولا يطل علينا بتغريداته التويترية التي تفتق عنها ذهنه العدائي ليقول معركتنا ضد الاستبداد بكل صوره والتي يختمها قائلا ويمحق الله الباطل ويحق الحق بكلماته.. وإن شاء الله يا بوب تستجاب دعوتك ومن بقك لباب السماء.. و..يالجلال وروعة وصدق الفن عندما تختزل ريشة الفنان العالمي مصطفي حسين مشاعرنا تجاه فعلة النوبلي النكراء في لوحة نشرتها الزميلة الأخبار لم يسعني أمام قوة صدقها سوي اقتباسها اليوم واستعادة نشرها كي يصدق من لم يصدق فحوي ما جري, وما اختاره البرادعي له من طريق الندامة اللي يروح فيه مايرجعشي!
نحن الآن في مفترق طرق.. جملة رددها الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام ووزير الدفاع والإنتاج الحربي بالأمس مرتين في خطابه الذي نزل علي أمواج اضطرابنا بردا وسلاما وإيمانا ويقينا بأننا بإذن الله لمنتصرون, ولتذهب الأيقونات والتعاويذ المزيفة إلي مزبلة التاريخ.. مفترق الطرق.. عبارة نتوقف أمامها طويلا, فكل ما يقوله السيسي بدماثة وجهه وسماحة سرده وهدوء أعصابه ورزانة كلماته وتكرارها في بعض المواضع عندما يتطلب الأمر منه توكيده لابد وأن نتمعن فيها, وقد كرر مقولته تلك مرتين.. نحن الآن في مفترق الطرق.. أي مفترق وأية طرق يا سيدي القائد؟!.. ما الذي يقصده من لا ينطق الكلام علي عواهنه؟!.. ما الذي يرمي إليه وهو يدق جرس الانتباه؟! لقد قال قوله وعلي الوجه تصميم وإيحاء وقرار في وقتنا هذا المحسوب بدقة الثواني, المشدود علي نول الأعصاب, المتحفز لالتقاط الشاردة والواردة, المتصيد لانعكاسات المعاني من ذبذبات الإرسال, وشرائط الأخبار وصور القتال.. مفترق الطرق.. الجملة الموجزة الحبلي بكل المعاني والاستفسارات والإجابات والتوجه والاتجاه.. البرادعي.. اختار طريقه, واختار أيمن نور طريقه, واختار أفراد الطابور الخامس طريقهم.. واختار الشعب المصري طريقه, وبما أن الرفيق قبل الطريق فعند مفترق الطرق لابد وأن يكون الاختيار غاية في الدقة.. وقد اخترناه في وضوح شمس الظهيرة وسلمناه القيادة.. قائد جيشنا الذي قال عنه اليوم الشيخ القاسمي حاكم الشارقة: إن الجيش المصري أنقذ العرب من الزوال..
وأراه مفترق الطرق بين الجمود والحركة.. بين مفاهيم تنوء بكلكلها علي العقول لتقودها فتاوي الدخول بالقدم اليمني قبل الشمال, وأن مرسي قد ذكر في القرآن, وأن جبريل عليه السلام قد تجلي في رابعة للإخوان, وبين الرؤي المعاصرة المواكبة للعلم وأحكامه تحت مظلة الدين الذي يعتبر الكون كله في حركة مستمرة, وما النظر إلي ما خلق الله في السماوات والأرض سوي التصديق علي ذلك عندما يوجهنا الله إليه بقوله: والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم, والقمر قدرناه منازل حتي عاد كالعرجون القديم, لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون, وأنت مأمور بالحركة وليس بالجمود قل سيروا في الأرض وتكرر الأمر بالسير في الأرض في أكثر من آية هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور.. الكل في حركة الأرض والسماء والبشر: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل علي العالمين.. و..حتي الماء إذا سكن أسن وأصبح مستنقعا, وإذا تحرك ولدت منه الكهرباء, ونحن نظلم الحجر عندما نصم البعض بأنه متحجر فذرات الحجر متحركة, والله سبحانه وتعالي لم يقسم في القرآن بشيء وهو في حالة ركود وسكون قط: والسماء والطارق, والنجم إذا هوي, والسماء ذات البروج, ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج, حتي القلم حينما أقسم رب الكون به كان في أوج حركته ن والقلم وما يسطرون.. و..نحن في مفترق الطريق نريدها حركة للنهضة بنفس الإيمان والحماس الذي خرجنا فيه للميادين بالملايين.. نبتغيها بمثل ينابيع الماء الحارة المتفجرة من الأغوار.. ننشدها المد الطبيعي لما بعد ثورة سدت الأفق حققت أهم أغراضها وطوت صفحة الكذب باسم الدين, والصلف والسيطرة والتمكين, وكيس الحاوي والقرداتي وعصير الليمون, والرضاعة بالتكييف والفانللا القطن والتحرش بالغيطان, والتشدق بإنجاز المرأة المعيلة, والأصابع الملعب, وكذبة منصة القمح, وقدم النحس, وخدعة ناسا, وحرقوبة الثقافة المعادي للثقافة, ومسئول الإعلام المعادي للإعلام المتبرع لرابعة بعربات الإعلام, وفوز ثلاثة آلاف خطيب إخواني وسلفي في مسابقة وزارة الأوقاف بعد إقصاء جميع خريجي الأزهر, وثلاثية الأزمات المختلقة في السولار والبنزين والكهرباء.. و..الشرعية!!.. طالبينها نهضة حقيقية تأتي هادرة بخيرها لجميع المدن والقري والنجوع والربوع وتحت الأرض وفوق الأرض وفي البراري وعلي الحدود.. نهضة بحق وحقيقي وليست كنهضة مرسي نزرع بذورها بأيدينا يجني ثمارها الصغار ويلحق بركبها الكبار.. نهضة لنفهم مصريتنا وقوميتنا ونعطيها حقوقها ونعيرها قلوبنا, ونتخلص من التعصب الذي عرقل مسيرتنا.. ونحن لا ننتظر تغييرا في مصرنا بل مصرنا هي التي تنتظر تغيرنا.. وإن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم.. مصر في حاجة إلي مشروع وطني كبير يجمع بين المصلحة المحلية والإقليمية والدولية ولا ينقصه الخيال السياسي والاقتصادي والثقافي كي تستطيع إنقاذ نفسها وتعود إلي دور القيادة والريادة.. عايزين لنهضتنا الشباب محمود ومحمد ونجلاء يتمردوا من جديد علي القروض والسلف ومد الإيدين.. علي الإعانات المشبوهة وعطايا السفارات وسفريات التدريبات ووقف السلاح وكسر الجناح.. يتمردوا من جديد علي الكسل والانحناء وخفض الجبين. علي سباب الحيطان وعلي الروتين والمتلونين والمتحولين والمراكب الراكدة والعقول الفارغة والبطون الخاوية والأقدام الحافية والأفلام الهايفة وذيل حصان الرجال وفيروسات الكبد وتضخمات الطحال والأراضي البور ووقف حال السياحة ومعاداة حزب النور للمادة الثانية من الدستور.. يتمردوا علي خلع الرصيف وجبال القمامة وثكنات الجوامع وشماعات الهدوم الزاحفة علي الميادين, وعربات الحلبسة المحتلة الكباري.. عايزينها حركة بناء وتعمير وسقالات للأعالي ودللي الشيكارة جنب الشيكارة واجعد يا حفني ولع لك سيجارة, واحفر هنا نطلع زيت, وخبطة هنا تفجر غاز, واحفر غادي هناك اكشف يا ولد عن كنوز الأجداد, وهيلا هوب هيلا ويا صحراء المهندس جاي.. مصر شرقانة من قبل سنة2012 الكبيسة بأيامها ال366 السوداء للضحكة من القلب, لابتسامة فسلام فموعد فلقاء, لغنوة حب في شارع الجبلاية, لهدير المكن وصفارات المصانع وأعمدة الدخان بأنفاس الرجال, وصباحيات الصغار رايحين مدارسهم لدراسة مناهج عصرية جديدة لا تزرع الطائفية, تعدهم للقيادة واتخاذ القرار.. مصر أرضها التي جرفت واحشها طينها وتحليق أبوقردانها ودوران سواقيها وهديل أبراجها وقمائن طوبها, وعيل بطول عقلة الصباع يجر من وراه جاموسة علو الجبل بقرون, وصبية كغصن البان تميل زلعتها فوق الحواية علي طرف طرحتها تخطر علي الزراعية ما بين صواحبتها ترمي العواف علي الجدع المحني علي فاسه يرفع راسه يبتسم تضيء الابتسامة جبين الهمة المندي بعرق عزيمة الإصرار, يفقع الموال, يهبط بفاسه علي أرض الجفاف تلين مثل العجين شرقانة للبذرة للخضرة لنوارة الثمرة لشجرة صفصاف تسرح شعرها علي الترعة يكركر تحتها المولود في مشنة العيش المرحرح عندما تلعق العنزة الشاردة جبينه مداعبة.. مصر التي أماتها الإخوان طالبة الحياة....
مفترق الطرق الذي لا يجعل خصومتنا للإخوان المسلمين تتعداها إلي الإسلام ذاته, فنحن عندما كرهنا حكمهم وعنفهم وكذبهم وإرهابهم وأفعالهم كان ذلك انتصارا للإسلام الحق, وليس نقضا للإسلام ذاته, ولا يمكن لأحد أن يعلن الخصومة مع الإسلام, فهذا الدين هو الذي جمع الكتب السماوية والديانات السابقة في كتاب واحد, وأن المشكلة تكمن فيمن يدعي الإسلام ولا يطبق تعاليمه, بل علي العكس يعادي الإسلام باسمه, وهذا الفكر تم صنعه في دوائر عالمية بحسب مفهوم الضد النوعي, فالبعض يقتل باسم الإسلام, ويفجر الانتحاري نفسه في وسط مسجد يؤمه مسلمون لأداة الصلاة, والإخوان يأخذون من الدين غطاء وسلما للسلطة لكنهم بعد الحصول علي المبتغي يلغي الآخر, وتسرق الأوطان, ويبتعد عن روح الإسلام, لتطبق الشكليات فقط فيركعون ويسجدون ويخطبون باسم الإسلام, ويشرعون فتوي بالإفطار لممارسة الإرهاب في رمضان ويكفرون الخلق باسم الإسلام, وتغدو المعادلة أن كل معاد للإخوان علماني, وكل علماني معاد للدين, إذا كل معاد للإخوان معاد للدين.. واليوم تطلع علينا صورة محمد بديع المرشد العام للإخوان لحظة القبض عليه التي يظهر فيها شيخا هرما وديعا مسالما زائغ العينين جالسا بجلبابه الأبيض النقي في زهد العائد من عرفات واستكانة جد العائلة التقي الورع الوقور الطاهر فوق مقعد شقة الهروب الكبير, ولابد وأن تكون مسحة الحزن التي تعتليه ليس من أسبابها فقط انقضاء دولته بلا رجعة, وسقوطه من فوق عرش جبل المقطم, وإنما لوفاة نجله في أحداث رابعة, حيث لم يستطع بحال من الأحوال حضور جنازته, ولم يترك له شيطانه فسحة ولا منفذا كي يطل علي قومه مناديا فيهم عودوا إلي منازلكم حقنا للدماء, واللهم لا تشفي في إمام توظيف الدين لتحقيق مكاسب سياسية, ومهندس التماهي بين الجماعة والدين ليصبح أي نقد لجماعته نقدا للدين, والإطاحة بحكمهم إطاحة بحكم الدين في الدولة, وأي دعوة سياسية لهم دعوة للدين, وكان قد جاء في أول خطاب طائفي لبديع الوديع المحرض علي قتل مئات المصريين بقلب بارد وابتسامة سمحة, وذلك علي منصة رابعة: الله أكبر علي كل من طغي وتكبر وخائن ومفرط في حق دينه.. اللهم إنك لتشهد أن الجموع خرجت لنصرة دينك ولتحرير مصر من محاولة سرقة ثورتها.. أي دين يا بديع؟!!.. ومن هو يا وديع الإرهاب لص الثورة؟!!.. ويقسم الإرهابي صفوت حجازي ثلاث مرات بالله العظيم بعد القبض عليه وفي جيبه الخلفي سلاح ناري بارز: والله العظيم.. بالله العظيم.. والله العظيم لو أني أعرف أن في ميدان رابعة العدوية سكينة واحدة تؤذي عسكري مصري لكنت أول من يترك رابعة.. ويستمرئ الكاذب كذبه ليداهن محققيه: لا أمانع أبدا في محاكمة مرسي.. الإخوان فاشلون.. وهكذا يلوك المرشد وصبيه الكذب المتبجح تحت عباءة الإسلام لتصدق الآية: فتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا صدق الله العظيم..
و..نحن علي مفترق الطرق لا نعول كثيرا علي جماعات حقوق الإنسان, المقصورة منافعها علي أوروبا والولايات المتحدة, فأين منها والمذابح تجري في سوريا مما أدي إلي قتل أكثر من100 ألف والبقية تأتي مع استخدام السلاح الكيماوي, حيث يقضي عشرة أشخاص نحبهم كل ساعة ومعظمهم من الأطفال الذين ترص جثثهم في صفوف كتلاميذ المدارس الأحياء.. لقد دمرت سوريا بأكملها من دون أن نسمع همسة واحدة من المجتمع الدولي الذي يتشدق بحقوق الإنسان.. أين تلك الحقوق منها من الصولمال المستعمرة البريطانية التي أعلنت استقلالها عام1960 ليموت فيها طفل جوعا كل ست دقائق, وسيراليون التي تملك أهم مناجم الماس والذهب واليورانيوم في العالم وتعد أفقر دولة فيه رغم استخراج بلجيكا من تربتها سنويا مليون قيراط من الماس لتبيعها في الأسواق بملايين الدولارات! ونيجيريا التي تجني كل من الولايات المتحدة وبريطانيا أكبر عائداتها النفطية منها بينما يعاني أكثر من خمسة ملايين مواطن نيجيري فيها مرض الإيدز, بل ويولد الأطفال مصابون به.. ومالي.. أحد أفقر دول العالم التي تحجبها فرنسا عن العالم الخارجي رغم استقلالها عام1960 لتظل تستنزف مخزونها الضخم من الذهب والماس والغاز الطبيعي من خلف الستار!.. وفي أفغانستان قتل24% من السكان خلال الستة أشهر الأخيرة.. و..في مصر أضع أصبعي علي خريطة بلدي أتتبع مجري النيل وأتساءل: كيف يمكن أن تستقيم المعادلة بين كل هذا العنف الإخواني وبين كل هذا الجمال؟!.. النيل الذي أراد مرسي خنقه وتجفيفه وفضح من أراد أن يفكر بصوت عال لإنقاذه في مؤتمر مفتوح مذاع علي جميع الساحات.. النيل الأكثر تسامحا في العالم, لكنه أبدا لن يسامح من تآمر علي مائه وفيضانه وأمنه وخيره, وظل يردد كذبا وقحا في المحافل والقاعات بأنه لن يفرط في كوب ماء واحد!!.. وعلي مفترق الطرق لابد وأن نضع نصب أعيننا أن الأمن القومي المصري يبدأ من البوابة الشرقية لمصر ويتجاوز سيناء, ومعظم الغزوات التي استهدفت مصر انطلقت من الشرق من شبه جزيرة سيناء, ويشير عبقري الجغرافيا جمال حمدان إلي ظاهرة مهمة في جغرافية مصر وتاريخها منذ القدم وحتي الآن, وهي أن الدلتا في حقيقتها مفتوحة ومكشوفة من الشرق, لذلك فإن السيناريو المفضل لمعظم غزاة مصر عبر العصور هو اختراق سريع لسيناء يؤدي إلي الوصول إلي الدلتا بتهديد حقيقي للأمن المصري في عقر الدار, وهو ما قدمه ابن العياط عندما زرع جذور الإرهاب فيها جزاء ما قدمته له مصر, لذا يصف حمدان طريق سيناء بأنه طريق الغزاة لكثرة ما عبره من جيوش!! و..نسي حمدان أن مصر ستظل دائما مقبرة الغزاة, وأن جيشها خير أجناد الأرض, وأن قائدنا قال لنا مصر أم الدنيا وستبقي أد الدنيا.. وأن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود قال إن مصر الإسلام والعروبة والتاريخ قادرة علي العبور إلي بر الأمان, ويومها سيدرك كل من يؤيدون الإرهاب الذي يدعون محاربته أنهم أخطأوا يوم لا ينفع الندم..
مفترق الطرق.. كان نقطة الانطلاق التي أخذ كل حكام مصر من أول الملك مينا حتي أنور السادات وجهته وتوجهه منها خلال سنوات حكمه لتنعقد جلسة المحاكمة التاريخية الجماعية لهم أمام عرش أوزوريس الذهبي الذي اتخذ إيزيس عضوا لليمين, وحورس عضوا للشمال, وكان كاتب الجلسة الأديب نجيب محفوظ الذي سجل وقائعها في روايته السياسية أمام العرش عام1983 حيث أدلي كل من الحكام علي مدي التاريخ المصري بخلاصة تجربة الطريق, فجاء في البداية الملك أخناتون ليقول:
- أدعو للاستمساك بعبادة الإله الواحد باعتباره المعني والخلود والتحرر من أي عبودية أرضية.
وقال الملك مينا:
- والحرص علي وحدة الأرض والشعب, فالنكسة لا تجيء إلا نتيجة لخلل يصيب هذه الوحدة.
وقال الملك خوفو: علي مصر أن تؤمن بالعمل, به شيدت الهرم, وبه تواصل البناء.
وقال أمحتب وزير الملك زوسر:
- وأن تؤمن بالعلم فهو القوة وراء خلودها.
وقال الحكيم بتاح حتب:
- وأن تؤمن بالحكمة والأدب لتنعم بنضارة الحياة وتنهل من رحيقها.
وقال الثائر أبنوم:
- وأن تؤمن بالشعب والثورة لتطرد وتنمو مسيرتها نحو الكمال وشعارنا أن تربية فلاح خير من بناء معبد.
وقال الملك تحتمس: وأن تؤمن بالقوة التي لا تتحقق حتي تلتحم بجيرانها.
وقال سعد زغلول:
- وأن يكون الحكم فيها من الشعب من أجل الشعب.
وقال جمال عبدالناصر:
- وأن تقوم العلاقات بين الناس علي أساس العدالة الاجتماعية المطلقة.
وقال أنور السادات:
- وأن يكون هدفها الحضارة والسلام.
وهنا قالت إيزيس: ليضرع كل منكم إلي الإله أن يهب أهل مصر الحكمة والقوة لتبقي علي الزمان منارة للهدي والجمال.
فبسط الجميع أكفهم واستغرقوا في الدعاء.
لمزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.