النقود هي واسطة المعاملات التجارية. وقد كان الإنسان في أوائل أطوار نشوئه يعتمد في معاملاته علي المقايضة أي أن السلع كانت تقوم عنده مقام النقود. وتاريخ النقود متصل اتصالا وثيقا بتاريخ الفنون والأساطير وسياسة الممالك.. ولم يذكر التاريخ مملكة ظهرت في العالم إلا ظهرت معها عملتها الخاصة فإذا سقطت لم تعش تلك العملة.. ولم يشع استعمال النقود المعدنية إلا في القرن السادس قبل الميلاد, أما الذهبية منها أول من سكها قارون ملك ليدية الذي يضرب به المثل في الغني.. ومنذ ذلك الحين كان لكل دولة نقود معدنية خاصة بها. ومن هنا بدأ استعمال الذهب والفضة لما يتصف به هذان المعدنان من صفات تضعهما في مكان الصدارة وأول من عرب النقود هو الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان(866 ه) إلا أن العملة المصرية لم تنتظم إلا في عهد الخديو إسماعيل.. الذي في عهده جعل الجنيه الذهب من عيار واحد وعشرين قيراطا واستعملت في عهده أيضا قطع مختلفة من النقود أشهرها قطعة العشرة القروش( نصف الريال) وقطعة الخمسة القروش والقطع نحاسية... وظلت تلك النقود شائعة في مصر إلي أوائل القرن العشرين. تزييف النقود أما التزييف فيطلق علي غش العملة المتداولة قانونا بين أفراد الشعب سواء العملة المعدنية أو الورقية... فقديما قال العرب(( زافت الدراهم)) أي صارت مردودة لغش فيها. ومن أقدم عمليات التزييف عملية تزييفJiaozi و هي عملة ورقية صينية ظهرت لأول مرة في مقاطعة سيشوان في الصين و تتبع لسلالة سونغ الصينية الحاكمة التي انتشرت بشكل كبير في الصين ومع هذا الانتشار انتشرت أعداد كبيرة من الأوراق النقدية المزيفة مما دعا بحكومة سونغ الحاكمة أن تؤسس دائرة خاصة تقوم بالاشراف علي إصدار الأوراق النقدية و منع تزوير العملات النقدية, و في محاولة منها لمنع التزوير, قامت هذه الدائرة بإصدار أختام خاصة تطبع علي الأوراق النقدية, أطلق عليهاBaochaoYin معني باوشاو نقود و معني ين ختم و غالبا ما تكون في الوسط و علي درجة عالية من الجودة لا يمكن تقليدها لتميزها عن الأوراق النقدية المزيفة.. ومن أشهر عمليات التزييف النقدي في التاريخ المعاصر تلك التي قام بها الرايخ الثالث إبان الحرب العالمية الثانية حيث دأب علي تزييف الجنيه الإسترليني في عملية سرية سميت ب' عملية بيرنهارد' وتعد تلك العملية من أنجح عمليات تزييف العملة وقد تم إنتاج ما يقارب130 مليون جنيه إسترليني منذ1942 حتي.1945 ولعل من أهم ما يميز جريمة تزييف العملة إنها تعد من جرائم التقدم الحضاري حيث إنها تكون أكثر تطورا وانتشارا مع تطور المدنية وانتشار العلوم والفنون ووسائل الطباعة الحديثة إذ يتطلب ارتكابها تجنيد مختلف العلوم والمعارف الفنية والصناعية كما إنها تحتاج لعمليات ذهنية وذكاء ومهارة وخبرة, وهي جريمة ذات طابع دولي فهي تمس مصالح أكثر من دولة, فان عصابات التزييف المحلية والدولية قد تتكون من أفراد ذوي جنسيات مختلفة يختارون تبعا لنوع تخصصهم الفني الذي تتطلبه مراحل عملية التزييف المختلفة وهذه العصابات تلجأ لتزييف العملات ذات القوة الشرائية الكبيرة في الأسواق العالمية فهي جريمة لا تشكل خطرا علي ائتمان الدولة صاحبة العملة التي زيفت فحسب بل إن أثرها يمتد ليشمل الدولة التي وقع علي أرضها التزييف والدولة التي يتم فيها الترويج ولذلك فهي تشكل خطرا علي العلاقات الاقتصادية بين الأمم وأكثر من هذا كانت عملية تزييف النقود سلاحا من الأسلحة التي لجأت إلي استعمالها الدول المتحاربة في الحربين العالميتين الأولي والثانية ومما يبرز مدي خطورة هذه الجريمة وتأثيرها السلبي علي المجتمع فقد كانت عقوبتها الإعدام في مستهل القرن ال19 في كثير من البلدان. التزييف الكلي وهو النوع الأكثر شيوعا في جريمة التزييف ويهدف فيه المزيف إلي اصطناع عملة متكاملة' غير حقيقية' تحاكي في مظهرها العملة الصحيحة ولكنها في حقيقتها تختلف عنها اختلافا كليا.. والتزييف الكلي له وسائله وأساليبه وأدواته في كل من العملات المعدنية والعملات الورقية. ويمكن تقسيم الأساليب التي يتبعها المزيفون إلي قسمين رئيسيين: القسم الأول منها ويتضمن تزييف العملات الورقية بالرسم اليدوي والقسم الثاني يتضمن التزييف بالطباعة. تزييف العملات الورقية بالرسم اليدوي ويتوقف هذا الأسلوب علي مهارة الشخص في فن الرسم اليدوي والزخرفة وتسير عملية التزييف بوسائل أقرب ما تكون إلي وسائل تزوير المخطوطات والتواقيع و كالتقليد النظري أو الشف المباشر أو النقل عن طريق وسيط مثل ورق الكربون أو الورق الشفاف. وقد تجتمع هذه الوسائل جميعها أو بعضها في ورقة مزيفة واحدة. والعملات المزيفة بهذه الطريقة تتسم باختلاف الأبعاد والمسافات التي تفصل بين مكونات الورقة من كتابات ورسوم وزخارف في الورقة المزيفة عنها في الورقة الصحيحة و تتسم أيضا باضطراب الزخارف والنقوش وفقدانها ما بينها من وحدة وترابط المتوفران في الورقة الصحيحة ومن المحتمل الوقوع في بعض الأخطاء الإملائية في الألفاظ المكتوبة باللغة العربية أو اللغة الأجنبية لقلة دراية المزيف باللغتين أو إحداهما. التزييف بالطباعة تزييف العملات الورقية بالطباعة هو الأسلوب الأكثر استخداما في عالم التزييف ويتسم بالخطورة الزائدة عن التزييف بالرسم اليدوي وذلك بسبب إمكانية إنتاج كميات كبيرة من العملات المزيفة ويتبع المزيف هذا الأسلوب للحصول علي مستوي أعلي درجة وأكثر إتقانا لأن عملية الطباعة توحي بالثقة في نفوس الجماهير. والأدوات الرئيسية في عملية التزييف بالطباعة تجهيز الكليشيهات من صور فوتوغرافية لمكونات الورقة الصحيحة وتتعدد الكليشيهت تبعا لتعدد الألوان والزخارف بالورقة الصحيحة, تداولها, آلة الطباعة, الألوان, آلات الترقيم و الورق. ويلجأ المزيف إلي أساليب تظهر القدم علي الورقة المزيفة حيث يقوم بتمزيق الورقة في مواضع الثني الطولية والعرضية ثم لصقها بأوراق لاصقة في أماكن التمزيق أو معاملة الورقة بمحلول يحتوي علي حامض التانيك مثل مشروب القهوة أو الشاي لبيان كثرة تداولها بين المواطنين وبذلك يبث الطمأنينة في نفس الشخص