دعا علماء الأزهر, جميع المصريين إلي ضبط النفس وحقن الدماء والحفاظ علي الممتلكات العامة والخاصة, والعودة إلي مائدة الحوار حتي تعبر مصر أزمتها بسلام. كما حذر علماء الدين من ترويع المواطنين وحرق وتدمير الممتلكات العامة والخاصة وتعطيل عجلة الإنتاج والمرافق والتقاتل وسفك الدماء بين أبناء الوطن الواحد. وأكد العلماء أن الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ النفس والمال والعرض, وناشدوا الغيورين علي مصر حث الشعب علي وأد هذه الفتنة وعدم الانسياق وراء تلك الدعوات الهدامة, والانصياع لمن يحولون الصراع السياسي الي صراع ديني أو طائفي, والتصدي لمن يستغلون ورقة الدين لتحقيق مكاسب سياسية. وأكد علماء الأزهر رفضهم للمحاولات المغرضة للنيل من القوات المسلحة والتقليل من هيبتها وفتاوي تكفير قاداتها, واعتبروا ذلك تطاولا علي الوطن والعروبة والإسلام بأكمله, وانه لولا وجود هذا الجيش العظيم لانعدم الأمن والأمان في المجتمع بأكمله. وشدد الدكتور احمد عمر هاشم, عضو هيئه العلماء, علي حرمة إراقة الدم المصري, مطالبا بالضرب بيد القانون علي كل من تسول له نفسه إشاعة الفوضي والإفساد في الأرض أيا كان, مؤكدا أنه لا أحد أكبر من وطننا العزيز مصر. كما طالب باتخاذ كافة السبل لمواجهة هذا الخطر الداهم في هذا الوقت العصيب, والذي يهدد البلاد والعباد, كما ناشد الشعب المصري بكل فئاته وتياراته حفظ الدماء والأموال والأعراض, وعدم التعدي علي حقوق الآخرين والمحافظة علي أمن الوطن الذي هو أمن كل مصري, وأن نلتزم السلم وأقصي درجات ضبط النفس في كل المواقف, وأن يعمل كل إنسان بكامل طاقته حتي لا تغرق سفينة الوطن, وتكمل مسيرتها للنهضة المنشودة. وأهاب بكل مصري أن يرعي الله تعالي ويتقيه ويبذل كل جهد في حل مشكلات الشعب لإعادة الأمن والأمان إلي الشارع. وتحكيم العقل والحكمة والمنطق وتغليب الصالح العام علي المصالح الضيقة والانصراف عن هذه الدعوات الهدامة. وتفويت الفرصة علي من يريد أن يوقع فتنة بين أبناء هذا الوطن. حرمة الدماء من جانبه أكد الدكتور محمد الأحمدي أبوالنور, وزير الأوقاف الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء, أن تعظيم حرمة دم المسلم مبدأ إسلامي أكده القرآن كما أكدته السنة النبوية, وان التخلي عن هذا المبدأ أو الاستهانة به عبر التاريخ كان سببا في تخلف المسلمين وتحكم غيرهم فيهم, والنبي صلي الله عليه وسلم حذر أشد التحذير من أن يستهين المسلم بالمسلم في دمه أو ماله أو عرضه. وطالب جميع القوي السياسية والمعارضة أن ينقوا صفوفهم ممن يمتثلون للأوامر التي تحثهم علي التخريب أو التدمير أو القتل أو مواجهة الشرطة أو القوات المسلحة, وجمع الشمل علي ما يحقق مصلحة المجتمع سواء من جانب الحكام أو المحكومين, وأن نتعاهد علي ألا يواجه أحدنا الآخر بالعنف, وأن تكون الكلمة العليا للحوار السلمي حتي لا نتورط في ما حذرنا منه النبي صلي الله عليه وسلم حين قال: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض أي لا تكونوا مستخدمين لسلاح التكفير أو التنقيص أو التحقير حتي تهون عليكم دماؤكم وتبددوا قوتكم. وقال الدكتور أحمد كريمة, الأستاذ بجامعة الأزهر, إن ما يجري الآن من فتن, وصراع علي الكرسي لا علاقة له بالدين من قريب أو بعيد. وإن الانتماء لتعصبات دينية أو سياسية, يخرج عن صحيح هذا الدين, فقال تعالي إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء, وطالب العقلاء والحكماء والشرفاء, بتطبيق قول النبي صلي الله عليه وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وأن ورقة الدين عند استخدامها خطأ في ألاعيب وميادين السياسة تؤدي إلي الفرقة والتناحر بين أبناء الأمة, وان الذين يرفعون رايات التعصب والتمذهب والتحزب ويتصارعون ويتكالبون علي أمور الدنيا ليسوا من سماحة الإسلام في شيء, والذين يرفعون رايات العنف الفكري ويستبيحون حرمات الوطن ويتعدون حدود الله, يحذرهم الله تلك حدود الله فلا تقربوها. الجيش عماد الدولة وردا علي فتاوي تكفير قيادات الجيش والإساءة إلي القوات المسلحة التي أطلقها عدد من المنتمين للتيارات الإسلامية المتشددة, أكد الدكتور أحمد عمر هاشم, أن الجيش في كل دولة هو عمادها بعد الله وقوتها المكافحة عن أرضها وعرضها وأبنائها, وان المساس به يعد مساسا بكرامة الدولة بأكملها, وأن محاولة النيل من القوات المسلحة عمل غير مقبول شكلا ولا موضوعا, لأن للقوات المسلحة مكانتها المحفوظة في ذاكرة التاريخ منذ أن استردت هيبة مصر والعروبة فحققت النصر, ولولا جيشنا العظيم ما كان أحد آمنا علي نفسه وعلي ماله وعرضه, فعظمة الأمم وقوتها تقاس بعظمة قواتها المسلحة, ولذلك عرفت عبر عصور التاريخ بمكانتها في قلوب الناس جميعا. ويضيف أنه واجب الجميع أن يتقي الله في هذا البلد وجيشه ولا يتطاول احد عليهما لأن هذا مردوه عكسي علي كل أبناء الوطن, خاصة ونحن في مرحلة فارقة تستوجب علي كل مواطن مخلص لدينه وعقيدته أن يدافع عن وطنه وقواته لا أن يجرح في الوطن وقواته ويهز الثقة بهما لأن هذا معناه أن يمكن العدو المتربص بالأمة وهذا ما يريده أعداء مصر والوطن بعد أن استطاعوا بحيل سابقة أن يفككوا أقوي جيشين لدي الأمة العربية في سوريا والعراق. لا لدعاة التكفير ويقول الدكتور القصبي زلط, عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف, إن الإسلام يصون كرامة الإنسان كما يصون عرضه ودمه, وان أي حديث يحمل تطاولا من إنسان علي إنسان آخر مذموم شرع, ونري ذلك في قول رسول الله صلي الله عليه وسلم:( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر), وعندما ننظر الآن إلي من يتطاول علي قادة الجيش, فنري أن هذا لا يجوز شرعا وإذا أباح الإسلام النقد البناء فإنه حرم التطاول والإيذاء باللسان فمن حقي أن انتقد سلوكا أو تصرفا, لكن ليس من حقي أن أتطاول أو أجرم أو اسب أو العن ومن العجب أن تثار القضية المطروحة علي الساحة الآن علي أساس الإسلام والكفر فهي قضية سياسية كما قلنا أكثر من مرة ولا يصح أن تنقل إلي حرب بين مسلمين وغير مسلمين, فالتكفير أمر محرم شرعا ولا يجوز تكفير مسلم أو إنسان إلا بيقين, وقال الرسول صلي الله عليه وسلم: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما. ويضيف الدكتور القصبي أنه لا يصح مهاجمة الرموز الوطنية ولا قادة الجيش وإذا كان هناك نقد فليكن النقد بناء بلا تطاول أو هجوم, وأنه لابد من الحوار, والحوار لا يصح أن يتمسك فيه كل فصيل بما يريده بل عليه ان يتنازل عن بعض ما يريده حتي تتوحد الكلمة ويجتمع الشمل ولعلنا نلمح ذلك من قوله سبحانه: إن الله يأمر بالعدل والإحسان, فالعدل أن يأخذ كل فرد حقه والإحسان أن يتنازل عن جزء من حقه حتي تتوحد الصفوف وتجتمع الكلمة فعلي الجميع أن يراعي المصلحة العامة وليس المصلحة الشخصية وتقديم المصلحة العامة فيه غمط للنفس عن أهوائها ورفعة للبلد الذي نعيش فيه, ما أجمل أن نقدم المصلحة الوطنية, وما أجمل أن تتم المصالحة علي أساس الحوار الهادئ والأولويات التي ينبغي أن تراعي. دعوة للمصالحة ويختم الشيخ سعيد عامر أمين عام لجنة الفتوي بالأزهر الشريف, بالقول إن النبي, صلي الله عليه وسلم, قد شهد في جيشنا البواسل وقال إنهم خير أجناد الأرض, وهؤلاء لا ينكر أحد منا ما يقومون به من تضحية وفداء وبذل وعطاء في الحفاظ علي حدود البلاد وأمنها ولهم كذلك اليد الطولي في التعاون مع الشرطة, تقف بجوارها ضد معاول الهدم والفساد ليعود الأمن والأمان في الشارع المصري فلابد أن نثق في هؤلاء الأبطال ولا ينبغي أن نقود حملة تشويه ضدهم لأن ذلك ضد مصلحة الوطن, مصر التي أوصي النبي صلي الله عليه وسلم بأهلها خيرا, وعلي رأس هؤلاء القادة لا يجوز ولا ينبغي لأحد منا أن يقلل من شأنهم أو أن يسخر منهم, فضلا عن تكفيرهم فتلك من القضايا الكبري وهي الكلمة العظمي التي إذا قالها أحد لغيره تبوء علي أحدهما, وأن نعود إلي سنة النبي صلي الله عليه وسلم الذي كان دائما وأبدا يقول اللهم اهد قومي. ويضيف أن حقن الدماء يجب جميعا أن نحافظ عليه فالإمام الحسن بن علي رضي الله عنه,خامس الخلفاء الراشدين تولي الخلافة بعد أبيه سيدنا علي بن أبي طالب, وتنازل عنها حقنا للدماء وحفاظا علي دماء المسلمين وتحدث مع قادة جيشه وأصحابه بسماحة الإسلام وضرورة أن يكون المسلمون يدا واحدة والحفاظ علي حرمة دمه وأن المسلم إذا قاتل أخاه المسلم فالخاسر هم المسلمون أنفسهم, كذلك المصري إذا قتل المصري فالخاسر هو أهل مصر جميعا فنحن نركب سفينة واحدة, ودماء المسلمين أكبر عند الله من الكعبة نفسها.