في رمضان شهر الخيرات تجلت مظاهر التعاون والتكافل بين المجتمع, ووجه أهل الخير صدقاتهم, وتبرعاتهم إلي المؤسسات الخيرية ومستشفيات الأطفال والمناطق العشوائية والفقراء والمحتاجين. علماء الدين من جانبهم, يؤكدون ضرورة استمرار هذه الروح طوال العام, وأجازوا توجيه أموال الزكاة والصدقات للمساهمة في بناء مصر ودعم المشروعات الوطنية والاقتصاد الذي يعاني الأزمات السياسية المتلاحقة. كما طالبوا الجميع بالمساهمة في دعم هذه الصناديق المخصصة لدعم الاقتصاد المصري بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والحزبية. بناء المجتمع يقول الدكتور حامد أبو طالب, عضو مجمع البحوث الإسلامية, إن دعم الصندوق من أموال الصدقات أمر واجب, وإن القادرين الذين يعتمرون ويحجون كل عام بأموالهم من الأفضل أن ينفقوا هذه الأموال في تدعيم هذا الصندوق مادام الحاج والمعتمر قد أدي الفريضة قبل ذلك, فتصبح نافلة وفائدتها تعود عليه وحده, بينما التبرع بهذه الأموال لصندوق دعم مصر سيعود نفعه علي ملايين المصريين ويعم نفعه علي الأمة المصرية وهو أفضل عند الله كثيرا, ولا شك أن المتبرع هذا إذا نوي في تبرعه أن يدعم مصر والفقراء وإيجاد فرص عمل لهم, فسيجازي بهذه النية من الله سبحانه وتعالي وسينال ثوابا أضعاف ما يناله من الحج والعمرة النافلة. من جانبه أوضح الدكتور محمد الدسوقي, أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة, أنه إذا كانت الدولة التي تقود المجتمع لها ظروف اقتصادية متعثرة فعلي أهلها أن يسهموا في بنائها, لأن خيرها يعود علي المجتمع كله, فمن لديه مال ولا يسهم في تحقيق الاستقرار والرخاء يكون كانزا للمال, قال تعالي: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم, فهذه الأموال تصبح نقمة علي أصحابها تكوي بها جنوبهم, وهذا التعاون والبذل أمر مشروع بل مفروض عند وجود الضرورة, فعلي الناس أن يسهموا في دعم صندوق الدولة حتي تستطيع أن تنهض بميزانيتها وتستطيع الوفاء بواجباتها تجاه الشعب وعلي رأس هذه الواجبات توفير فرص عمل للعاطلين. وأيا كان الانتماء السياسي فإنه يجب علي الجميع المساهمة في بناء الوطن وإعلاء مصلحته فوق كل شيء, حتي تستطيع الدولة تحقيق الكفاية للحياة, فكل فرد في المجتمع يجب أن يتمتع بهذه الكفاية وبالتالي يعيش الناس في أمن وتختفي صور البلطجة والإرهاب والتعدي علي الناس والسرقات وغيرها. الصدقات والزكاة ويضيف الدكتور محمد الدسوقي قائلا: إن مساعدة الدولة تعد نوعا من أنواع الجهاد والإنفاق في سبيل الله, وهذا الدعم يدخل في باب الصدقات, ولا يدخل في باب الزكاة لأن الزكاة لها مصارف خاصة مشروعة يجب المحافظة عليها وصرف الأموال فيها, ومع هذا يجوز عند الضرورة أيضا أن نأخذ جزءا من الزكاة لأن من مصارفها أيضا في سبيل الله وهي كلمة عامة يندرج تحتها كل ما يحقق الخير للأمة ويدرأ عنها كل ما هو شر. وطالب رجال الأعمال بدفع زكاتهم كاملة وأن يسهموا في دعم المشروعات الوطنية وصناديق جمع التبرعات المخصصة لهذا الغرض, وأضاف قائلا:الزكاة حق للفقراء والمساكين وأصحاب هذا الحق سيطالبون يوم القيامة بأن تعطي لهم حقوقهم, يقول الله عز وجل: وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم وللأسف الشديد ما فرط المسلمون في العصر الحاضر في فريضة من الفرائض كما فرطوا في الزكاة, لأنها لا تخرج بصورة منظمة فإن أخرجت بشكلها الصحيح فلن يوجد في المجتمع عاطل أو متسول أو فقير, ومهمة جمع الزكاة وإنفاقها في مصارفها المشروعة مسئولية ولي الأمر, ورحم الله أبا بكر الصديق الذي حارب مانعي الزكاة مع أنهم كانوا مسلمين, فمن حق ولي الأمر إذا لم يعطها الناس اختيارا أن يأخذها جبرا. دعم لمصر من جانبه يقول الدكتور عبدالفتاح إدريس, أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر, إن التبرع لمثل هذه المشروعات والصناديق الخيرية, يعد دعما للدولة والفقراء والمساكين والمحتاجين من أفراد هذا المجتمع, ولهذا فإن دفع الزكاة إليه إنما هو دفع الزكاة في مصارفها الشرعية, يضاف إلي هذا أن بوسع من يكفرون عن أيمانهم أو عن فطرهم في رمضان أو من يكفرون عن أي شيء ارتكبوه إذا كانت الكفارة إطعاما أو بديلا عنه متمثلا في النقود فإنه من الممكن أن يبذل ذلك في هذا الصندوق. وفضلا عن هذا فإن صدقة التطوع إذا قدمت في هذا الصندوق فإنها تقع في مكانها وبهذا فإن الصندوق هو البديل للتوزيع العشوائي بأنواع الزكاة علي أفراد المجتمع وذلك لأنه سيتحري المستحقين لهذه الزكوات بدلا من صرفها بعشوائية وتخبط كما يحدث في كثير من الأحيان. أو إعطائها لغير مستحقيها. وإن مثل هذا الصندوق, ربما يكون نواة لدعم مصر واستغنائها عن القروض الأجنبية المذلة والمساعدات الأجنبية المشروطة, والتمويل الذي يتم لجمعيات مشبوهة في المجتمع.