مع تصاعد حدة التوتر والجمود الذي أصاب العلاقات الروسية- الأمريكية جراء منح موسكو الأمريكي إدوارد سنودين حق اللجوء المؤقت حذرت صحيفة التايمز البريطانية أمس من أن منطقة الشرق الأوسط تحولت إلي ساحة حرب باردة جديدة بين الولاياتالمتحدةوروسيا, وذلك بعد مرور أكثر من عقدين علي انهيار الاتحاد السوفيتي السابق. ولكنها حذرت في الوقت ذاته من أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما مهدد بخسارة الحرب هذه المرة لصالح نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وأشارت الصحيفة إلي أن بوتين يبدو عازما علي تحدي أوباما بكل ما في وسعه, حيث تقوم روسيا بدعم سوريا وتقاوم عملية تكثيف الضغوط والعقوبات علي إيران وتعزز العلاقات مع إسرائيل, كما دخل أسطول المحيط الهادئ الروسي لأول مرة البحر الأبيض المتوسط منذ عقود في مايو الماضي. وأشارت التايمز إلي أن العلاقات بين الدولتين تعرضت لضربة قوية نظرا لقرار الكرملين بمنح سنودين الموظف السابق بجهاز الأمن القومي, الذي سرب أسرار برنامج المراقبة الأمريكية حق اللجوء المؤقت, مما دفع أوباما إلي إلغاء اجتماع قمة مع بوتين في روسيا كان من المقرر انعقاده علي هامش قمة العشرين الاقتصادية خلال الأيام المقبلة. أما بالنسبة لسوريا, فقد أكد التقرير أن روسيا تدعم الرئيس بشار الأسد الذي يضيق الخناق علي المعارضة المدعومة من واشنطن, كما أن القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس السوري تعتبر موطئ قدم حيوي في البحر المتوسط. وأضافت الصحيفة أن روسيا تقدم منذ فترة طويلة مساعدات لإيران في المجال النووي, كما تعرقل محاولات واشنطن حيال اتخاذ موقف أكثر تشددا مع طهران. ويتزامن تقرير التايمز مع تقرير لصحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية يرصد تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط, حيث أشارت الصحيفة الأمريكية أنه إذا كان الربيع العربي لم ينجح في تحقيق الديمقراطية, فإنه أكد علي نحو واضح أيضا زيف الأوهام الخاصة بحجم النفوذ الأمريكي علي عدد من الحكومات العربية كان الأمريكيون يظنونها عميلة لهم. واعتبرت الصحيفة مصر مثلا علي صحة رأيها معيدة إلي الأذهان محاولات إدارتي جورج بوش و باراك أوباما قبل عام2011 توجيه الرئيس المخلوع حسني مبارك صوب الديمقراطية, فما كان منه إلا أن تجاهل تلك المحاولات. ثم اقتربت بالذاكرة إلي العام الماضي عندما ناشدت إدارة أوباما الرئيس المنتخب بحرية( آنذاك) محمد مرسي بأن يجعل حكومة الإخوان أكثر شمولا, فما كان من مرسي هو الآخر إلا أن تجاهل مناشدة أوباما. ووصلت إلي الوقت الحاضر مشيرة إلي توسل الولاياتالمتحدة إلي وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بالامتناع عن اللجوء للقوة, متسائلة عما إذا كان السيسي سيستجيب أم لا. وتأتي هذه التقارير الصحفية التي ترصد نذر الحرب الباردة بين البلدين في الوقت الذي دعا فيه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأطراف المعنية بالعلاقات الروسية الأمريكية إلي التركيز علي محتوي هذه العلاقات, وليس التركيز علي عناوين الصحف علي حد تعبيره. وأوضح لافروف عقب حضوره جلسة مشاورات في واشنطن ضمت وزراء الدفاع والخارجية من روسيا وأمريكا أنه تم التأكيد علي تأجيل اجتماع القمة بين أوباما وبوتين وليس إلغاءه, مشيرا إلي أنه تم خلال الجلسة إعادة صياغة عدد من الوثائق المهمة والخاصة باجتماع الرئيسين, حيث صدر بيان مشترك حول العلاقات الثنائية بين البلدين, وبيان آخر حول تعزيز التعاون علي صعيد الاقتصاد والاستثمار. كما صدر بيان حول التعاون الثنائي في المجال النووي ومجالات أخري. وفي تعليق علي دعوة أوباما لوقفة لإعادة تقييم العلاقات الروسية الأمريكية,أكد رئيس لجنة الشئون الدولية في مجلس النواب الدوما الروسي ألكسي بوشكوف إن موسكو ليست هي من خلق وضعا متأزما في العلاقات الثنائية مع الولاياتالمتحدة. وأوضح أن الوقفة في العلاقة مع روسيا يمكن أن تكون مفيدة فقط في حال تمكنت الإدارة الأمريكية من استخلاص النتائج الصحيحة من التحليلات و التقيمات التي تنوي إجراءها. وأضاف: أنه في حال نظرت واشنطن بتمعن إلي أسباب الوضع المتأزم الحالي فإنها ستلاحظ أنه ليست روسيا هي من خلق هذا الوضع, ضاربا أمثلة علي ذلك بأنه ليس روسيا هي من انتقد الانتخابات الأمريكية, بل علي العكس واشنطن هي من انتقد الانتخابات في روسيا.