اتفقنا مع اثيوبيا علي ضرورة الحفاظ علي الأمن المائي لمصر وقعنا بيانا رسميا مع الخارجية الاثيوبية بأن سد النهضة لتوليد الكهرباء فقط الخارجية لا تعمل لحساب أي شخص أو نظام ولم نتخل عن مصلحة الوطن الحكومة المقبلة مهمتها ليست سهلة.. وقضية المياه أهم الاولويات قدم استقالته للرئيس مرسي تضامنا مع مطالب الشعب المصري قبل مظاهرات30 يونيو, واعتذر عن عدم الاستمرار في حكومة الدكتور حازم الببلاوي.. وفي اليوم الأخير له بوزارة الخارجية بعد مشوار استمر لأكثر من42 عاما. كان آخر ما قام به محمد كامل عمرو وزير الخارجية السابق هو حوار مع الأهرام, تحدث من القلب عن وزارة الخارجية ودورها الوطني المهم والموقف الدقيق الذي نحياه. ومهمة الحكومة القادمة ومفاوضات سد النهضة الأخيرة ودور الخارجية الأمريكية في انقاذ الأزمة الحالية بمصر وتحليله للاحداث السياسية المتلاحقة والعلاقات الأمريكية العربية ومكانة مصر في العالم.. اسباب اعتذاره عن الاستمرار في الحكومة الجديدة؟ الصعوبات التي واجهت وزارة الخارجية طوال العام المنصرم؟ وإليكم الحوار: ما الأمر الذي كنت تتمني تنفيذه خلال العامين الماضيين فترة توليك لحقيبة الخارجية ولكن الظروف منعتك من تحقيقه؟ - الفترة كلها لم تكن عادية, فلا أعتقد أن هناك وزير خارجية مر بمثل هذه الظروف علي مدي تاريخ مصر كلها حتي في أحلج الفترات في التاريخ المصري لم تكن الأوضاع بهذا الشكل, فهذه الفترة وعلي مدار عامين كانت في منتهي الصعوبة مع وجود استمرار دائم بأن هذه الحكومة انتقالية وكذلك للحكومات التي تلتها. وفي هذا المناخ وفي ظل التحديات الخارجية للحفاظ علي الهدف وهو مصلحة مصر والذي تربينا عليه جميعا ويعلمه كبيرنا وصغيرنا في الخارجية ولدينا بوصلة نسير عليها وقدرة تجعلنا الظروف تتجه يسارا أو يمينا إلا أننا نلتزم في كل الأحوال بتلك البوصلة ولا تحيد عليها ولهذا فالخارجية يحسب لها أنها لم تتخل عن هذه البوصلة رغم التغير الحاد في الأجواء وتغير الوزارات تلو الأخري في ظل تقلبات وثورات دائمة فحتي الانتقالات التي حدثت بداية من الرئيس عبدالناصر إلي السادات إلا أن الانتقال تم في هدوء للرئيس مبارك إنما في ظروفنا الحالية الانتقال يتم بصورة حادة بحيث ينام الانسان ولا يعلم ما سيفاجأ به بالصباح. ورغم كل ذلك فالخارجية كجهاز احتفظ ببوصلة وحاول السير في الطريق الصحيح ولم تتأثر سياستنا الخارجية بالأحداث الداخلية, ورغم من القول بأن مصر فقدت قيادتها إلا أن وضع مصر وتقديرها العالمي ظل في مكانة عالية وكلمتها مسموعة بالمحافل الدولية. ولكن هناك من يري أن وضع ومكانة مصر اهتز خلال العام الماضي فما تعليقك؟- أتحدث عن الخارجية ومواقفها ألم تؤثر المواقف الأخري في مؤسسة الرئاسة وغيرها علي الخارجية وتضيع وتقلص المجهودات التي تبذل؟ - هذا وهو دور الخارجية الذي سيعرف بعد ذلك فالخارجية رغم أي مواقف تصدر من البعض تقدم وجه مقبول لمصر, حتي مع بعض الاشخاص الذين لا يتفقون مع توجه معين وبجلوسهم مع الخارجية يرون فيها وجه مصر الحقيقة وهذا ما يحسب لهذا الجهاز. لماذا اعتذرت عن الاستمرار في الوزارة الجديدة رغم أن الأجواء المقبلة من المتوقع أن تكون أفضل من الذي عملت فيها من قبل؟ - أولا أنا تقدمت باستقالتي في وقت مبكر قبل30 يونيو بسبب عوامل شخصية وأخري عامة والشخصية منها الأغلب بسبب إرهاقي في العمل منحة الظروف التي مررنا عليها وأثرت علي وعلي أسرتي أيضا. ألا تري أن الأجواء القادمة أفضل فلماذا لم تستمر بالوزارة الجديدة؟ - أعتقد أنها ستكون مريحة لمن يأتي بعدي ولكني عملت بمرحلة صعبة ويكفي أنني عملت بثلاث وزارات وعملت مع المجلس العسكري عندما كان يتعرض للهجوم مع أنهم أشخاص في غاية الوطنية وأشهد لهم بذلك من خلال الأحداث التي مرت بنا. عملت مع رئيس منتمي لجماعة الاخوان المسلمين رغم أنني لا انتمي يوما لأي اتجاه سياسي ايديولوجي وكل ما في الأمر أني رجل حرفي وخارجية وعملي نبع من احساس بالرسالة الوطنية ورغم التغييرات حولنا سواء في المنهج والتفكير لم اتأثر بها لأني أشعر أن مهمتي الأساسية أن لا ينعكس ذلك التغير علي عملي وسياسة مصر الخارجية ومصلحة مصر القومية والتي تربينا علي أن تلك المصلحة لها عناصر معنية لابد من توافرها. ماهي أهم عناصر المصلحة القومية ؟ فكرة الانتماء - أهمها هي انتماؤك أولا وأن تكون قائمة من المصلحة العامة ليست قائمة علي أبعاد أخري وغير مصلحة مصر سواء كانت أيديولوجية أو سياسية. وفي وقت ما كنا ندعو للاشتراكية في عهد جمال عبدالناصر كنا نناهض الاتحاد السوفيتي في وقت غزو تشيكوسلوفاكيا وكان لعبدالناصر نفسه مواقف ثابتة ضد الاتحاد السوفيتي وكذلك السادات كان يأخذ منحني ضد التوجه الشيوعي واتخذ منحيا دينيا إلا أنه لم يغلب ذلك المنحني أو يجعله يسيطر علينا فطول عهدنا بالخارجية ننظر للمصلحة القومية لمصر وسياستنا تقوم علي ذلك الاساس. منهج وزارة الخارجية هو مصلحة الوطن ولكن علي مدي عام حكم الاخوان كان منهجهم هو خدمة ايديولجية الجماعة فألم ينعكس ذلك علي الخارجية. هل رأيتم ذلك المنهج انعكس علي عمل وسياسة وزارة الخارجية طوال ذلك العام؟! المواطن العادي كان يلاحظ تغييرا في النهج حيث ان مستشار الرئيس المعزول هو الذي كان يقوم بدور الخارجية بعكس ماكان يحدث في السابق؟ - مستشار الرئيس لم يكن يقوم بعمل علاقات ولكنه بحكم انه مستشار للرئيس كان يرسله لان يتحدث باسمه بالخارج. ألم تؤدي تلك التصرفات لديك للخارجية ؟ هنا مهارات الدبلوماسية المصرية نتحرك واننا نتمكن في استيعاب الأمور واصلاحها كما حدث مع ملف سد النهضة. بالنسبة لملف سد النهضة تريد ان تحدثنا عن مدي خطورة الموقف الحالي؟ - الموقف يتحدد بناء علي كيفية التصرف معه فقضية المياه خطيرة بالنسبة لنا بحيث تعني لنا لا نيل فلا مصر. ومن هنا تأتي العاطفة الزائدة في التعامل مع تلك القضية والتي يجب أن يتصور الجميع مدي حساسيتها بالنسبة لنا. وهذا ما جعلنا نقبل تحمل المسئولية تولي ذلك الملف وعدم التملص منه وتركه لمن احدثوا الازمة أو لوزارة الري لتعمل علي حله. لكن بناء السد مستمر ؟ نعم بناء السد مستمر ولكن بعد ذهابنا إلي أثيوبيا واجتماعنا مع المسئولين هناك وعملنا خلال تلك الزيارة علي تهدئة الاوضاع هناك تصورا بعد ما رأوه وسمعوه في الاجتماعات التي عقدت علي الهواء بها تضمنته من اقوال أغضبت الاثيوبيين وأثارت حفيظتهم وأي دولة كانت لن تقبل ما قيل عليها بصورة علنية وفي الاجتماعات بذلنا جهدا كبيرا وأسفرت عن نتائج مهمة وتغير في رؤية اثيوبيا والتي كانت تري أن تقرير اللجنة الثلاثية ليس به أي أضرار علي مصر بل وانها مستفيدة من بناء سد النهضة إلا أننا اتفقنا مع اثيوبيا علي غير ذلك في بيان مشترك. ماذا تضمن البيان من بنود؟ اتفقنا علي أن تقرير اللجنة الثلاثية يذكر أن الدراسات غير مستوفاة وفي حاجة إلي استكمال الدراسات.الدقيقة للسد ويجب استيفاؤها لكي نتمكن من تقدير النتائج المناخية والأمنية ونتابع التأثير علي دول المصب وهذا ما يعنينا بالأكثر في القضية. وتم الاتفاق علي وضع رؤي لمنع أي اضرار بالأمن المائي المصري والحفاظ عليه, وقد تم الاتفاق علي أن إثويبا لا تنوي الاضرار بمصر بأي طريقة في أمنها المائي وهذا كله مكتوب بصفة رسمية. هذا هذا يعتبر اتفاقا رسميا ونهائيا؟ هو بيان رسمي معلن ويعتبر أكثر من اتفاق وأهميته في تكهن في أن وزير الخارجية الإثيوبي وقع علي البيان مع توقيعي والذي ذكر فيه أن السد لتوليد الطاقة فقط, وليس لأي أغراض أخري فلا توجد أغراض زراعة منه. وأهم شيء في ذلك السياق أن الجانب الإثيوبي قدر شواغل مصز الخاصة بأمنها المائي والتي تم التأكيد علي أنهم لا ينوون الاضرار بذلك الشق, كما أن القصة لن تقف عند ذلك البيان بل اتفقنا علي اجتماع مشترك مع وزراء الري الثلاثة لمصر وإثيوبيا والسودان للاتفاق علي الخطوات القادمة بسرعة أما قصة استكمال البناء في ظل المفاوضات فإن الجانب الإثيوبي أكد لنا تصميم السد مقام علي أساس يمكن السماح معه تتغيير في مواصفات وطريقة البناء, ولذا يمكن التعديل بناء علي الدراسات التي ستخرج من اللجنة المخصصة لدراسة القضية. معني ذلك أن الأمور تحتاج السرعة في اتخاذ الخطوات من قبل الحكومة المصرية؟ نعم, تحتاج لاتخاذ خطوات في منتهي السرعة, وكان من المفترض أن يجتمع وزراء الري الثلاثة خلال يومين من عودتنا من إثيوبيا, ولكن الأحداث التي مررنا بها بعد30 يونيو عطلت تلك الإجراءات ولكني متأكد أن الوزير نبيل فهمي سيتخذ خطواته في ذلك الاتجاه وأن المسألة ستكون علي قائمة أولوياته. ما هي الخطوات القادمة التي يجب اتخاذها لحل أزمة سد النهضة وتأثيره علي مصر؟ أولي الخطوات تبدأ باجتماع وزراء الري الثلاثة بحيث يتم الاتفاق فيما بينهم علي لجنة فنية دولية سواء كان باستمرار اللجنة القديمة أو بتشكيل لجنة جديدة لدراسة الأثار علي البيئية وأمان السد وكذلك الأثار علي ورادات المياه علي دول المصب وتحديد سنوات الملء والتي أكد الجانب الإثيوبي فيها أن سنوات الملئ إن كان فيها ضرر علي حصص مصر من المياه فيمكن تعديلها. مدي إمكان وضع تلك التأكيدات من الجانب الإثيوبي في اتفاق ومعاهدة مكتوبة وموثقة؟ يمكن حدوث ذلك وتوثيق الاتفاق بعد أن تدلي اللجنة برأيها وتحدد مدي الأضرار والآثار المترتبة من بناء السد بهذه المواصفات, ووضع الحلول والعلاجات لتفادي تلك الاضرار والآثار السلبية من جرائه. ما الذي يجعل الإثيوبيين يستجيبون لذلك التقرير خصوصا أنهم أبدوا عدم اهتمام بأي اضرار تقع علي مصر في بداية الأمر؟ الذي يجعلهم يستجيبون لتلافي أي اضرار علي دول المصب هو حرصهم علي الحفاظ علي العلاقات الطيبة مع دول الجوار, بالإضافة إلي مهارة الخارجية المصرية في التعامل معهم في تلك المسألة والتوضيح واظهار كم الفوائد التي ستعود علي الجانب الإثيوبي في حالة قبول التعاون وتحقيق المنافع لكلا البلدين. تري أن المخاطر من جراء إنشاء سد النهضة سواء علي حصة المياه أو علي السد العالي وتشغيله يمكن أن تتقلص؟ أنا كوزير للخارجية, التفاصيل الفنية من الصعب الدخول فيها, ولكننا علي الأقل وضعنا إطارا للمسألة عما أخذنا اعترافات مهمة من إثيوبيا بأن الدراسات التي طرحت غير كاملة أو كافية وأنه يجب استكمالها, وأن نتائج هذه الدراسات ستأخذ في الاعتبار في استكمال بناء السد مما يعني تعديل بعض المواصفات فيه. وكذلك أن السد هذا, لتوليد الكهرباء وليس لأي أغراض أخري, وأن مصر ليست لديها إلا مياه النيل وأن الأمن المائي المصري يجب عدم المساس به, وهذه كلها اعترافات أتت بها الخارجية المصرية من إثيوبيا رغم الظروف الصعبة التي جاءت فيها تلك الاعترافات من غضب إثيوبي من التصريحات التي وصلتهم من مصر. لكن الموقف السوداني تغير لحد ما وهذا ما أثار حفيظة وتساؤل الكثيرين خصوصا أن المعروف أن المصلحة المصرية والسودانية شيء واحد, فماذا تفسر ذلك؟ ومن أجل ذلك التغير توجهنا إلي السودان واتفقنا علي ضرورة التنسيق بين البلدين في المواقف, ومن هنا جاءت ضرورة اجتماع الوزراء الثلاثة بأقصي سرعة حتي يبدأ تنفيذ الخطوات التي تم الاتفاق عليها والتي يجب أن تكون خلال الأشهر القليلة القادمة, وتحتاج لتعاون أغلب الأجهزة في تلك المسألة مع وزير الخارجية القادم. ما انطباعك علي المشهد السياسي في مصر حاليا؟ نتمني أن نسير إلي الأفضل وأرجو أن حالة الاستقطاب التي تشهدها مصر أن تنفرج. هل تري أننا نعيش في حالة استقطاب أم حالة من العنف الموجه وسفك للدماء؟ ممكن توصفيها أي وصف ولكننا في النهاية مصر لابد أن تتحد. كيف يتم ذلك من وجهة النظر الدبلوماسية؟ الحكومة القادمة مهمتها ليست سهلة, ولكن الكفاءات التي تحويلها والاجتماع حولها أرجو أن يساعدها علي أداء مهمتها كما أرجو معه أن تكون أسعد حظا من الحكومات السابقة لأن الحكومات السابقة عملت في ظل أوضاع صعبة والناس كلها كانت منتظرة طفرة اقتصادية, ورغم أنها مطالب مشروعة إلا أنها تحتاج وقت, فبدون شك فإن الأوضاع أثرت علي السياحة والاستثمار فأرجو أن الغالبية الكبيرة تساعد الحكومة القادمة في أداء عملها. كيف يتم احتواء الموقف الحالي ووقف العنف بالشوارع وفتح الطريق لكي تعمل الحكومة القادمة؟ لو لدي وصفة سحرية لحل تلك المهزلة لذكرتها فورا, ولكن هناك منظومة متشابكة لا يمكن فصل إحداهما عن الآخري تبدأ بالأمن والذي ينعكس علي الاستثمار والسياحة والإنتاج وينعكس في النهاية علي الوضع الاقتصادي, الذي ينعكس في نهاية المطاف علي معيشة الفرد وهي أحد أهداف ثورة25 يناير وهي الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية فأملي أن نساند الحكومة وننظر للأمام والمستقبل, فالشعب المصري تحمل كثيرا وأطلب منه أن يتحمل قليلا لمدة عام أو عامين فرؤيتي أننا لو توجهنا للعمل فلن نأخذ مدة طويلة فهناك دول أنجزت وتقدمت خلال خمسة أعوام فقط, فالصين استطاعت خلال ثلاثين عاما أن تغير وضعها تماما, ورفعوا خمسمائة مليون مواطن صيني من تحت خط الفقر وهو أكبر رقم علي مدي التاريخ. ما الذي ينقصنا لكي نتقدم؟ يجب أن نعترف بأنه كان ينقصنا بالماضي القيادة والإدارة التي تجمع هذا الشعب خلفها, فالشعب المصري عندما يطلب منه العمل يسد, ونذكر في بذلك بناء السد العالي الذي جند الشعب كله خلف فكرة بناء هذا السد, فنحن نحتاج لحلم ورؤية تجمع الشعب حولهما. استهجن الكثير الموقف الأمريكي الأخير من ثورة30 يونيو ما تفسيرك للأمر؟ العلاقة بين مصر وأمريكا علاقات استراتيجية وأن الطرفين يعلمان جيدا أن المسألة ليست لطرف علي حساب آخر, ولكن مصر تستفيد كما هو الحال لأمريكا, وكما أن الموقف الأمريكي بدأ يتخذ منحني آخر يصدر تصريحات أن أمريكا مع الإرادة الشعبية وأنها مع الشعب المصري. في الشهور القليلة الماضية كان وضع مصر خارجيا سيئا ولكن يتضح ذلك من خلال استقبال الدولة الرئاسية فهل نتمكن من استعادة هيبة مصر مرة أخري؟ ليس هناك شك في ذلك, مصر مرت بظروف صعبة كثيرة وواجهتها تحديات ومحاولات لإبعادها عن الساحة ولكنها تمكنت أن تقف في النهاية بمكانة قديرة وعلي أنها دولة محورية, فمصر لديها عوامل لا يمكن أحد أن يسلبها منها وهي التي تحفظ لها مكانتها, سواء موقعها الجغرافي وسكانها. ما مدلول تصريح نائب وزير الزراعة الروسي مؤخرا بأن لديهم فائض قمح وعلي استعداد تقديمه كمساعدات انسانية لمصر في حالة طلبها لذلك, وخصوصا ان روسيا رفضت من قبل منح أي مساعدات للنظام السابق؟ نحن في لحظة الآن جيدة ولو أعطيت الحكومة الفرصة للعمل فمن الممكن لمصر الخروج من الحالة التي عليها الآن رغم اني علي يقين أننا سنخرج من الأزمة بلا شك, ولكن القضية في توقيت الخروج ما إن كان بعد شهر أو اثنين أو سنة أو سنتين. الا تقلق من العنف الذي يحيط بالمصري الآن؟ العنف الدائر حاليا يقلق أي انسان مصري وخصوصا انه كان مشهورا عن مصر أنها بلد الأمن والأمان ويتمكن أي انسان أن يسير في الطريق في أي وقت بالليل دون خوف علي أمنه وهذا نفتقده الآن. هل يمكن ان ننزلق إلي دوامة حرب أهلية لا قدر الله؟ لا أتخيل حدوث ذلك ولا أريد حتي التفكير في ذلك الأمر. قمت بمجهودات كبيرة لتوضيح حقائق الأمور بعد30 يونيو وأن ما حدث نتيجة للإرادة الشعبية وليس مجرد إنقلاب عسكري وذكرت أن الدولة تسعي بعدم اقصاء أي تيار فهل هذا يعني عدم الاقصاء لتيار يصر علي العنف في البلد؟ التوجه الذي أعرفه في أثناء تشكيل الحكومة الجديدة هو الرغبة في تمثيل كل الشعب المصري بها وتم التشديد علي انه لا اقصاء لأحد وتم دعوة كل التيارات السياسية وكون تيار رفض المشاركة فهو شأنه وقد قمنا بتوضيح ذلك للعالم من خلال اتصالنا, وأكدنا سعي الحكومة الجديدة علي عدم الاقصاء لأي فصيل. كما اكدنا ان التغييرات جاءت نتيجة لخروج حشود كبيرة والتي ذكرت فيها القنوات العالمية أنها حشود ليس لها نظير بالعالم ومن كل فئات الشعب بجميع الجمهورية. كيف يستهجن الأمريكا علي الشعب المصري حقهم في تغيير حكمهم وفقا للإرادة الشعبية في حين لديهم حق العزل والتوقيع سواء للرئيس أو لأعضاء الكونجرس والم يتابعوا تلك الحشود علي الشاشات لديهم؟ الموقف الأمريكي تغير الآن وتعدي الأمر بالنسبة لهم عن كونه انقلابا عسكريا أم إرادة شعبية وفي بداية الأمر كانوا يأخذون المسألة بمفاهيمهم الخاصة معهم, وخصوصا أن لديهم بالديمقراطية300 عام ولديهم قنوات في حالة انحراف العضو المنتخب بالكونجرس أو الرئيس هناك قنوات لعزله في الحال عن طريق التوقيعات بالكونجرس وهم يتساءلون عن تلك القنوات في مصر ولماذا لم تتخذ طريقها السليم؟ وبالنسبة لهم في تلك الأحوال يتحول مجلس الشيوخ للمحكمة ويرأسه رئيس المحكمة العليا ويتم العزل بناء علي ذلك وأوضحنا لهم أنه لا يوجد لدينا مجلس شيوخ. لكن ما رأيك في القول بأن أمريكا أيدت الإخوان نتيجة وجود اتفاقيات لن تتمكن أمريكا في الحصول عليها من غيرهم؟ نحن في الخارجية نتعامل مع القضايا التي أمامنا, وما خلف ذلك لا نتعامل معه وما يعنينا هو اظهار الإرادة الشعبية وأن الحشود الكبيرة التي خرجت بمثابة اكبر تصويت في العالم كله. وماذا عن الموقف الإفريقي وتعليق العضوية المصرية للاتحاد الإفريقي نتيجة ضغوط أمريكية فما تعليقك علي ذلك القول؟ ليست هناك ضغوط ولكن الأفارقة لديهم حساسية كبري من قضية الانقلابات العسكرية في بلادهم, ولهذا بعد عمل الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن الإفريقي تم وضع ميثاق يسمي ميثاق لومي والذي يذكر ان لا تعزل حكومة منتخبة إلا بطريقة شرعية إلا انهم عندما طبقوها علي مصر تم ذلك بطريقة خاطئة حتي من الناحية القانونية وهذا ما أوضحناه في رسائل مكتوبة لهم, بالأضافة إلي اننا ارسلنا مبعوثين من الخارجية لتوضيح الأمر, بأن بنود ميثاق لومي لا ينطبق علي الحالة المصرية ولم يحدث انقلاب عسكري ونقل موقع الحكومة وسلطة أخذت مكان سلطة, ولهذا توجد جهود حاليا في الاتحاد الإفريقي لتعريف ما يسمي بالانتفاضة الشعبية التي جاءت بعد25 يناير والتي حاولوا ايضا انتقاضها وقتها إلي أن وصلتهم حقيقة الأمور واعتبروها انتفاضة ونالت تأييدا منهم, وما حدث في30 يونيو لا يقل عن25 يناير. وما نريد قوله إن في نهاية الأمر مصر جزء من إفريقيا ولا يمكن أن نفترق أو ننسلخ منها فمصر هي من الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية ونحن من أكثر الدول التي تقدم مساعدات علي قدر امكانياتنا لإفريقيا سواء تعليما وغيره. يرفض الكثير الموقف التركي وخصوصا من التصريحات الأخيرة بعد اجتماع تنظيم الإخوان الدولي لديهم في التصرف الذي سيتخذ حيال تلك الدولة؟ أصدرت الخارجية بيانا فور صدور تلك التصريحات وأوضحنا فيه رفضنا لها واعتبرها محاولة للتدخل في الشئون الداخلية بصورة واضحة ومحاولة تكتل قوي أخري ضد مصر.أمر غير مقبول هل ممكن أن تصل لقطع العلاقات مع تركيا نتيجة موقفها الحالي من مصر؟ هذا سيحدد بناء علي المواقف خلال الفترة المقبلة وتلك المسألة ستكون مطروحة أمام وزير الخارجية القادم وهو سيتخذ القرار المناسبه. ما أهم الملفات امام وزير الخارجية القادم؟ الملفات كلها مهمة بداية من ملف النيل وسد النهضة وملف العرب والعلاقات المصرية العربية بالاضافة الي ملفات أخري كرعاية المصريين بالخارج. الملف العربي.. رغم الإعلان دائما علي أن العلاقات الخليجية العربية علي ما يرام إلا أن حجم المساعدات بعد30 يونيو ينبيء أن النظام السابق كانت علاقته غير طيبة معهم فما تعليقك وما سبب ذلك الخلل؟ بالنسبة لوزارة الخارجية هي الجهة الوحيدة التي خرجت وتصدت لتصريح أحد نواب مجلس الشوري ضد احدي الدول العربية الشقيقة. واتصلتنا بوزير خارجية هذا البلد الشقيق وأبلغناه رفضنا لتلك التصريحات وأنه لا يعبر عن المصريين ولا المصالح المصرية ولا الموقف المصري أبدا. ولكن ما تفسيرك علي تحديد العلاقات وبلورتها في اطار قطر فقط؟ وزارة الخارجية كما قلت من قبل لها بوصلة تعمل بها وهي المصلحة الوطنية لمصر ولذلك لم تنغلق عن التواصل مع الدول العربية حيث كانت الخارجية طوال الفترة الماضية منفتحه علي كل الدول العربية والعالم وكنا نحرص علي أن نقدم الوجه المصري الحقيقي للعالم. الخارجية كانت تحاول أن تنفتح علي العالم ولكن ألم تكن تلك التصرفات سواء من مؤسسة الرئاسة أو بعض الاعضاء تسبب لكم الحرج؟ نحن نتكلم عن السنوات الصعبة وتلك الاشياء جزء من هذه الصعوبة وكوزارة الخارجية لدينا سياسة وبوصلة ننتهجها وفي حالة وجود انحراف من جهة ما نحاول أن نصلحه أو تصلح الإشارة حتي تعود للبوصلة الخاصة بالخارجية. وبالفعل هناك تصريحات من مسئولين واجتماعات اذيعت علي الهواء وشملت اساءات لدول وكانت تمثل بالتأكيد عبئا علي الخارجية لاصلاح آثارها السلبية. ما الآليات التي يجب أن تتوفر لهذا الجهاز والتي تمكنكم من العمل ووفقا للبوصله المحددة لكم من بداية العمل بدون تأير بالنظام الموجود؟ هذا بالفعل ما حدث في كل العصور فإن الخارجية عمرها لم تحسب علي أنها تعمل لمصلحة شخص أو نظام وهذا ما جعلها قوية ومتماسكة؟ لكن يبدو للجميع أنه طوال العام الماضي كانت هناك محاولات لإضعاف دور الخارجية ؟ المهم أن الخارجية لم توظف. سعي النظام المعزول لتوطيد العلاقات مع إيران فكيف تري الأمر وكيف تري شكل العلاقة مع ايران في المرحلة المقبلة؟ نحن نريد تكوين علاقات مصرية طيبة مع الجميع ومنهم إيران فعودة العلاقات مع إيران أمر مطلوب ولكن وفق محددات خاصة بالأمن القومي والذي لا يقتصر علي مصر فقط بل لما وراء حدودها فما يمس أمن الخليج العربي يمس الأمن القومي المصري, فالأمر بالنسبة لنا لا يقف عند حدودنا المصرية سواء كانت الحدود الشرقية أو الغربية فقط بل يشمل الخليج أيضا. فما يحدث بالخليج يمثلنا؟ ولذا قلنا أمن الخليج خط أحمر بالنسبة للأمن القومي المصري رغم أننا لا نتدخل في الشئون الداخلية لأحد ولا نقبل لأحد أن يتدخل في شئوننا الداخلية. ومن هذا المنطلق فأي دولة تراعي تلك المحددات فالعلاقات ممكن توطيدها معها وهذا هو الموقف الثابت باستمرار لوزارة الخارجية؟. هذا الموقف الثابت للخارجية وخلال العام الماضي ألم تواجه مشكلات بسببه وصداما مع المسئولين بالنظام السابق؟ أي مشكلات أمر بها أتقلبها وأتحملها طالما أعلم أنها لمصلحة مصر؟. وقد كان الكثيرون يسألونني عن سر تحملي لهذه المصاعب طوال الفترة الماضية والضغط العصبي في تلك الظروف ولكن رغم ذلك كنت أري أني أقوم بمهمة للمصلحة المصرية. صرحت فور توليك الوزارة بأن عصر مبارك كان به تهميش لدور الخارجية وتتوقع أن يكون الدور المنوط بها بعد الثورة كما ينبغي فهل شعرت أن هذا التهميش عاد بنفس القدر أم زاد في عهد د. مرسي؟. دور الخارجية تؤديه علي أكمل وجه وهناك حالة دولة مالي خير دليل علي ذلك فالوضع بمالي موجود جماعات إرهابية ونعمل في تجارة السلاح وجماعات أخري يحقوق مشروعة, وفي بداية المشكلات في مالي كان هناك توجه بأن تلك الجماعات نتعامل معها بطريقة اقتصادية فالخارجية في ذلك الموقف كانت واضحه, ولم نسمح بهذا التعامل ورفضناه لأن تلك الجماعات جزء كبير منها يعمل بطرق غير سليمي وتعثر جماعات إرهابية, وما أريد التأكيد عليه ورغم أني لم أكن وزيرا في عهد مبارك وتعتبر الخارجية كما ذكرت سابقا تضع تصورها ورؤيتها بوضوح في أي عهد ونظام ولا تحيد عنه.ولم تسمح بهذا التعامل ورفضه لأن تلك الجماعات جزء اكبر منها يعمل بالارهاب. اذا أردنا منك توصيفا لمشوارك بالخارجية وخصوصا في آخر يوم لك في تلك الوزارة فماذا تقول؟ لم أعرف طوال عمري لنفسي مكانا غير وزارة الخارجية فلقد خرجت من كلية التجارة قسم اقتصاد وعلوم سياسية الي الخارجية, وأول رئيس لي بهذه الدكتور نبيل العربي والوزير محمود رياض وتعلمت من أساتذة بالوزارة وهذه هي ميزة الوزارء أن اجيالا تعلم أجيالا, وقد خدمت في مواقع مختلفة منها أثيوبيا والصين ونيويورك وواشنطن فالخارجية أعطتني الكثير وهذا ما جعلني أتحمل الصعاب في الفترة الماضية بشعور مني لرد الجميل للمكان الذي أعطاني الكثير فانا أعتبر مشواري جيدا وقد خرجت علي المعاش وأنا علي درجة سفير ممتاز وهي أعلي درجة بالخارجية. عملت بالبنك الدولي وكون مجيء الوزارة بعد ذلك لم أكن أحسب أو أعد له ولا أتوقعه في ظل ظروف تاريخية لم يمر بها أي وزير خارجية من قبل. ألم يكن يضايقك فور توليك الوزارة قول البعض أنك محسوب علي الدكتور عمرو موسي. لم أشعر ابدا إلي الحد فلقد عملت مع وزراء كثيرين بداية من محمود رياض حتي د. عصمت عبد المجيد ولم أحسب علي أحد منهم فلقد عملت بإخلاص وذمة ولم يقل يوما أنني تابع لشخص ما بخلاف أني أؤدي عملي المنوط بي. أن القول بأني محسوب علي د. عمرو موسي مقولة ليس لها اساس من الصحة رغم علاقتي الطيبة به كعلاقتي بكل الزملاء والوزراء بالخارجية الذين عملت معهم. فأنا أعتبر نفسي بشخصيتي صعب أن أحسب علي أي أحد. ماشعورك في آخر يوم لك بالوزارة ؟ أنا أترك هذا المنصب برضا تام عن ما قدمته من جهد وعمل وأشعر بمزيج من أشياء كثر من الرضا والالم والافتقاد الاشخاص تعاملنا معهم لفترات طويلة ولمدد أكثر من التي أقضيناها بمنزلنا في أثناء تواجدنا بالعمل. هل تفكر في كتابة مذكراتك ؟ أعتبر أن المذكرات في وقت من الاوقات هي واجب وطني هل ستكون بها أسرار؟ مع الوقت الاسرار تكون مجرد تاريخ لو لديك رسالة توجهها لمن الآن؟ رسالتي أوجهها لهذا الشعب العريق العظيم الذي يظهر معدنه وقت المحن والشدائد والتحديات في هذا البلد عندما تواجه تحدي يظهر معدنها الحقيقي. فأوجه رجاء ونداء أن نقف خلف هذه الحكومة وتعطيهم فرصة أن يبدأوا يعيدونا للطريق الصحيح والنمو والتصالح مع أنفسنا وهي من أهم الاشياء ورسالة لمؤسسة الخارجية كل مصري يمكن أن يفخر بها.