بصوت خاشع مرتعش, ظهر مؤرخنا المشهور علي شاشة قناة الجزيرة في الدوحة, متحدثا عن محاسن وفضائل قضاء ليلة القدر في اعتصام رابعة العدوية, وقال بالحرف الواحد:' إن الذين وقفوا في رابعة بهذه الليلة كمن أدي عمرة'. وقبل أن نفيق من صدمتنا مما صرح به, باغتنا أستاذ إخواني في جامعة أسيوط بقوله:' إن السفر إلي رابعة مثل هجرة الرسول إلي المدينة المنورة', وإمعانا في إضفاء القدسية والهيبة الدينية علي مكان المعتصمين في رابعة ظهر علي منصتها أناس بملابس الإحرام, مع العلم أن من تهفو نفسه للعمرة والحج يشد الرحال لبيت الله العتيق في مكة, ومسجد نبيه الكريم في المدينة وليس لإشارة مرور. إن هذه التصرفات الشاذة لم تلق استهجانا ولا توبيخا من مشايخ السلفيين المؤازرين للرئيس السابق محمد مرسي, وأصابهم الخرس, فأصواتهم تعلو, وتنهمر دموعهم فقط, حينما يقتل أو يصاب إخواني, رغم أن هذه الأقوال تهدم ما هو معلوم بالضرورة في الدين, ومن قبل لم تهتز شعرة في رؤوس هؤلاء المشايخ عندما شبه محمد بديع مرشد الإخوان خلع مرسي بأنه أشد جرما عند الله من هدم الكعبة المشرفة حجرا حجرا. فالإخوان يريدون تحويل إشارة رابعة إلي كعبة يحجون إليها ومعهم أنصارهم وكل حالم وساع لنيل شهادة حسن سير وسلوك تؤكد أنه المسلم الحق العارف بدينه المحتم عليه من وجهة نظرهم مساندة مرسي لأنه بذلك ينصر الإسلام ويصونه من مكائد المعارضين الذين يعادون المشروع الاسلامي. فضلا عن تصويرهم بقعتهم المباركة علي أنها قبلة الدين الصحيح, وأن المقبلين عليها من الأخيار الأطهار, وأن الحيز الواقع خارج حدود تحصينات رابعة والنهضة يجسد معاني الذل والهوان والخيانة. ولئن صارحت الإخوان والمتعاطفين معهم بأن أفعالهم تسير عكس اتجاه أصول وقواعد الإسلام, وأنهم يتلاعبون بالدين ويوظفونه لأهداف سياسية, سيردون بأن الإعلام المغرض المتحيز ضدهم يشوه صورتهم, ويلصق بهم كل نقيصة وعيب, وأنه يشيطن جماعتهم ومسيراتهم السلمية, أتدرون الآن من المسئول عن شيطنتكم؟. لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقي