أجري موقع آسيا للأخبار حوارا مطولا مع سفير سوريا في الأردن بهجت سليمان, وصف فيه أعضاء جبهة النصرة في سوريا بالظلاميين التكفيريين، إعتبر أن الخلافات السعودية-القطرية, هي تعبير عن الخلافات الوهابية-الإخوانجية, معلنا أن الأزمة في سورية كانت خارجية ولا تزال خارجية. هل تعتقد أن المعارضة السورية ستشهد انقساما أكبر في صفوفها بظل الخلافات السعودية القطرية وتنازع الدولتين علي إدارة ملف المعارضة؟ ومتي كانت غير منقسمة؟.. ومتي كان هؤلاء أصحاب قرار أو حتي أصحاب رأي؟.. إنهم لمامات من المارقين والآبقين, ممن خرجوا من سورية, منذ عشرات السنين وتربعوا في أحضان دكاكين المخابرات الدولية والإقليمية, أو ممن خرجوا علي الوطن, بعد نشوب( الثورة المضادة) والتحقوا مباشرة بمشغليهم ومموليهم في مواخير النفط والغاز, أو في أقبية مخابرات العواصم الأطلسية. وعندما فشل حمد بن خليفة بتنفيذ المهمة التي كان قد أخذ علي عاتقه, تنفيذها, أمام الأمريكان, وكان قد أكد لهم ثقته المطلقة بنجاحها, وهي إسقاط النظام السوري خلال فترة قصيرة, وبتسليم سورية لعملاء المحور الصهيو-أمريكي, وإطلاق اسم معارضةعليهم.. وعندما فشلوا في ذلك, انتقلوا إلي المرحلة الثانية, من حيث زج كل ما يستطيعون زجه من إرهابيي العالم, واستنفار كل من يمكن استنفاره من مخربي الداخل, وتزويدهم بمختلف أنواع السلاح والعتاد القادرين علي استخدامه, من أجل إسقاط النظام السوري, وهنا أيضا, نجحوا نجاحا باهرا في تدمير كل ما استطاعوا تدميره في سورية, لكنهم فشلوا فشلا ذريعا في إسقاط النظام السوري. والعقدة الأساسية هي مع هؤلاء الإرهابيين داخل سورية, وليست مع الفترينات والواجهات السياسية الكرتونية في الخارج التي تسمي نفسها معارضة. هناك من يحاول الإضاءة علي وقوع اشتباكات بين أطياف المعارضة العسكرية جبهة نصرة, وجيش حر.. هل تعتقد أن هذه الأمور تهدف إلي تبييض صفحة الأخير( الحر) بعد واقعة أكل القلوب والعديد من الحوادث؟ أم أن الصراع علي التمويل يدفع هذه الأطراف إلي التقاتل فيما بينها؟ ما يسمي( جبهة النصرة) و(الجيش الحر) من الخطأ الفادح أن يجري الحديث عنهم, كمعارضة, لأن الأولي مجموعات ظلاميين وتكفيريين.. ولأن الثاني مجموعة قتلة ومجرمين ولصوص ومهربين.. وهؤلاء يقومون بتدمير الأخضر واليابس في مختلف أنحاء سورية. وأما محاولات تلميع وتسويق( العصابات الإسرائيلية الحرة في سورية) المسماة( الجيش الحر) فإنها أغبي خطوة يمكن الإقدام عليها.. لأن من يفكر بإمكانية الاعتماد علي هذا( الجيش الحر), يبرهن علي أنه قارئ أعمي, إذ كيف يمكن أن يخطر ببال هؤلاء, أن مجموعة من المهربين واللصوص والفارين الذين أسموهم( جيش حر) يمكن لهم أن يواجهوا عصابات إرهابية دموية ترتدي رداء الدين, ثم يواجهون, في الوقت ذاته, الدولة الوطنية السورية؟!. إن أسياد هؤلاء يساهمون في تسريع وضع شاهدة القبر علي من يعولون عليهم من غير قصد- وستبرهن لهم الشهور القادمة, خطأ مراهناتهم البائسة المتلاحقة. ولو كان أسياد هؤلاء جادين في وضع حد لما يجري في سورية, فإن أقصر الطرق إلي ذلك, هو التوقف الفوري عن احتضان ودعم هؤلاء الإرهابيين والمجرمين القتلة, وأن يوعزوا لأذنابهم النفطية والغازية, بالتوقف الفوري عن دعم وتسليح وتمويل العصابات الظلامية التكفيرية التدميرية, وعن إرسال المساعدات المالية الجانبية, عبر بعض أمراء النفط وشيوخ الغاز. هذا هو الطريق الوحيد, لوقف سيل الدماء وجبال الدمار في سورية. هل توافق علي الكلام الذي يقول إن الأزمة السورية لم تعد داخلية وأنها تحل بمجرد اتفاق الدول الكبري؟ الأزمة في سورية كانت خارجية ولا تزال خارجية.. ونشبت الأزمة, تنفيذا للمخطط الصهيو-أمريكي في وضع اليد علي سورية كما قلنا سابقا وطبعا هذا لا ينفي وجود عدد من العوامل الداخلية التي سهلت لأصحاب هذا المخطط, النفاذ إلي الداخل.. ولكن الهشيم موجود في جميع بلدان العالم بدون استثناء, مع الاختلاف في نوعه وحجمه, ولكن هذا الهشيم قابل للاشتعال, في مختلف الدول, عندما يجري إشعاله وصب الزيت علي ناره.. وهذا هو الفرق بين ما حدث في سورية, وما حدث في باقي البلدان.. ذلك أنه جري تشغيل أفواج الإطفاء العربية والدولية, لإطفاء النار المشتعلة في هشيم تلك البلدان.. وأما في سورية, فقد جري العكس تماما, عندما جري استنفار وتعبئة وتجييش عشرات الآلاف من صهاريج الزيت بدلا من صهاريج الماء بغرض صبها وسكبها علي الهشيم الذي اشتعل في البداية, بشكل محدود وجزئي في سورية, وهذا ما أدي إلي اتساع الحرائق علي امتداد الساحة السورية, بسبب ما سكب عليها من زيت.. ومن قام بسكبه, هم من سموا أنفسهم أصدقاء سورية من الأعراب والأطالسة, الذين برهنوا ميدانيا أنهم أسوأ أعداء سورية. ولذلك, علي هؤلاء أن يتوقفوا فورا عن تأجيج النار التي أشعلوها في سورية, لأن استمرارها مشتعلة, سوف يدفعها للامتداد إلي جحورهم وقصورهم. وأما إذا توقفوا, فإن النار ستنطفئ, ويكونون, بذلك, قد أوقفوا امتداد النار إلي ديارهم. وهذا ما يعنيه اتفاق الدول الكبري, أي أن تلتزم الإدارة الأمريكية, أمام الآخرين بإلزام حلفائها وأتباعها, بالتوقف الكلي عن تغذية الهجوم العدواني الإرهابي علي سورية, سواء بالسلاح أو بالعتاد أو بالمال أو بالإعلام.. وحينئذ فقط, تبدأ الخطوة الأولي والأهم علي طريق إعادة بناء سورية الجديدة المتجددة. هل هناك إمكانية لعقد مؤتمر جنيف2, ومع من ستتحاور السلطات في ظل انقسام المعارضة؟ بالنسبة لسورية, فالدولة الوطنية السورية مستعدة وجاهزة للذهاب إلي مؤتمر جنيف.. والمشكلة ليست عندنا, بل هي عند الآخرين الذين تملصوا من انعقاد' جنيف' بعد أن كانوا قد قبلوا به.. وعندما أقول( الآخرين) فلا أقصد مطلقا( تلك اللمامات المتسكعة في الخارج) بل أقصد الإدارة الأمريكية بالدرجة الأولي, لأنها صاحبة القرار الأول والأخير, ولا تحتاج إلا إشارة واحدة من إصبعها, لكي يتسابق صنائعها للذهاب إلي جنيف.. ولم يعد خافيا بأن الإدارة الأمريكية ومعها أتباعها وأذنابها, صدموا بصمود وصلابة وفاعلية الشعب السوري والجيش السوري, وقدرتهما علي ضعضعة وإدماء عشرات آلاف الإرهابيين والمجرمين, الذين راهن المحور الصهيو أمريكي-الوهابي-الإخوانجي, علي قدرتهم في هزيمة الشعب السوري والجيش السوري. وعندما فوجئوا بذلك, قرروا أنه لا بد من زيادة الدعم التسليحي والمالي واللوجستي لعصاباتهم الإرهابية والإجرامية, في مواجهة الشعب السوري والجيش السوري, من أجل ما سموه( تعديل ميزان القوي) مع الدولة الوطنية السورية, أملا منهم, بأن يذهبوا إلي جنيف وهم يحملون بأيديهم أوراق قوة يستطيعون أن يضغطوا بها علي الدولة الوطنية السورية, من أجل الاستجابة لما لم يستطيعوا تحصيله واستخلاصه سابقا. ولم يكتف هؤلاء, بما سال حتي الآن من الدماء الزكية للشعب السوري ولا بالخراب الذي تسببوا به في الأرض السورية, وكل ما يهمهم هو إجبار سورية علي الانقياد لهم, بصورة أو بأخري. وبالعودة إلي موضوع جنيف, فإن سورية جاهزة للذهاب, في الوقت الذي يعلن فيه الآخرون استعدادهم للذهاب, والكرة ليست مطلقا في ملعبنا, بل في ملعب واشنطن وتوابعها.