لم تتخيل واشنطن ولو للحظة واحدة هي وحليفها الإسرائيلي أن يأتي اليوم ويفتضح فيه أمر مخططها الشرق أوسطي الكبير الساعي نحو إعادة تقسيم المنطقة والذي تبناه الرئيس الأمريكي بوش عسكريا في العراق وسعت إدارة أوباما إلي تنفيذه بواسطة تحالفها مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين, وأعوانها الأوروبيين مخططي سايكس بيكو الأول; وذلك بفضل صمود الإرادة الشعبية في مصر, وصلابة محور الممانعة بقيادة سوريا وإيران وحزب الله. من تلك الديباجة يمكن قراءة مغزي قرار الاتحاد الأوروبي الذي اتخذ بالإجماع بشأن إدراج الجناح العسكري لحزب الله علي قائمة الإرهاب, وذلك استجابة لرغبة إسرائيلية, تم الكشف عنها صراحة علي لسان رئيس الوزراء الاسرائيلي, الذي اعتبر القرار انتصارا للخارجية والدبلوماسية الإسرائيلية. كما كشفت صحيفة معاريف أن ذلك القرار جاء نتيجة استغلال تدخل حزب الله في سوريا, بهدف ضرب مكانته في لبنان, وذلك ضمن الحملة الإسرائيلية التي تقودها وحدة الحرب الإعلامية في شعبة الاستخبارات العسكرية. وقد جاء ذلك القرار علي الرغم من عدم صدور حكم قضائي نهائي فيما يخص الاتهامات الإسرائيلية بمسئولية حزب الله عن تفجير حافلة إسرائيلية في بلغاريا منذ عام. وتسعي إسرائيل من وراء ذلك القرار لتحقيق هدفين أولهما يستهداف لبنان بحجة محاربة الإرهاب, وثانيهما مساومة حزب الله من آجل التخلي عن دوره في مواجهة الإرهاب الغربي داخل سوريا, حيث تقوم أجهزة الإعلام الغربية بمساعدة إخوان سوريا باستدراج الجيش العربي السوري الوطني في مواجهة مكذوبة مع الشعب علي الرغم من كونها مواجهة ضد آلاف الإرهابيين الذين دخلوا سوريا مدعومين بفتاوي تجيز الاقتتال علي أسس طائفية ودينية, وإجهاض أي محاولات لحل الأزمة سياسيا, ذات السيناريو الذي أريد تكراره علي يد إخوان مصر ضد الجيش المصري من خلال استعدائه والاستقواء بالخارج. وقد سبق حذر من ذلك المخطط الشرق أوسطي الجديد المفكر والكاتب الفرنسي تيري ميسان في العديد من مقالاته, وذلك ابتداء من أحداث11 سبتمبر وحتي المؤامرة الراهنة في سوريا. وللأسف واجهت سوريا تلك الحرب الدولية, وسط صمت وتخل عربي عن جيشها العربي المشارك في نصر أكتوبر.1973 وهناك تساؤل عن دلالات تزامن صدور قرار وضع حزب الله علي قائمة الإرهاب الأوروبي مع قرار آخر سبقه بشأن حظر تعامل الأتحاد مع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة والقدس الشرقية وهضبة الجولان. والمتأمل لحقيقة القرارين يري أن الاتحاد الأوروبي لا يمكن بأي حال من الاحوال الاصطدام بالحليف الإسرائيلي, خاصة وأن الاتحاد الأوروبي كان دائما عونا لإسرائيل وطالما تصدت العديد من دوله لقرارات اعتقال ومحاكمة قادتها وجنودها المتهمين بارتكاب جرائم حرب علي أراضيها, وذلك يعني أن قرار حظر التعامل مع المستوطنات والذي أثار غضب وسخط قيادات تل أبيب, ولاقي ترحيبا وتأييدا عربيا, لا يعدو إلا أن يكون سوي تجميل لوجه الاتحاد الأوروبي وتهيئة الرأي العام العربي لاستقبال وتقبل القرار الأورو- صهيوني بوضع حزب الله في قائمة الإرهاب بالترحاب, وإن إسرائيل التي تجيد التحايل علي القرارت الدولية, سرعان ما قررت اتخاذ خطوات من شأنها إبتزاز الاتحاد من أجل إجباره علي التراجع عن ذلك الحظر, وذلك من خلال وقف التعاون مع ممثلي الاتحاد الأوروبي وعدم السماح لهم بانشاء مشاريع إنسانية في مناطق( ج) بالضفة الغربية التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة أمنيا وإداريا, فضلا عن وضع العراقيل لدخول وخروج ممثلي دول الاتحاد إلي قطاع غزة.