يحرص المسلمون المتغربون في فرنسا وربما في بقية أوروبا علي القيام بشعائرهم الدينية من صلاة وصوم وزكاة في شهر رمضان المبارك خاصة, ومن يعيش في باريس لابد وأن تأخذه قدماه يوما إلي جامع باريس الكبير, وهو اول جامع بنته فرنسا لمسلمي المغرب العربي عام1926 حيث تأسس المعهد الاسلامي والجامع الكبير الملحق به.. ومن مكتبتي السابقة الألفباءالقريبة من الجامع كنا نذهب بعد الإفطار إليه في اغلب أماسي شهر رمضان.. ويتحول الجامع في هذا الشهر المبارك الي سوق عكاظ, حيث تعرض في باحته وحديقته الكبيرة مكتبات باريس الاسلامية نماذج مما لديها من ذخائر معرفية وعطور وبخور وملابس اسلامية وتحف.. ويرتاد الجامع جمع غفير من ملل المسلمين( عرب وأفارقة وأوروبيين وأسيويين).. تفد إليه أفواج المسلمين من كل حدب وصوب في الصباح والمساء, وتدور النقاشات السياسية والأدبية مساء وتتلي الأدعية وتحكي الطرائف في حلقات يكونها رواد الجامع وهم يحتسون الشاي الاخضر ويقدم لهم ما بين الاونة والاخري سلة من التمر الجزائري أو من الرطب الإيراني, وهي جزء من عادات وتقاليد دول المغرب العربي دخلت من نافذتها عادات محببة لبعض المسلمين من بلدان إسلامية اخري.. ومن يرتاد الجامع عند الإفطار فبإمكانه أن يتناول الافطار مجانا عندما يحين, ومن يرتاده مساء يبقي ساهرا مسامرا او داعيا ومصليا.. وفي بعض الأحيان يبقي البعض حتي موعد السحور فيأكلون ما يجود به المتبرعون من مأكولات وما أن ينبلج الصبح حتي يمسك القوم ثم يؤدون صلاة الفجر كما يحدث في ليلة القدر ليغادروا الجامع بعدها إلي بيوتهم أو أعمالهم.. وفي مناحي باريس وهي كثيرة هناك أحياء مغلقة للمسلمين, فالعرب يهيمنون علي أحياءبيل فيل وكورون وبرباس وستالين جراد والأتراك والأكراد يملئون شوارع ستراسبورج سانت ديني أما الباكستانيون وهم جالية جديدة علي فرنسا فيشغلون بمحالهم وتجارتهم الشوارع المحاذية لمحطة قطار الشمال جار دي نورد.. وفي هذه الأحياء تجد المجازر الاسلامية أي المذابح التي تبيع اللحم الحلال ومختلف أنواع المواد الغذائية, وتنطلق من المحال التي تحمل لافتات كتبت باللغة العربية أصوات خطباء الجمعة والموشحات الدينية وتلاوات متعددة للقرآن الكريم.. وصورة الإسلام في شهر رمضان الكريم في الغرب عامة وفرنسا خاصة صورة تضامنية تسامحية تدعو للمودة والسلام وخشية الله وطاعة أحكامه, صورة انسانية تبعث في الصائم دماثة الخلق والتحاب والاخاء مع الاخر, صورة تعيد البسمة للمسلمين والثقة لمن يتعايش معهم. صورة وددنا لو أنها سادت في بلداننا العربية لعلها تقضي علي بذور التفرقة والاحتدامات الطائفية والاثنية والتنافس العني.. اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون