صدرت مؤخرا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر الطبعة الثالثة من كتاب' النظام القوي والدولة الضعيفة' للباحث الراحل الدكتور سامر سليمان, الذي يسلط الضوء علي تطور الواقع السياسي في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك من منظور الاقتصاد السياسي. ويعطي الكتاب أهمية خاصة لتطور مالية الدولة في عهد مبارك وأثر ذلك علي النظام السياسي ويسجل أن مبارك' في احتكاره الحكم' اعتمد علي نظام استبدادي تسلطي يستخدم آليات عنيفة وأحيانا ناعمة إضافة إلي شراء رضاء بعض الفئات الاجتماعية وضمان هدوء فئات أخري. ويقول كليمنت هنري, رئيس قسم العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في مقدمته لهذه الطبعة: إن سامر سليمان تمكن في الكتاب من أن' يقرأ' استراتيجيات البقاء السياسي لنظام مبارك في تسعينيات القرن العشرين عندما كانت العوائد المختلفة التي تذهب للدولة تتناقص وسط ارتفاع المطالب والتوقعات والعصيان المسلح علي أيدي إسلاميين في الصعيد والضغوط الإقليمية التي تتزايد حدتها. ويقع الكتاب في312 صفحة من القطع الكبير ويحمل عنوانا فرعيا هو( إدارة الأزمة المالية والتغيير السياسي في عهد مبارك) وصدرت ترجمته الإنجليزية في الولاياتالمتحدة تحت اسم' خريف دولة مبارك' بعد ثورة25 يناير.2011 ويقوم سليمان في الكتاب بتحليل لموازنة الدولة المصرية من منظور الاقتصاد السياسي, ليوضح أن مصروفات الدولة المصرية وتقسيماتها الإقليمية والقطاعية خلال عقد التسعينيات تعبر عن اختيارات النظام الذي كان يسعي طيلة الوقت لتأمين وجوده من خلال شراء رضا قطاعات ضيقة من المجتمع علي حساب بقية المجتمع المصري والذي أدي في النهاية لإضعاف مؤسسات الدولة التي لم تعد تقدم خدماتها للشعب ولكن للنظام. ويوضح كليمنت هنري أن سامر سليمان يؤسس تحليله البارع والدقيق في الكتاب علي النماذج المعرفية الحديثة في السياسة المقارنة مثل التحليل البنيوي والخيار العقلاني والمؤسساتية الجديدة التاريخية ونظرية الدولة الريعية. وسامر سليمان الذي رحل عن عالمنا نهاية العام الماضي- بدأ حياته مناضلا يساريا وصحفيا بالأهرام ابدو الفرنسية ثم اتجه للبحث الأكاديمي, وأصدر عدة كتب أحدها عن تطور الرأسمالية الصناعية في مصر, إضافة لكتاب'النظام القوي والدولة الضعيفة'. والدكتور سامر سليمان توفي في الاربعين من عمره, وشارك في تأسيس قسم الاقتصاد السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة, وبعد مشاركته في الثورة أسهم بجهد كبير في تأسيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي.