قالت دار الإفتاء المصرية إنه يجوز للمزارعين الذين يزرعون في الحر الشديد الذي قد يتسبب في هلاك الشخص, بحيث لا يستطيع الصيام إلا بمشقة شديدة, ولا يمكنه تأجيل عملهم لليل أو لما بعد رمضان أن يفطروا. وأشارت الفتوي إلي أنه يجب علي هؤلاء أن ينووا الصيام من الليل, ثم إن شاءوا أفطروا في اليوم الذي يغلب علي ظنهم فيه أنهم سيزاولون العمل الذي يصعب معه الصيام, وعليهم القضاء بعد رمضان وقبل حلول رمضان التالي إن أمكنهم ذلك. وأوضحت الفتوي في تأصيلها أن المظنة منزلة المئنة, فالسفر مانع من وجوب الصيام وإن لم تكن هناك مشقة بالفعل, وهذا من رحمة الله تعالي بالمكلفين, ومن يسر هذه الشريعة الغراء, ومن القدرة الحسية أيضا ألا يكون المكلف يعمل عملا شاقا لا يستطيع التخلي عنه في نهار رمضان, لحاجته أو لحاجة من يعول, فإن كان المكلف لا يتسني له تأجيل عمله الشاق المهلك لما بعد رمضان, أو جعله في لياليه فإن الصيام لا يجب عليه في أيام رمضان التي يحتاج فيها إلي أن يعمل هذا العمل الشاق في نهاره; من حيث كونه محتاجا إليه في القيام بنفقة نفسه أو نفقة من عليه نفقتهم, كعمل البنائين والحمالين وأمثالهم, وخاصة من يعملون في الحر الشديد, أو لساعات طويلة. ولكن هؤلاء يجب عليهم تبييت النية, أي إيقاع النية من الليل, ولا يفطرون إلا في اليوم الذي يغلب علي ظنهم فيه أنهم سيزاولون هذا العمل الشاق الذي يعلمون بالتجربة السابقة أنهم لا يستطيعون معه الصيام; تنزيلا للمظنة منزلة المئنة. وتختلف الأعمال التي يقوم بها الأشخاص بحسب طبيعة العمل وأهميته للفرد وللمجتمع ومقدار الجهد الذي يبذله فيه, والعمل المشروع الذي يقوم به الفرد سعيا علي رزقه وأسرته, ويلبي حاجة للجماعة, وهو عمل يكلف به الشرع المسلم, في رمضان وفي غير رمضان علي مدار السنة كلها, فهو من الواجبات الشرعية لكونها السبيل لكسب الرزق, ويغني بها الشخص نفسه عن مذلة السؤال, وتتحقق به مصلحة الجماعة كلها. وبالطبع فهذه الأعمال ليست سواء في الجهد اللازم للقيام بها, فمن بينها ما يكون في أدائه مشقةغير محتملة في أثناءالصيام مثل الخباز والطحان أو الذين يعملون في المناجم والمحاجر, أو الذين يغوصون في البحر لكسب لقمة العيش, وأداء لمتطلبات المهنة, أو كان للتدريب الشاق للعسكريين ضمانا لإعداد العدة أو الجهاد أو الطلبة الذين يؤدون الامتحانات أو لمن أحس بالجوع أو العطش الشديد, بما يخشي علي نفسه الضرر. ويوضح الدكتور محمد الشحات الجندي أستاذ الشريعة الإسلامية, وعضو مجمع البحوث الإسلامية, أن هؤلاء ومن علي شاكلتهم يرخص لهم الفطر في رمضان لأنهم يقومون يؤدون عملا شاقا وفاء بهذه الأعمال, وليس في مكنتهم تأجيلها ولا تعطيلها؟ لأهميتها للفرد أو للجماعة, لذلك فإن الحكم هو إباحة الفطر للقائم بها مع القضاء في وقت لاحق, لأنها تعتبر عذرا, اعتبره الشرع, وجعله سببا مبيحا, لكنه يقضي في أيام أخر يتيسر له القضاء فيها, دليله قوله تعالي: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة, ولتكبروا الله علي ما هداكم ولعلكم تشكرون ولأن الشرع ينفي الضرر والحرج عن الناس في جميع التكاليف التي أمر بها: ما جعل عليكم في الدين من حرج وقول الرسول- صلوات الله عليه لا ضرر ولا ضرار