أخيرا سالت الدماء.. دماء مائة.. مائتين.. ثلاثمائة لا يهم, فهي دماء لا تروي ظمأ أباطرة فتاوي التحريض والتهديد.. فليدفعوا بالمزيد منها فهي مجرد أدوات قد تستعيد بها جماعة الإخوان الوطن الذي كانت قد اختطفته إلا أن أبناءه نجحوا أخيرا في استرداده منها مرة أخري بتعبير واحد تمرد بعد أن اكتسي لحما وعظاما وتجسد في صورة ملايين المواطنين أحالوا ميادين الوطن إلي صندوق زجاجي شفاف أعلنوا من خلاله رفضهم لأن يظل الوطن غنيمة للأهل والعشيرة, وأوكلوا بعدها القوات المسلحة لتنفيذ رغبة الشعب واختياره فهو صاحب الشرعية يمنحها لمن يشاء.. وينزعها وقت ما يشاء عمن يشاء. كنا نطمح في أن تظل ثورة30 يونيو كما هي ثورة بيضاء.. سلمية..سلمية.. غير أن البعض من تجار الدين وفتاوي الكراهية أرادها عكس ذلك بلون الدم وبطعم الموت.. فمن وجهة نظرهم لا شيء يهم سوي أن تظل الجماعة علي رأس السلطة فالقضية هنا ليست وطنا أو انتماء ولكنها استحواذ وبداية لتحقيق مشروع حلم الخلافة.. والأدوات هنا لا تعدو سوي بسطاء يمكن استغلال حاجتهم سواء المعنوية لفهم صحيح الدين فتجري لهم عمليات غسيل مخ.. أو المادية من خلال ضمان100 أو200 جنيه ووجبة غذاء إضافة إلي أطفال لفظتهم أرحام أمهاتهم إلي الشارع وبدلا من أن تحتضنهم الأيدي تكفيرا عن ذنوب أصحابها عن جرمهم بإسقاطهم من دفتر المواطنة وأصحاب الحق في العيش الكريم, دفعتهم ليتحولوا إلي وقود لنيران تستهدف إحراق الوطن!. ولأن الجماعة تعتمد' الميكيافيلية' مبدأ لها فلا مانع لديها من اسقاط أي قيم أو مبادئ أخلاقية فالأمر حياة أو موت بالنسبة لها.. فإذا كانت القوات المسلحة قد التزمت ضبط النفس إلي أقصي درجة ولم تقدم علي ما يمكن أن يمثل انحيازا لأي طرف سوي لإرادة الشعب فكان لابد من محاولة استفزازها وكان مشهد محاولة اقتحام مقر الحرس الجمهوري وتجريف هيبة القوات المسلحة علي الرغم من تكرار تحذيرها من محاولة الإقدام علي ذلك. ' فيديوهات' خادعة لمشاهد قتل أطفال الشام تم بثها علي أنها قد جرت أمام مقر الحرس الجمهوري.. استقواء بالخارج.. محاولة تأليب الرأي العام العالمي واقناعه بأن ما جري هو انقلاب عسكري وليس ثورة شعبية.. دعوة الأجانب للتدخل العسكري في الشئون الوطنية كل ذلك جري حشده, ولكنه لم ينجح بل علي العكس من ذلك تماما كشف للعالم حقيقة من كان الطرف الثالث في حوادث القتل والعنف والحرق. علي مدي أكثر من اسبوعين منذالإعلان عن ثورة30 يونيو لم تسجل دفاتر الشرطة حادث سطو مسلح علي البنوك أو المولات.. لم تكسر ماكينة واحدة من ماكينات الصرف الآلي.. لم تقتحم أقسام الشرطة ولم تحرق, وفي الوقت نفسه فإن لقطات إلقاء أطفال الإسكندرية من فوق أسطح العمارات بيد ميليشيات الجماعة وبلطجيتها أعاد إلي الأذهان أحداث مجزرة استاد بورسعيد في فبراير من العام الماضي..! نعم نحن لسنا ضد تحقيق المصالحة الوطنية وحقن الدماء المصرية بل ندعو جميع الأطراف للمشاركة في صياغة مستقبل الوطن دون إقصاء أي فصيل سياسي أو استعلاء من جانب فصيل آخر, ولكن قبل كل ذلك لابد من المحاسبة وخاصة في قضايا الدم' مجزرة بورسعيد.. مذبحة جنود رفح في رمضان الماضي.. اختطاف الجنود المصريين وقبلهم ضباط الشرطة.. فضيحة الاستقواء بالخارج والتي تصل إلي حد الخيانة العظمي' ولتكن المحاكمات هذه المرة مستندة علي الشرعية الثورية وليست علي الشرعية القانونية. في النهاية فإن كل من تحمل ملامحه سمرة النيل الحقيقية علي استعداد تام ليضحي بكل شيء من أجل الوطن فنحن نضحي بأنفسنا من أجل مصر ولن نموت من أجل الإخوان.!! [email protected] لمزيد من مقالات عبدالعظيم درويش