نحلم بها اشتقنا اليها بعد غياب سنوات طويلة عانت خلالها كثيرا وعانينا معها.. والأن لن نترك العنان لكلمات أوحديث عن الماضي رغم إنعكاساته السلبية التي لا زلنا نتجرعها حتي الأن. لاسيما بعد أن لاحت لنا في الأفق مصر الجديدة, وإن كانت هذه المرة أبت أن تأتي إلا بشرط أن ترتكز علي جناحي الثورة أو أهم ملفاتها وهما الأمن والإقتصاد.. لارتباط كل منهما عضويا بالأخر ومعها كل الحق في اختيار شروط عودتها إلينا, بعد أن أنهكها إهمال هذين الملفين الذين تفتحهما السطور التالية لا سيما بعد أن وضعتهما الحكومة علي رأس قائمة أولوياتها.. حين يغيب الأمن, يصير استقرار المجتمع ومؤسساته مهددا.. وتصبح التنمية مستحيلة!.. وبدون انضباط الأمن, لا مجال للحديث عن تنشيط السياحة.. ولا دوران لعجلة الانتاج, ولا استثمارا أجنبيا أو محليا, ولا نموا اقتصاديا, ولا مجال للحديث عن تحسين المستوي المعيشي للمواطنين.. فبدون الأمن تصاب الحياة بالشلل التام. تلك هي المسئولية الجسيمة الملقاة علي عاتق الحكومة الجديدة, التي يجب أن تضع الأمن في مقدمة أولوياتها, بتطوير الأداء الأمني, ومواجهة العنف والخروج علي القانون بكل حسم, حتي يعود الاستقرار للوطن, الذي صنع ثورته لينعم بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية. والسؤال الآن: كيف يعود الأمن والاستقرار إلي الشارع المصري؟.. وكيف يمكن تطوير أداء أجهزة الأمن؟.. طرحنا السؤال علي الخبراء, والسطور التالية تحمل الاجابة: مفاهيم خاطئة المفهوم الخاطئ لدي الكثيرين ممن يتحدثون عن قضية الأمن- كما يقول اللواء فؤاد علام رئيس مباحث أمن الدولة الأسبق- أن مشكلة الأمن يمكن حلها من داخل المؤسسة الأمنية فقط, وهذا مفهوم خاطئ, ذلك أن هناك عوامل كثيرة تؤثر في الحالة الأمنية, ويأتي في مقدمة هذه العوامل الوضع الاقتصادي, فكلما تردت الأوضاع الاقتصادية, كلما اضطربت الأوضاع الأمنية, وزادت معدلات الجريمة, وكلما زادت الفوارق بين الطبقات, ساد الظلم في توزيع الثروة كلما زاد الحقد, ومن ثم زاد العنف. أما المحورالثاني الذي يقف وراء الاضطراب الأمني فهو المحور السياسي, ولا يخفي علي أحد الآن ذلك الصراع الدائر بين القوي السياسية, علاوة علي تبادل الاتهامات بحق وبغير حق, إلي حد الاتهام بالخيانة, كما أن الاضطراب الحادث في الأداء السياسي يؤدي إلي اضطراب شديد في الحالة الأمنية, ناهيك عن الشواهد الخطيرة في المشهد السياسي الحالي, والذي اتسم بتقسيم الشعب إلي قسمين كبيرين: الأول هم من يطلقون علي أنفسهم أنهم أصحاب مشروع إسلامي, وما عداهم ضد المشروع الإسلامي وهم القسم الثاني من الشعب, وتلك فتنة يجب أن تتصدي لها القيادة الدينية ممثلة في الأزهر الشريف, لإجهاض مخططات العنف والتدمير وزعزعة الأمن.. ومن ثم لابد من التوافق بأسلوب ثقافي علمي ديمقراطي لإدارة الحوار السياسي بين القوي المختلفة بما يؤدي إلي أداء الأمن رسالته, يضاف إلي ذلك, والكلام مازال للواء فؤاد علام- المحاور الثقافية والاجتماعية, إذ لابد من ترسيخ ثقافة الحوار الديمقراطي, ووضع رؤية متكاملة لعلاج العنف الاجتماعي, فإذا تم حل هذه المشاكل المترتبة علي التردي الاقتصادي, والصراع السياسي, والعنف الاجتماعي, وحين يتم تمهيد التربة الاقتصادية والاجتماعية المجتمعية, سيؤدي الأمن رسالته بكل اقتدار. التكنولوجيات الأمنية تلك هي العوامل المساعدة في تحقيق الأمن, وتمكنه من تحقيق رسالته, لكن علي المستوي المؤسسي الأمني, لابد من الارتفاع بالمستوي الثقافي والاقتصادي لرجال الشرطة, ذلك أنهم ينتمون لمستويات اجتماعية واقتصادية متبانية, ومن ثم يجب الاعتماد علي الجندي المثقف القادر علي التصرف في المواقف المختلفة, من خلال الاستعانة بمجندين من حملة الشهادات العليا, يضاف إلي ذلك أهمية الاتجاه لاستخدام التكنولوجيا الحديثة, التي يمكن أن تحدث نقلة نوعية في جهاز الشرطة, بما يساعد رجال الأمن علي ضبط الجرائم حال وقوعها, وتحديد مرتكبيها خلال ساعات, كأجهزة كشف الكذب, وأجهزة الأشعة, والتتبع, بالإضافة إلي الدورات التدريبية الأمنية المتخصصة, وكلها عوامل ستؤدي إلي الارتقاء بالأداء الأمني, ومن ثم تحقيق الاستقرار, وبث الطمأنينة في نفوس المواطنين. والحال كذلك, يجب علي أجهزة جمع المعلومات بذل الجهود لإيقاف نزيف دخول الأسلحة إلي مصر عبر الحدود, والأنفاق في منطقة سيناء, وكشف مخازن الأسلحة والذخيرة, واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها, وشن حملات تفتيشية وأمنية مكثفة لضبط البلطجية, وإصدار تشريعات عاجلة لتشديد العقوبات ضد من يحملون الأسلحة التي لا يجري استخدامها إلا في الحروب العسكرية, كالأسلحة الثقيلة, والقنابل اليدوية, وكذلك لابد من إصدار تشريع عاجل لمواجهة المظاهرات غير السلمية بكل حسم وحزم.. الحوار في مواجهة التطرف ومن الأهمية, مواجهة المخطط الجهنمي بتقسيم الشعب إلي مسلمين وغير مسلمين, عبر حوارات يجريها علماء الأمة ومشايخ الأزهر مع أصحاب الأفكار المتطرفة, إلي جانب ضرورة بث الحوارات التليفزيونية التي تمت إذاعتها في الثمانينيات من القرن الماضي, التي كانت ترد علي الأفكار المتطرفة لكشف المنتمين إلي هذه التيارات, ودحض أكاذيبهم, وافتراءاتهم, وأفكارهم الهدامة, والمخالفة للقرآن والسنة المطهرة, والاستعانة بقيادات ومفكري الجماعة الاسلامية كالدكتور ناجح إبراهيم, وكرم زهدي, وغيرهما ممن أعلنوا توبتهم عن العنف, لاقناع أعضاء الجماعة الذي لجأوا إلي حمل السلاح, في مواجهة الجيش والشرطة, لأنهم يعرضون أنفسهم إلي القتل, لأن التعامل معهم بالسلاح يدخل في نطاق الدفاع الشرعي. عودة الإرهاب الأمرلا يختلف كثيرا في رأي اللواء أحمد الفولي مساعد وزير الداخلية للحراسات الخاصة سابقا, حيث يري أن عودة الإرهاب الذي كان سائدا خلال التسعينيات من القرن الماضي, والذي تمكنت أجهزة الأمن من القضاء عليه, وترويع المواطنين, وحمل الأسلحة دون سند من القانون, والاعتداء علي المنشآت العامة والخاصة, الأمر الذي يستلزم الضرب بيد من حديد علي كل من يخالفون القانون, ويتظاهرون بالأسلحة, ذلك أن التهاون في الموجهات الأمنية يعني المزيد من حوادث العنف, مؤكدا أهمية تعاون الشعب مع المؤسسات الأمنية والعسكرية, وممارسة ضغوط علي رءوس هذه التنظيمات, والاستعانة بضباط الأمن السابقين الأكفاء, ممن لديهم خبرة في التعامل مع جرائم الإرهاب والترويع, ولا شك أن إعلان حالة الطوارئ لمدة3 شهور كما جاء في الاعلان الدستوري الأخير سوف يسهم في استعادة الأمن والهدوء في الشارع, وضبط البلطجية, والخارجين علي القانون, والمتظاهرين غير السلميين. فرض حالة الطوارئ غير أن اللواء حازم حمادي, ضابط أمن الدولة السابق والخبيرالأمني, يبدأ حديثه من تلك الصورة الرائعة التي التحم فيها رجال الشرطة مع الشعب, بعد انحيازهم إليه في ثورة30 يونيو, مما أدي إلي تحسين صورة رجل الأمن في نظر المواطنين, ومن ثم فإن حالة الود هذه يمكن أن تخلف حالة من التعاون والتضافر بين رجال الشرطة والمواطنين, مشيرا إلي ضرورة التعامل بكل حسم مع المخالفين أيا كانت انتماءاتهم, وتطبيق القانون علي الجميع, تضاف إلي ذلك أهمية فرض حالة الطوارئ في حفظ الأمن, وفرض حظر التجوال لساعات محددة علي مدي اليوم, بحيث يمكن التفريق بين المتظاهرين السلميين وغيرهم ممن يحملون الأسلحة, ويعتدون علي الممتلكات والمنشآت العامة والخاصة, لضبط الوضع الأمني بالشارع, ومن ثم ردع مرتكبي جرائم العنف, بعد انتشار عمليات تهريب السلاح, ورواج تجارته غير المشروعة في مصر بشكل كبير. تطبيق القانون وربما يجهل الكثيرون ممن يجري تسليحهم خلال المظاهرات العقوبات التي تنتظرهم وفقا لما جاء في المرسوم بقانون رقم6 لسنة2012 الذي أصدره المجلس العسكري السابق, لتعديل بعض أحكام القانون رقم394 لسنة1954, في شأن الأسلحة والذخائر, والذي بدأ سريانه في12 يناير2012, والذي يقضي كما يقول الدكتور بهاء الدين أبو شقة أستاذ القانون الجنائي ومحامي الجنايات الشهير- بعقوبة السجن المشدد المؤبد لعقوبة حيازة وإحراز الأسلحة الآلية, والسجن لمدة15 عاما والغرامة المالية عقوبة حيازة وإحراز الأسلحة غير المششخنة( المسدسات والبنادق), ولايجوز للقاضي استعمال الرأفة في الجرائم الواردة في المادة رقم17 بالنزول في العقوبة درجة أو درجتين كما هو الحال في بعض الجرائم, ومن ثم يصبح لزاما علي القاضي الحكم إما بالبراءة أو بالسجن المشدد, في حين تصل العقوبة إلي الإعدام إذا كانت حيازة تلك الأسلحة أو الذخائر أو المفرقعات بقصد استعمالها في أي نشاط يخل بالأمن العام أو بالنظام العام, أو بقصد المساس بنظام الحكم ومبادئ الدستور أو بالنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية أو الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي. وعلي ذلك, يطالب أبو شقة بتفعيل قانون البلطجة, وما ورد به من أن عقوبة القتل المقترن بالبلطجة تصل إلي الإعدام, ومن الأهمية تبني مبادرة بمنح مهلة مدتها15 يوما لحائزي الأسلحة, بحيث يتم إعفاؤهم من العقوبة حال استجابتهم للمبادرة, وتسليمهم الأسلحة طواعية, وإلا يتم تطبيق القانون علي المخالفين, الذي تصل العقوبة فيه إلي حد الإعدام. مهام عاجلة وبشكل عام, يري اللواء فاروق المقرحي, مساعد وزير الداخلية السابق والخبير في الشئون الأمنية أن استعادة الأمن والاستقرار, والتصدي للمتظاهرين غير السلميين حاملي الأسلحة ينبغي أن تكون أحد الاولويات العاجلة للحكومة الجديدة, ولا شك أن فرض حالة الطوارئ سوف يسهم في عودة الامور إلي نصابها الصحيح, مشيرا إلي أن حوادث العنف التي ترتكبها جماعة الإخوان والمنتمون إليها لم تكن مفاجئة, وكان متوقعا رفض تلك الجماعة التنازل عما حصلت عليه من مكتسبات خلال الفترة السابقة, مشيرا إلي أن جماعة الإخوان قد بدأت تجهز نفسها للدخول في مواجهات غير علنية مع أي سلطة حاكمة بالحصول علي السلاح وتخزينة, والاستعانة به وقت الحاجة, وقد ظهر ذلك جليا عقب عزل محمد مرسي, وهو ما شاهدناه من تظاهرات غير سلمية, واستخدام السلاح في ترويع المواطنين الآمنين, والاعتداء علي المنشآت العسكرية والشرطية, ناهيك عن الاستعانة بخريجي كليات الهندسة والعلوم لتصنيع القنابل اليدوية, والجماعات المسماة بالاسلامية, لفرض إرادتهم, وهو ما يجب التعامل معه بكل حسم, وإن اقتضي ذلك فض الاعتصامات بالقوة بعد إطلاق الانذارات و التحذيرات الشفهية, ثم إمهالهم ساعات قليلة للتخلي طواعية عن الأسلحة التي بحوزتهم, فإذا لم يستجيبوا يتم بعدها التعامل معهم, لخروجهم عن مقتضيات التظاهر السلمي بحيازتهم السلاح بالمخالفة للقانون. http://[email protected]