وسط تجاهل حكومي وخرس مجتمعي, تشهد قبائل الهزارة في باكستان' إبادة جماعية' منظمة منذ أكثر من51 عاما لتصفية تلك القبائل المسلمة التي تتخذ من اقليم بلوشستان موطنا لها. ف الهزارة ' تعرضت علي مدي العقد ونصف العقد الماضي الي129 هجمة إرهابية لم يسلم اي من مدبريها إلي ساحة القضاء.وتشير تقاير المنظمات الحقوقية الدولية الي تورط جيش البلاد فيما يحدث,مؤكدة انه انشأ منظمة خاصة لتدريب الجماعات الإسلامية المسلحة في البلاد بغرض تصفية الهزارة وتعزيز العنف الطائفي ونشر ال' طلبانية',وسط تصريحات براقة حول' استعادة السلام في بلوشستان'. وبعيدا عن الأهداف المعلنة, فإن تلك المنظمة تسعي سرا للقضاء علي الحركة الوطنية المعارضة لتدخل الجيش في الإقليم وللسيطرة علي موارده. أما الجماعات الإسلامية, من جانبها, فتنساق وراء طموحات الجيش التي تري فيها سبيلا عظيما للقضاء علي المذهب الشيعي في البلاد, متمثلا في الهزارة, وإحلال الشريعة الإسلامية في كل أنحاء البلاد. لكن الهزارة ليست مرادفا للشيعة علي النحو الذي يعتقده الكثيرون, فالقبائل التي يصل تعدادها الي850 الف نسمة تنقسم الي ثمانية فروع نصفها فقط من الشيعة أما البقية فتتبع المذهب السني. وذلك إلي جانب تفسيرات أخري تسندها للقوة الاقتصادية المتنامية للهزارة الذين يسيطرون علي الاسواق المحلية في بلوشستان, أو الي الانفصاليين في بلوشستان. أي كانت الاسباب التي تقف وراء ما يحدث,فهذا لا يمنع اننا بصدد جريمة بشعة بحق الانسانية لا يمكن تغافلها, فالإحصائيات تظهر أن أعلي نسب للوفاة في باكستان تسجل بين أبناء الهزارة التي تعد أصغر فئات المجتمع الباكستاني.فأصحاب المحال التجارية تطلق عليهم النيران داخل متاجرهم.وحجيج الهزارة يفجرون خلال طرقهم عبر القنابل المزروعة علي جانبي الطريق, فضلا عن انزال الهزاريين الذين يرتادون المواصلات العامة بالقوة لإردائهم قتلي في الطريق العام. هذا كله علي مسمع ومرأي من الحكومة التي لم تفكر حتي في فتح تحقيق للوقوف علي حقيقة ما يجري, وكان أكثر ما فعلته بعد الحادث الذي وقع في يناير الماضي وراح ضحيته200 شخص, تغيير حاكم الاقليم. حتي ان رد فعل الهزيل ذلك ترددت اياما في إعلانه حتي انطلقت المظاهرات المنددة شرقا وغربا ورفض اهالي الضحايا دفن جثث ذويهم والاعتصام الي جانبها في الطريق العام رافعين شعارات كتب عليها: اقتلونا جميعا اليوم..بدلا من قتلنا واحدا تلو الآخر. والهزارة التي ضربها حادث آخرأكثر عنفا في فبرابر الماضي,اختارت لنفسها التقوقع داخل مجتمعات تخلقها بأيديها والانعزال داخل التلال والجبال من حولها بدلا من البقاء في كويتا عاصمة بلوشستان- التي كانت ذات يوم رمزا للهوية الهازارية.وسجلت الاحصائيات تراجع نسبة حضور الطلاب الهازاريين في الجامعات خلال العام الماضي بنسبة بلغت95 %. وآثرت الأمهات عدم ارسال اطفالهن الي المدارس.أما الباكستانيون من حولهم, فقرروا ان ينأوا بانفسهم قدر المستطاع عن مرافقة الهزارة التي اصبحت مرادفة لاستعجال الموت بل وصل الأمر الي الحد الذي قد يبلغ فيه المواطنون المسلحون عن وجود هازاري في مكان ما عبر الرسائل النصية القصيرة. غير العزلة التامة, بقي للهازاريين الخيار الآخر وهو بلوغ' الأرض الموعودة' التي تمثلها استراليا- بالنسبة اليهم- اذ يفرون من كل اعمال التطهير العرقي التي تطاردهم ليبدأوا هناك حياة جديدة. لكن الخيار الثاني ليس أسعد حالا من الأول, فالدخول لاستراليا يكون بالطرق غير الشرعية علي نحو الذي تعرض فيه الطامحون الي الحياة المثالية الي مخاطر قد يلفظون معها انفاسهم الأخيرة. فالرحلة التي تبدأ من كراتشي الي بانكوك ومنها الي كوالالمبورعبر الطريق البري ثم الي اندونيسيا عبر المحيط الهادي علي ظهر قوارب أو سفن شحن كثيرا لا تقوي علي مواجهة امواج المحيط العاتية ودواماته فتغرق بكل من عليها.فحتي الآن سقط300 قتيل خلال محاولات الهجرة غير الشرعية الي استراليا.أما من يحالفه الحظ وينجو بنفسه, فيظل طريدا للشرطة الاسترالية ومعرضا للترحيل في كل لحظة.