التغيير في السياسة والحكومة والدعوة إلي انتخابات مبكرة.. هذه هي أهداف أضخم إضراب عام دعت إليه أكبر نقابة عمالية في البرتغال اليوم احتجاجا علي إجراءات التقشف الخانقة التي تفرضها الحكومة البرتغالية من تخفيضات في الرواتب وتسريح للعمال في القطاع العام ورفع سن التقاعد وزيادة ساعات العمل الرسمية غير مدفوعة الأجر. وتأتي هذه الاجراءات الصارمة من أجل ضمان استمرار برنامج إنقاذ مالي مقدم من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لمواجهة تداعيات أزمة الديون السيادية والحصول علي حزمة إنقاذ مالي مقابل إجراء إصلاحات هيكلية في الموازنة العامة للبرتغال. وتشهد البرتغال حاليا أسوأ فترة كساد في العقود الأخيرة وتزعم الحكومة البرتغالية أن فرض إجراءات التقشف الصارمة ما هي إلا من أجل تحقيق النمو الاقتصادي في البلاد. وتعهدت البرتغال التي كانت علي حافة الإفلاس لخبراء الترويكا منذ عامين مقابل الحصول علي قرض قيمته78 مليار يورو بإجراء خطة تقشف تنص علي خفض عجز الميزانية حتي أواخر عام2011 بنحو4% ليصل إلي4.6% سنة2012 و3% سنة.2013 وتتضمن إجراءات التقشف إلغاء المدفوعات الإضافية للمسئولين والعاملين وأصحاب المعاشات الذين يحصلون علي أكثر من ألف يورو شهريا وزيادة ساعات العمل ساعة يوميا في القطاع العام ونصف ساعة في القطاع الخاص غير مدفوعة الأجر. وتعتزم الحكومة البرتغالية رفع سن التقاعد عاما واحدا, ليصبح66 عاما بدلا من65, وذلك في إطار سلسلة تخفيضات جديدة للإنفاق تحتاج إليها لخفض العجز في الموازنة, والوفاء بالأهداف المحددة في برنامج الانقاذ المالي الذي يدعمه الاتحاد الأوروبي. وتواجه حكومة بيدرو باسوس كويليو أضخم إضراب في تاريخ البرتغال قد ينتهي بالإطاحة بالحكومة والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة علي غرار ثورات الربيع العربي والربيع التركي مؤخرا, وشهد الأسبوع الماضي احتجاجات شعبية حاشدة وإضراب للعاملين في مترو الأنفاق احتجاجا علي تردي أوضاع قطاع النقل والأوضاع الاقتصادية بشكل عام. فالوضع الراهن يقود البلاد إلي كارثة اقتصادية حقيقية وينذر باندلاع ثورة الغضب الشعبي احتجاجا علي الأوضاع. ومن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للبرتغال بنسبة2.3% خلال العام الجاري, وأن يحقق خلال العام المقبل نموا بنسبة0.6%, وفقا لتوقعات تقارير خبراء الاقتصاد في منطقة اليورو الصادرة عن المفوضية الأوروبية. وتوقعت المفوضية الأوروبية في فبراير الماضي انكماشا للاقتصاد البرتغالي بنسبة1.9% للعام الجاري ومعدل نمو يبلغ0.8% في العام المقبل, وحذرت المفوضية من أن تباطؤ الصادرات وتنامي البطالة التي يبلغ معدلها حاليا أكثر من17% يمكن أن يؤدي إلي تفاقم التوقعات الاقتصادية فيما بعد. وتنتظر البرتغال إفراج وزراء مالية الاتحاد الأوروبي عن الشريحة التالية من حزمة قروضها, كما أنها لا تزال في حاجة إلي موافقة نهائية علي إجراء يمنحها سبع سنوات إضافية لسداد قيمة قروض الإنقاذ التي تلقته. فالوضع في البرتغال يمضي من سييء إلي أسوأ. وأظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة بوبليكو البرتغالية الأسبوع الماضي أن57% من البرتغاليين يطالبون برحيل حكومة التقشف, وهو ما يلوح ببدء عهد التغيير. فهل تكون الإجراءات التقشفية الصارمة التي فرضتها الحكومة في لشبونة قد أعطت إشارة البدء لعهد الربيع البرتغالي؟.