إن ناقوسا للخطر يدق فهل سيسمع أحد ؟ لم أشعر يوما بالخوف علي وطني ووحدته كما شعرت هذه الأيام ، حتي في أحلك اللحظات كان الأمل يغمرني ويحول دون تمكين اليأس من نفسي، كنت دائما أري نورا في نهاية النفق، كنت أشيع التفاؤل في النفوس وأعضد من أزر من يتسلل اليأس إلي قلبه وأزيده إيمانا بقدوم نور الفجر مهما طال ظلام الليل، إلي أن جاء هذا الأحد الأسود بفاجعته ومذبحته، فأصاب أملي في مقتل، وتملك اليأس والإحباط مني رغم أنهما لم يجدا يوما مكانا في حياتي! إن مذبحة زواية أبو مسلم بمركز أبو النمرس بالجيزة التي راح ضحيتها أربعة مواطنين مصريين وأصيب خمسة آخرون، قد أسقطت ورقة التوت عن مجتمعنا وكشفت بكل قبح حجم التدهور الذي وصلنا إليه، إن وحشية يوم الأحد الماضي قد وأدت الرحمة في القلوب وحولتها إلي صخر صلد يفيض غلظة وقسوة ، لقد قتل المسلم أخيه المسلم ، و زهق روح جاره بلا رحمة أو شفقة، وسحل أجسادا لا حول لها ولا قوة ومثل بهم ولم يطرف له جفن أو تدمع له عين ! لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار ما قام به أهالي أبو مسلم حادثا مؤسفا أو عابرا وإنما ناقوس خطر ينذرنا بأننا علي حافة الهاوية، بعد أن تخلينا عن سماحتنا واعتدالنا وقبلنا بالتطرف منهجا والتشرذم أسلوب حياه، فاستبحنا دماء بعضنا البعض، تارة لكونهم خارجين عن القانون رغم عدم ثبوت الإدانة كما فعلت بعض المحافظات من قبل، وتارة بالتخوين والتكفير وتنصيب أنفسنا أوصياء علي البشر رغم أن كل الأديان السماوية تنبذ العنف وتحرم قتل النفس وتدعو للتراحم والتسامح، وللأسف الشديد من قام بهذه المذبحة لا يعي حرفا واحدا من تعاليم دينه. فعندما تغيب الرحمة يعيش البشر حياة الذئاب، ويبدو أننا قد نسينا أو تناسينا كيف شجبنا ونددنا ورفضنا حملات الإبادة الجماعية التي تعرض لها المسلمون في بورما ميانمار ، أليست مجزرة قتل الشيعة في مصر هي الأخرى تتنافي مع كل الأديان السماوية والقيم الإنسانية وحقوق الإنسان التي أقرتها سائر المبادئ والاتفاقيات الدولية، ألم يحن الوقت لرفع الظلم عن المضطهدين ونبذ التمييز والعنف الطائفي وتفعيل مبادئ المواطنة بحق ليعيش كل مواطن علي أرض هذا الوطن في أمن وسلام. عندما قامت ثورتنا البيضاء السلمية في الخامس والعشرين من يناير 2011حلمنا بالحرية وبمجتمع ديمقراطي يحترم الحقوق والحريات، حلمنا بمجتمع يتمتع فيه كل مواطن بالحريات الأساسية غير القابلة للتقييد وفي القلب منها حرية العقيدة، فمن حق كل مواطن أن يتمتع بحريته كاملة غير منقوصة لسنا أوصياء من الله علي خلقه أو وسطاء بين العبد وربه فسبحانه وتعالي أعلم بما تخفي الصدور . لا نريد أحدا أسودا أخر في الثلاثين من يونيو القادم، وأذكركم بقوله تعالي : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍوَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُ مْعِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير".