انتهزت مجموعات متشاحنة فرصة انشغال الأمن ففاجأتنا الانباء عن هدم ارهابي متعمد للمجمع العلمي والذي هو من المباني الاثرية ذات القيمة. هذا بخلاف حريق واتلاف لما يحتويه من كتب وأدوات قيمة اخري مثل كتاب وصف مصر وكتب بلا اصول ككتاب التراث العلمي من القرون19,18,.20 وقد شاهدنا هدما بلا تصريح في غياب الامن لمبان تاريخية معمارية ذات قيمة ليتحول عملها إلي مبان تجارية ليس لها أي قيمة فنية. يتم كل عام بمعرفة الوزارات والمحليات والقطاع الخاص إقامة مبان عامة وخاصة من مدارس ومستشفيات ومسارح ومصانع, هذه المباني يدخل فيها المباني الثقافية التذكارية التي توجد في مراكز المدينة والاحياء كدور الوثائق ومتاحف الاثار والعلوم والفنون. وهذه علاوة علي كونها مباني ذات قيمة فهي تحتوي جميعها من تاريخ العالم والأمة علي اثار تاريخية وكتب واطالس ولوحات ونماذج لاتقدر بثمن يزور المواطن هذه المباني كباحث وزائر عادي فيستزيد بها علميا ويشعر وجدانيا انه جزء من مجتمع دولي ومحلي ناهض نشيط متقدم هاديء ومستقر. تمثل كثير من المباني اتجاها مجمعا عمرانيا أو قيمة لعديد من المباني قد تتعرض هي ومحتوياتها للهدم أو التشويه بتحويلها إلي إستعمال تجاري لعجز الورثة عن الاستمرار في تحمل نفقاتها فيتصرفون فيها بالهدم أو البيع. وفي هذا هدم مادي ومعنوي لمرحلة أو لحدث أو لشخصية أو لإتجاه فني معماري مهم وبذلك يحرم الشباب والكهول من المتعة بفترة أؤ بشخصية مهمة. لقد وعي المشرع في الظروف العادية بالخطر من هذه التعديات سواء بالهدم أو البيع أو التعديلات غير الواعية فأصدر قانون144 لسنة2006, ويهدف إلي المحافظة علي المباني والأحياء ذات القيمة والتي لم يصبها تشويه في طابعها العام. وذلك لمنع التدخل فيها جزئيا أو كليا بالحذف أو بالإضافة للواجهات الا بتصريح خاص من هيئة التنسيق الحضاري, وقد صرح القانون باضافات تتفق مع الطابع العام للمبني سواء كان ذلك في بوابات أو مباني في الحدائق مع السماح بالتعديلات الداخلية لوظائف اخري ذات علاقة بالإستعمال الأصلي مثل تحويل منزل الشاعر أحمد شوقي لمركز ثقافي ومتحف محمد محمود خليل وحرمه وقصور الأمراء والاميرات لمتاحف للفنون وللمجوهرات الملكية. ولكن القانون لم يتعرض لضرورة المحافظة علي محتويات مثل هذه المباني, اذا ما كانت ذات قيمة أو معرفية أو اثريه, وفي هذه الحالة يشترط القانون المقترح الاحتياطات الفنية الواجب اتخاذها منعا للتعرض البشري أو التلف نتيجة لخلل في الاستعمال أو الصيانة. وقد تشكلت علي مستوي الجمهورية لجان لرصد المباني القيمة والأحياء المميزة. ويا حبذا لو امتد الرصد للمحتويات ذات قيمة. وقد أصدرت المحافظات قرارات لحفظها وعدم ازالتها أو التعديل فيها خارجيا اللهم الا بالتقوية أو التدعيم وليس بتغير أي من تفاصيلها. كما فرض القانون علي المحافظات وضع قوانين خاصة للبناء المستحدث في مثل هذه الاحياء المميزة بحيث يرتبط بالارتفاعات ومواد البناء والالوان واستعمال البواكي ان وجدت. مثل هذه المباني ذات القيمة يسمح لها بالتغيير الداخلي لاستعمالها لأهداف ذات جدوي اقتصادية أو قيمة ثقافية افضل. ومع ذلك فنحن نري كل يوم وبالذات في الأشهر الأخيرة بعد الثورة اعدادا بالمئات من الفيلات والمباني ذات القيمة قد تعرضت للهدم والتعديل بالحذف والإضافة منتهزين فرصة غياب الأمن, وقد نتج عن هذه المداخلات غير القانونية فقدانا لثروة قومية معمارية عمرانية حضارية لتحل محلها عمارات شاهقة مرهقة للأحاسيس والطاقة والخدمات الأساسية ثم بناؤها في أشهر بل في أيام معدودات. واذا ما تقدم المبني ذو القيمة التاريخية والفنية في العمر ليزيد علي مائة عام وهو قائم يتحول إلي اثر هو ومحتوياته من اثاث ولوحات ومقتنيات ليحافظ عليه المجتمع بحكم قانون الآثار فيمنع عنه اي استعمال لنشاط تجاري أو سكني اللهم النشاط الديني. ويتم المحافظة علي الأثر بمعرفة الأمن وصيانته بمعرفة اموال موقوفة من جمعيات أهلية أو من خلال عائد مقابل زيارة الأثر المصان والمحفوظ كثروة قومية. ومن هذه المباني مايحتوي علي محتويات لا تقدر بمال مثل المتحف المصري والجمعية الجغرافيا وغيرها مما لانريد ان نلفت الانظار اليها. من هذه المباني ما شهدت احداثا تاريخية مهمة مثل فتح الفرنسيين لمصر كما عاصرت الشخصيات المرموقة كما في المجمع العلمي الذي احتل مبني من طراز عصر النهضة والذي احتوي اهم مخرجات علماء نابليون بونابرت بحيث يكون تسجيلا لمرحله مهمة شاهدا علي مفهوم حاكم مرموق. مثل هذه المباني هي ذاكرة لجغرافيا وتاريخ الامة في فترة مهمة من تاريخها السياسي والاجتماعي والفني. هذه المبني وغيرها تحتوي علي رسومات واطالس من المعرفة والاثار وذكريات لا ينبغي ان تمحي من ذاكرة الامة. وفي ظروف الاضطرابات توقعنا احتمالات الارهاب والتخريب بالحريق. وقد اتخذنا احتياطاتنا الكافية للمكتبة المركزية بجامعة القاهرة لحفظ مقتنياتها من النسخة الأصلية لوصف مصر ومجموعات الأمير يوسف كمال وغيرها من مقتنيات لا تقدر بثمن. وقبل الحوادث الاخيرة احاطت ادارة المكتبة المتحف بحوائط من الفولاذ المانع أي مخرب عن طريق الاحتراق أو الكسر مع دفع أي مواد ملتهبة داخل المكان من خلال القضبان الحديدية الأمر الذي كان من الممكن تفاديه في المجمع العلمي. ومنعا لاي تخريب داخلي يلزم وضع وسائل الانذار والاطفاء الاوتوماتيكية بالغازات الخاصة وضباب المياهMIST المانع لوصول الاكسجين إلي الحريق والمتصل بادارات الأمن والأطفاء وكذلك وقبل كل شئ لعمل نسخ رقمية لكافة المحتويات القيمة أو استبدال النسخ الاصلية باخري غير اصلية كما فعل متحف اللوفر في اثناء الحرب العالمية الثانية, لقد اصبحت هذه الوسائل التكنولوجية متاحة وهي اقتصادية علي المدي البعيد لحفظ مفردات الصناديق المعمارية ذات القيمة والمحتوي الذي يمثل ثروات معمارية لا يمكن تعويضها. Email:[email protected] المزيد من مقالات د. على رأفت