تجدد الحديث عن واقع ومستقبل الشيعة في الخليج في أعقاب قرار مجلس التعاون الخليجي بفرض عقوبات علي اعضاء حزب الله اللبناني في دول المجلس, سواء في إقاماتهم أو معاملاتهم المالية والتجارية, إضافة إلي تصاعد الصراع السني الشيعي الذي تتزايد حدته بوضوح في الوقت الراهن. وفيما يتعلق بأوضاع الشيعة في الامارات, فانها تعكس خصائص المجتمع الاماراتي المتنوع بما يضمه من ثقافات وأعراق مختلفة.. حيث يجسد الشيعة في الامارات, أكثر حالات الاندماج في دول الخليج, فلم يشهد المجتمع الاماراتي بروز قضايا تتعلق بالشيعة, كتلك التي تشهدها دول خليجية أخري.ومع تصاعد الحديث عن قضايا الشيعة وتأثيرها في مستقبل الخليج, صدرت عدة تقارير ترصد أسباب اختلاف أوضاع الشيعة في الامارات عن باقي دول الخليج, وتوصلت الي أن أهم ما يميز شيعة الامارات عن غيرهم هو تغليب مبدأ المواطنة علي الطائفة. واللافت للنظر مع تصاعد' المسألة الشيعية' في عدد من دول الخليج هو اختلاف موقف شيعة الامارات, وذلك لإدراكهم أنهم مواطنون أولا قبل أن يكونوا شيعة, ولم يقفزوا علي المواطنة لصالح الطائفة, في أي وقت من الأوقات, حتي لو حانت الفرصة, ولم يعرف عنهم الخروج بموقف, أو بيان, يحسب لطائفتهم. ويؤكد المراقبون أن التاريخ يسجل لهم أنهم حالة مختلفة عن نظرائهم في دول الخليج, فطوال تاريخ تعايشهم مع الغالبية السنية, تمكنوا من الاندماج بصورة شبه كاملة مع باقي مكونات مجتمعهم المحلي, وظلوا يعمقون مفاهيم المواطنة. والمجتمع الاماراتي بطبيعته ومنذ زمن بعيد متسامح لا يوجد فيه تعصب ولا تمييز سواء علي مستوي الدولة أو الافراد, وجميع الاماراتيين سواسية في حقوقهم الوظيفية والمعيشية, فهم مجتمع لا يعرف أي تقسيمات, فلا يوجد اماراتي سني وآخر شيعي. ويمثل الشيعة نحو2% من الشعب الاماراتي, يمارسون طقوسهم الشيعية بكل حرية ولا يواجهون أية مصاعب سواء من الدولة أو أفراد المجتمع ولهم حسينياتهم. وعن وصف البعض للشيعة في الخليج بأنهم خلايا إيرانية نائمة يقول المراقبون, أن هذا التوصيف جائر في حق الشيعة في الخليج لانهم في الأساس عرب ولا يجوز تعميم هذا الامر علي كل شيعة الخليج اذا قام جزء منهم بالتفاعل مع ايران موضحين أنه وفقا لأحد تقارير الحريات الدينية التي تصدرها الخارجية الأمريكية, فإن نسبة الشيعة في الإمارات تصل إلي15%, الا أنه يصعب تقسيم المجتمع الإماراتي إلي سني وشيعي, كما لا يمكن القول إنهم منفصلون عن واقعهم المحلي, بل لا يمكن حتي التفريق بين المواطن السني والمواطن الشيعي, فالزي واحد واللهجة واحدة. ويعود الوجود الشيعي في الإمارات إلي منتصف القرن التاسع عشر, حينما بدأ الشيعة من البحرين والساحل الشرقي للسعودية, بالتوافد إلي الإمارات عامة, وإلي إمارة دبي خاصة, وتبعهم بعد ذلك شيعة إيران والهند. ويشكل شيعة الإمارات جزءا من النسيج الاجتماعي, ويجسدون أكثر حالات الاندماج نجاحا في منطقة الخليج.. ومما ساعد علي اندماج الشيعة أن مجتمع الإمارات يعد من أكثر المجتمعات الخليجية تسامحا فيما يتصل بالأديان, وأشدها تنوعا في الأعراق والأقوام والثقافات. ويتركز وجود الشيعة في دبي والشارقة وأبوظبي, ولهم وجود محدود في بقية الإمارات, ويغلب علي المجتمع الشيعي في الإمارات مذهب الإمامية, وتتنوع أصولهم العرقية إلي عرب, وهم البحارنة الذين جاءوا من شرق الجزيرة العربية; مثل البحرين, والإحساء والقطيف في السعودية.. وإيرانيين, وأبرزهم اللاريون والأشكنانيون.. وهنود, ومنهم اللواتية, الذين هاجروا قبل قرون من منطقة حيدر آباد الهندية إلي سلطنة عمان, ومنها إلي الشارقة ودبي. وبالاضافة الي المواطنين الشيعة, يوجد في الإمارات عدد كبير من الإيرانيين الشيعة, ووفقا للتقديرات يصل اجمالي عدد الجالية الايرانية إلي500 ألف ايراني يتركز معظمهم في دبي.. كما يقيم في الامارة أيضا عدد من أتباع طائفة البهرة التي تنتسب إلي المذهب الإسماعيلي, ويقدر عددهم بعدة آلاف, ومعظمهم يحمل التابعية الهندية والباكستانية. وتعتبر كافة جوامع الشيعة وحسينياتهم ومآتمهم ملكا خاصا, ولا تتلقي أي تمويل من الحكومة, وتتبع في إمارة دبي مجلس الأوقاف الجعفرية الخيرية.. ومن أبرز المساجد والمآتم الشيعية في دبي, مسجد الإمام علي, الذي يعد أقدم مساجدهم في الإمارة.