هل أصبح الفيس بوك بديلا للزيارات العائلية والاتصالات التليفونية بالأهل والأصدقاء والوسيلة المثلي للتواصل الاجتماعي وصلة الأرحام؟! وإذا كانت ضغوط ومتطلبات الحياة الاجتماعية لا تسمح بتبادل الزيارات العائلية فكيف يمكن استغلال الفيس بوك في التواصل مع الأهل والأقارب, دون الانجراف إلي ما تروجه الكثير من صفحات التواصل الاجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية من شائعات مغرضة أو مساس بسمعة الآخرين؟! علماء الدين يؤكدون ان الفيس بوك هو إحدي الوسائل العصرية للمعرفة والتواصل مع الآخرين رغم ما به من سلبيات, ويطالبون المؤسسات التربوية والمتمثلة في الأسرة والمدرسة والمسجد والنوادي وغيرها بضرورة تبني برامج تربوية سليمة, تعتمد علي القيم والأخلاق والتي تمكن الشباب من جعلالفيس بوك وسيلة للتواصل والتعارف وصلة الرحم بعيدا عن بث الشائعات والكذب والتضليل والنفاق الذي ينتشر حاليا في أغلب صفحات الفيس بوك. وأوضح الدكتور نبيل السمالوطي, أستاذ علم الاجتماع والعميد السابق لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر, أن صفحات الفيس بوك علي الانترنت من وسائل الاتصال الحديثة المهمة والمستحدثة والتي لها الكثير من الايجابيات, كما أن لها عدد كبير من السلبيات, فمن أهم الايجابيات التعرف علي أحدث الأخبار سواء السياسية أو الاقتصادية او الاجتماعية أو حتي الأخبار الشخصية, والتعرف علي آراء الناس والتواصل بين الأصدقاء والجماعات سواء الجماعات الفعلية الحقيقية أو الجامعات الافتراضية علي الانترنت فقط. كما أنه وسيلة من وسائل طرح الآراء بحرية تامة, فكل إنسان يستطيع أن يطرح آرائه في اي من قضايا المجتمع بحرية, والتعرف علي الرأي العام تجاه قضية مجتمعية معينة, وعلي الرغم من ان الفيس بوك لا يعد مؤشرا او مقياسا موضوعيا ولا يعتد به في البحوث العلمية, لكنه واحد من المؤشرات المهمة التي قد يعتد بها لتأكيد نظرية معينة. لكن هناك الكثير من السلبيات التي تصدر عن أناس غير مسئولين ينقصهم الوعي القيمي والأخلاقي والديني, ومن ثم يمكن من خلال الفيس بوك نشر أخبار كاذبة أو الخوض في أعراض الناس أو تشويه سمعه بعض المسئولين آو حتي بعض الأشخاص, كما أنه يمكن من خلاله عرض بعض مقاطع الفيديو المأخوذة من سياق عام, فتصبح هذه المقاطع مسيئة إلي قائلها علي غير الحقيقة, وذلك بهدف تضليل المجتمع, هذا إلي جانب قيام بعض أصحاب النفوذ الضعيفة أن تعرض علي الفيس بوك بعض الآراء أو بعض مقاطع الفيديو الإباحية, او المقاطع التي تهدف إلي نشر الشائعات أو التي تثير الفتن وتثير الرأي العام وتزييف الحقائق خاصة أن صاحب هذه الآراء لا يكتب أسمه الحقيقي فقد يدخل بأسماء وهمية أو زائفة. وسيلة للتواصل وصلة الرحم ولكي يكون وسيلة للتراحم والتواصل الاجتماعي ونهضة المجتمع, يجب أن تنمو برامج التوعية في المجتمع والخاصة بالتعامل مع شبكات الانترنت كما يجب أن تنهض مؤسسات التربية والمتمثلة في الأسرة والمدرسة والمسجد والنوادي, في توعية الشباب, بكيفية التواصل السليم من خلال الفيس بوك, بما لا يخالف القيم والأخلاق المجتمعية, وأن تقوم وسائل الأعلام المختلفة بدورها في ترشيد استخدام الشباب للفيس بوك, فلا أمل إلا من خلال التربية والتعليم والإعلام والتوعية, وبناء شخصيات سوية ترفض الإشاعات والأباطيل والأكاذيب والفتن, وتحرص علي الصالح العام وما يحقق النفع الشخصي والأسري والمجتمعي دون هجوم أو عدوانية أو إساءة إلي أحد الأشخاص أو المؤسسات أو المسئولين من جانبه يوضح الدكتور إسماعيل عبد النبي شاهين, أستاذ الشريعة ونائب رئيس جامعة الأزهر السابق, أن الفيس بوك شأنه شأن المخترعات الحديثة المفيدة للإنسانية مثل التليفزيون والراديو والتلسكوب إلي آخره, وهذه المخترعات منها الجانب النافع, والجانب الضار, وفقا لنوع الاستخدام, وإذا استخدمت صفحات الفيس بوك فيما ينفع ويفيد المجتمع أصبح أمرا محمودا وأصبح نافعا في التواصل وصلة الأرحام بين الناس, في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها اليوم بل وحضت عليه الشريعة الإسلامية, التي أمرت بأن نأخذ بأسباب التقدم في كل المجالات بما لا يحل حراما أو يحرم حلالا, ومن هنا كانت القاعدة الشرعية أن الأصل في الأشياء الإباحة فيما لم يرد فيه نص للتحريم, بل إن الشريعة الإسلامية هي من أكبر الشرائع والنظم التي تدفع المسلمين لإعمال فكرهم وتدبير أمورهم ومسايرة التطور والتقدم في كل مناحي الحياة حتي ترتقي وتنهض الأمة الإسلامية, وشواهد التاريخ الإسلامي خير دليل علي ذلك, فهذا سلمان الفارسي يشير علي الرسول صلي الله عليه وسلم بحفر الخندق في غزوة الخندق حتي تم النصر للمسلمين بل أن علماء المسلمين من هذا المنطلق هم الذين ساهموا مساهمة بارزة في اختراع العلوم الحديثة التي أدت إلي تقدم العالم فكان من ثماره اختراع الغرب للانترنت والفيس بوك, فعلماء المسلمين اخترعوا التلسكوب والبوصلة وعلم الكيمياء والفيزياء وعلم الفلك والطب ومن هنا كان الفيس بوك ابتكارا عصريا مفيدا للمجتمع وهذا يتوقف علي حسن استخدامه من قبل أي مستخدم فيما لا يضر بالآخرين, ولا يضر بالأمة لأنه وسلة تواصل اجتماعي وتبادل معلومات علمية واجتماعية وتبادل خبرات إنسانية فيما يؤدي إلي تقدم الأمة الإسلامية.