في الساعات الآولى.. 13 مرشحًا يقدمون أوراق ترشحهم في ماراثون النواب بسوهاج    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    السيسي يوجه بإطلاق اسم أحمد عمر هاشم على مسجد وطريق ومحطة قطار    وزير العمل: استمرار الاختبارات للمتقدمين للعمل في لبنان بقطاع المطاحن    نيابة عن الرئيس السيسي.. مدبولي يترأس وفد مصر في قمة الكوميسا ال24 بنيروبي    أسعار الدواجن في مطروح اليوم    مصر تحقق إيرادات سياحية بقيمة 16.7 مليار دولار خلال 2024-2025    جامعتي القاهرة ونيو جيزة يتعاونان في الدراسات العليا لطب الأسنان    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يقتحم المسجد الأقصى    الخارجية الإسرائيلية: ترحيل ركاب سفن أسطول الحرية قسريا على الفور    الفصائل الفلسطينية تعلن تبادل قوائم الأسرى مع إسرائيل في شرم الشيخ    أوكرانيا وألمانيا تبحثان تعزيز التعاون في قطاع الدفاع    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    توجيه رئاسي بإطلاق اسم الدكتور أحمد عمر هاشم على مسجد وطريق ومحطة قطار    القنوات الناقلة وموعد مباراة مصر وجيبوتي في تصفيات كأس العالم 2026    صحيفة دنماركية تكشف تفاصيل تعاقد الأهلي مع ثوروب    القبض على رئيس حي شرق بالإسكندرية بعد ساعات من تولي منصبه في قضية رشوة    الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء 8 أكتوبر    إخماد حريق داخل منزل بالفيوم وإصابة شخص باختناق    التعليم تُعيد المعلمين المحالين للمعاش خلال العام الدراسي الحالي إلى العمل    قنا.. القبض على متهمين في مشاجرة بين عائلتين بفاو عطلت حركة القطارات بدشنا    سفير بولندا: سعداء بفوز العناني برئاسة اليونسكو ونعتبره خبيرا عالميا    ليلى أحمد زاهر تخطف الأنظار بإطلالة كاجوال من سيارتها    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفيات شرق المدينة ورأس التين وجمال عبدالناصر بالإسكندرية    قافلة «حياة كريمة» تقدم خدماتها الطبية بالمجان للمواطنين بقرية صندفا ببني مزار    8 أكتوبر 2025.. الدولار يستقر أمام الجنيه عند أدنى مستوياته خلال 16 شهرا    رئيس هيئة الشراء الموحد يبحث مع مستشار الرئيس للصحة الموقف التنفيذي لمشروع «المخازن الاستراتيجية»    ميناء دمياط يستقبل 30 سفينة متنوعة اليوم    هيئة الدواء تستقبل وفداً لبنانياً رفيع المستوى للاطلاع على التجربة التنظيمية المصرية الرائدة    إدخال 16 شاحنة نقل مياه و5 سيارات إسعاف إماراتية من معبر رفح إلى غزة    إصابة 9 أشخاص في تصادم سيارتين بالطريق الحر بالقليوبية    جامعة حلوان تعلن نتائج جائزة التميز الداخلي وتكرم الكليات الفائزة    من داخل الطائرة الانتحارية    وفاة الكوميديان الكوري جونج سي هيوب عن عمر يناهز 41 عامًا    ميكانيكية «الضوء» على خشبة المسرح    عروض فنية وندوات ثقافية.. احتفالات متنوعة نظمها قطاع المسرح في ذكرى النصر    داوني جونيور وتوم هولاند يروجان لشركتهما التجارية في إعلان جديد (فيديو)    في ذكرى رحيله، شادي عبد السلام عبقري السينما المصرية الذي سبقه الزمن ورفض أن يساوم على التاريخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في محافظة الأقصر    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    اليوم.. الأهلي يعود للتدريبات استعدادا لمواجهة أيجل البوروندي    دراسة تحذر: تناول علبة مشروبات غازية يوميًا يرفع خطر الإصابة بمرض كبدي خطير ب60%    وحدة أورام العيون بقصر العيني تقدم خدمات تشخيص وعلاج متكاملة بالمجان    «الاعتماد والرقابة» تستقبل وفدًا لبنانيًا للاطلاع على التجربة المصرية في تطبيق التأمين الشامل    زحام من المرشحين على أسبقية تقديم أوراق انتخابات مجلس النواب بالأقصر    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    ترحيل عصام صاصا وآخرين لقسم شرطة دار السلام بعد إخلاء سبيلهم    ابنة أحمد راتب: أشهد الله أنك يا حبيبي تركت في الدنيا ابنة راضية عنك    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    «حرام عليكم الجمهور.. ادوا للنادي حقه».. ميدو يوجه رسائل بشأن الزمالك    «تعابين متعرفش تمسكها».. 3 أبراج بارعة في الكذب    «صحح مفاهيمك» تنشر الوعي وتتصدى للظواهر السلبية بالمنوفية    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    فيريرا يخطر أجانب الزمالك بموعد الانتظام في التدريبات تجنبا للعقوبات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سد النهضة.. خيار بين الحياة والموت
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 06 - 2013

النيل هو حياة المصريين وبدونه فلا حياة، وهو يجري في شرايينا، ولو نظرت إلى معصمك فستراه، إنه وريدك الأزرق أقرب الشبه إلى تفرعات دلتا نهر النيل عند مصبه في البحر المتوسط، ثم أقرب الشبه في تعرجاته إلى القلب، حتى منبعه في إثيوبيا عند بحيرة فيكتوريا؛ فلا عجب أن يكون النيل هو شريان حياة مصر ووريدها.
يجري النيل من الجنوب إلى الشمال؛ ليتفرع إلى فرعين يصبان في البحر المتوسط هما فرع رشيد وفرع دمياط، يجري النيل في حوض عظيم، تبلغ مساحته مليونين وتسعمائة ألف كيلو متر مربع، ويمثل الركن الشمالي الشرقي من إفريقيا، يجري بداية من خط الاستواء حتى البحر المتوسط، ويمر في عشر دول هي: مصر، وأوغندا، وإثيوبيا، وإريتريا، والسودان، والكونغو الديمقراطية، وبوروندي، وتنزانيا، ورواندا، وكينيا، جميع دول حوض النيل تعيش على الري بالمطر والنهر، لكن مصر تعيش على النيل فقط، فالتربة والحاصلات الزراعية والنبات والحيوان والحياة الإنسانية على وجه السواء يقرر مصيرها النيل.
يعيش شعب مصر على ضفاف وادي النيل، وقد بدأ حياته في الوادي منذ بضعة الآف من السنين، استطاع خلالها أن يبني صرح الحضارة في أرجاء هذا الوادي قبل أي شعب آخر، فالنيل بالنسبة لمصر هوشريان الحياة.
ففي قصيدة فرعونية ترجع إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد تقول: "حمدا لك أيها النيل! الذي يتفجرمن باطن الأرض؛ ثم يجري ليغذي مصر، فهو الذي يسقي الحقول، … فلولاه ما ازدهرت الزراعة ولا الصناعة، ولولاه ما حصد القمح ولا الشعير وامتلأت بها الخزائن، وأقامت الهياكل حفلات الشكر على الغلة الموفورة والخير العميم"، وتأمل معي عزيزي القارئ في الأبيات التالية: "والويل للأرض ومن عليها حين يقل ماؤه ويجيء فيضانه شحيحًا قليلًا، فهنالك تهلك النفوس، وينادي الجميع بالويل والثبور...."
وبعدما أكد جميع الخبراء أن سد النهضة -الذي بدأت إثيوبيا خطوات عملية في بنائه- يؤثر بالسلب على نهر النيل، وعلى حياة المصريين، بل على وجود مصر الحضارة والتاريخ بشكل عام، كما أكد القانونيون الدوليون أن إثيوبيا قد انتهكت مبادئ القانون الدولى، وهو مبدأ "حسن النية في تنفيذ المعاهدات الدولية"؛ وذلك لأن نهر النيل ليس إثيوبيًا، ولا مصريًا ولا كينًا ولا كونجوليًا خالصًا، لكنه نهرٌ دولى، ومن ثم فالعبارات التى أدلى بها السفير الإثيوبى فى مصر منذ أسبوع، والتى صرح فيها بعزم بلاده على إنشاء سد النهضة هى تصريحات غير مقبولة، فنهر النيل ليس حكرًا على إثيوبيا فحسب، خاصة أن إثيوبيا قد سبق ووقعت 3 اتفاقيات دولية ملزمة لها، تنص على ألا تقيم أى مشروعات، أو سدود على النيل الأزرق من شأنها المساس بحصة المياه المتدفقة إلى مصر والسودان، أو تغير مسار نهر النيل فى الأراضى الإثيوبية، وأولى هذه الاتفاقيات وقعها ملك إثيوبيا عام 1902 مع بريطانيا، والاتفاقية الثانية وقعتها إثيوبيا فى أديس أبابا مع السودان فى 1972، والاتفاقية الثالثة وقعتها إثيوبيا مع مصر عام 1991.
لا يختلف أحد في أن من حق إثيوبيا أن تبدأ فى تنفيذ أى مشروعات خاصة بالتنمية والبناء، فهذا حق سيادي لها ولشعبها، لكنه مقيد بألا تجور أو تفتتئ على الحقوق التاريخية المكتسبة لباقى حقوق دول حوض النيل، وعلى رأسها مصر دولة المصب الوحيد ذات الموقع الجغرافى الحرج ، فإنشاء "سد النهضة"، والعزم على إنشاء 3 سدود أخرى يشكل انتهاكًا لمبدأ "حسن النية" والتعسف فى استعمال الحق.
ويشير أساتذة القانون الدولى العام، إلى أن جميع الاتفاقيات الدولية لحوض النيل، والتى حفظت الحقوق التاريخية المكتسبة لمصر، إنما راعت مصر لكونها دولة المصب الوحيدة لنهر النيل، والتى تتأثر جغرافيا وطبيعيا وواقعيا بأى مشروعات على نهر النيل وروافده فى سائر دول الحوض، وهناك عرف جرى منذ القدم على أن دول المنبع لا تقيم أي مشروعات أو أنشطة علي النهر تضر بمصالح دول المصب؛ لأن دول المنبع هي المتحكمة لو انفردت بالقيام بمشروعات فسوف تضر دول المصب, لذا جرى العرف على مبدأ التعاون والمشاركة والشفافية والإخطار بمايحدث من مشروعات لاتخاذ مايلزم من تدابير لمواجهة أي أضرار قد تنجم عن أي مشروعات جديدة, وهذه القواعد أكدتها اتفاقية دولية عامة تسمي "الاتفاقية الإطارية للاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية" عام 1997.
وإذا رجعنا للوراء قليلًا نتذكر أن دول نهر النيل كانت خاضعة للاستعمار, ووفقًا لأحكام القانون الدولي هي التي تعرف باسم الشعوب المستعمرة, وقد أبرمت 11 اتفاقية في عهد الاستعمار, وتسمى اتفاقيات عينية تتعلق بالإقليم, أبرزها اتفاقية عام 1925, ووفقًا للقانون الدولي فإن هذه الاتفاقيات تتوارثها الدول المستقلة, وتهدف في الأساس إلى رعاية وحماية حقوق دولة المجرى الأعلى (السودان)، وبصفة خاصة دولة المصب وهي (مصر)، باعتبارها الأكثر تعرضًا للضرر، حيث إن دول المنبع يمكن أن تتحكم في توجيه المياه إلي دول المصب, وأكدت هذه الاتفاقيات حقوق الدول في مياه النهر وأن أي مشروعات يراد إقامتها في منطقة نهر النيل لابد أن يراعى فيها عدم الإضرار بمصالح مصر, ويقر القانون الدولي بأن هذه الاتفاقيات لايمكن المساس بها إلا بعد موافقة الدول المعنية التي استقلت، ولابد من موافقة مصر عليها, كما أنها تؤكد حقوق مصر المكتسبة.
وبالإضافة إلي ما سبق فمن النقاط المختلف عليها أيضا أن دول المنبع تقول إن أي مشكلة تحدث لابد أن يتم الوصول إلي قرارات أو حلول بموافقة أغلبية الدول، لكننا نعترض على هذا؛ لأن دول المنبع هي الأغلبية، وفي هذه الحالة تتحكم في القرارات, ولهذا لابد من أن يكون من ضمن الدول الموافقة دولتا المصب أي مصر والسودان؛ لأنهما الأكثر تعرضًا للضرر, والقانون الدولي يؤكد عدم الإضرار، ويعطينا حقا يسمي ب "الاستخدام البريء للنهر" أي الاستخدام الذي لا يضر بمصالح أي دولة نهرية أخرى، والاتفاقيات الإقليمية أو العينية ملزمة للجميع, ولايمكن التحلل منها أو تغييرها إلا بموافقتنا، ومن لايلتزم بالاتفاقيات يتعرض للمسئولية القانونية.
وأخيرًا قرأت تصريحًا للدكتور أحمد رفعت أستاذ القانون الدولي العام، والرئيس السابق لجامعة بني سويف، وسفير مصر السابق في اليونيسكو، قال فيه إن هناك عددًا من الاتفاقيات الخاصة بمياه النيل, أهمها اتفاقيات 1902 و1906 و1929 و1959، وكلها تقر عدم إقامة أي مشروعات على مجرى النيل تقلل من نسبة تدفق المياه، أو تؤثر على الكميات الواردة إلى مصر.
وبعد كل ما تقدم فهل يمكن أن يتصور عاقل, أن المصريين سوف يقبلون صاغرين إهدار حقوقهم التاريخية في مياه نهر النيل، ويقفون مكتوفي الأيدي والإرادة، وهم يرون البوار والعطش والموت يلحق بواديهم, يدمر الحياة في مساحة تزيد علي20% من أرض مصر, يهلك الحرث والنسل والضرع والحضارة والتاريخ والمستقبل, ويهبط بإنتاج السد العالي من الكهرباء إلي حدود40%, ويشرد ملايين المصريين في عمل مخطط تفوق شروره التطهير العرقي, لأنه يقتل ويخرب ويدمر الحياة إرضاء لطموحات جامحة في إثيوبيا, لا توازن بين مصالحها المائية ومصالح الآخرين, وتتجاهل الحقوق الطبيعية والتاريخية لبلد هو أقدم بلدان العالم، وأصل المدنية والحضارة في كوكبنا الإنساني يعاني شح الأمطار, ولا بديل له سوى الاعتماد على مياه النيل، وإلا هلك عطشًا وجوعًا, وكل ما يصله من إيراد النهر لا يتجاوز55 مليار متر مكعب من المياه في العام لا تشكل سوى 5% فقط من إيراد النهر, بينما تتساقط علي الهضبة الإثيوبية وحدها آلاف المليارات من الأمطارتضيع هدرا في المحيط؟!
وبعبارة أخرى, هل يمكن أن تفنى الحياة على أرض مصر ويتشرد أهلها ويخرجون من بلادهم هربًا من المجاعات والاوبئة، كما حدث لقوم سبأ عندما انهار سد مأرب؟ أم يستميت المصريون في الدفاع عن حقوقهم الطبيعية, ويتوحدون ضد خطر الفناء, ويتناسون خلافاتهم التي صغرتهم في عيون أعدائهم، ويتحولون الي كتلة إرادة صلبة تعيد للموقف توازنه بالتي هي أحسن, ولا ننكر علي الآخرين حقوقهم الطبيعية, ولكنها على استعداد لأن تحارب دفاعًا عن حقها في الحياة عندما تصبح الحرب فريضة واجبة؛ لأن الآخرين لم يتركوا للمصريين خيارًا آخر.
أظن أنني لا أكون مبالغًا عندما أقول إن الحرب خيار رئيسي لو فشلت الجهود الدبلوماسية والقانونية، أو حدث فيها شبهة تباطؤ؛ لأن سد النهضة أصبح خيارًا بين الحياة والموت.
ومن وجهة نظري أن هذا السد سلاح خطير يكاد يكون تأثيره أقوى من (القنبلة النووية) على مصر والسودان فى حالة دخول إسرائيل فى حرب مع مصر، فأول شيء ستفعله هو نسف هذا السد، ونسف 30 سدًا خلف هذا السد؛ فتغرق مصر والسودان، وأظن أن وتهديد إسرائيل بضرب السد العالي ليس ببعيد.
لمزيد من مقالات إسلام عوض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.