اهتمت الصحف البريطانية بثوارت الربيع العربي, ونشرت تقارير مفصلة عنها باعتبارها الحدث الأبرز في عام2011 لكن صحيفة الجارديان ركزت علي الثورة المصرية. مؤكدة أن انتقال مصر من الديكتاتورية إلي الديمقراطية شابته الفوضي, لكن الثورة تقدم الآمال للدول العربية الأخري, كما شددت علي أن هناك مؤشرات قوية علي أن الثورة بعيدة عن الإجهاض. وأكدت صحيفة الجارديان في تقرير تحليلي بعنوان الحياة بعد الربيع العربي أنه علي الرغم من أن الثورة المصرية الثانية من حيث الترتيب في ثورات الربيع العربي فإنها الأكثر تأثيرا في المنطقة, وقالت إن الربيع العربي يسيطر علي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة, لكن مصر علي وجه الخصوص تشغل العقل العربي باعتبارها القائد للحركات الثورية والاختبار الساطع لتطور هذه المرحلة السياسية الجديدة. وأضافت أنه خلال الأشهر القليلة الماضية شهدت الثورة المصرية وتوابعها صعود ديكتاتورية جديدة في شكل المجلس العسكري, وحرس قديم عنيد علي حد قول التقرير, فضلا عن محاكمة الرئيس المخلوع حسي مبارك, والانتخابات البرلمانية وفوز جماعة الإخوان المسلمين الكبير فيها. وقال التقرير إنه إذا كانت هناك دولة عربية شهدت هذا التسلسل التام من العناصر والمتحاورين الذين يشكلون الخليط العشوائي, فإن هذه الدولة العربية المعاصرة هي مصر. وأكدت الجارديان أن المجلس العسكري, الذي يحكم البلاد حاليا, أدرك أنه لا يستطيع تحمل تلك المسئولية إلي أجل غير مسمي. واعتبرت أن أهم المساهمات التي قدمتها مصر للربيع العربي تتمثل في تقديم جرعة من الواقع, والترويج لفهم ناضج سياسيا بأن الأمور ستستغرق وقتا, وبعيدا عن المعنويات, فإن الأحداث في مصر تعيد تركيز الناس علي أهمية التفكير في مرحلة ما بعد الإطاحة بالرؤساء. وذكرت الصحيفة أن الجولة الأخيرة من الاضطرابات في الأسابيع القليلة الماضية أشير إليها علي نطاق واسع باعتبارها الموجة الثانية من الثورة بعد أن أجهضت الثورة الأولي, وبالنظر إلي التضحيات التي بذلت من قبل, والنشوة بعد الإطاحة بمبارك, كان محبطا رؤية المشاهد نفسها تتكرر في القاهرة مرة أخري مع اعتقالات وعمليات قتل وتحرش بالنساء, والتي سيطرت علي الأخبار في البلاد. وأضافت أنه تم إعطاء المجلس العسكري الفرصة, لكنه أثبت أنه يسير علي نفس نهج الرئيس السابق, غير أن الموجة الأخيرة من الاحتجاجات تمثل ديناميكية مختلفة, فقدحدث تحول الديكتاتورية ذات الاتجاه الواحد إلي السياسة الحقيقية, وأصبح المجلس العسكري يعرف الآن أنه لا يستطيع أن يتحمل المسئولية لأجل غير مسمي. وتابع التقرير أن هذه الديناميكية الجديدة ليست محبطة بل مشجعة, وكان من الممكن اعتبارها إجهاضا للثورة المصرية إذا تم الترحيب بالنظام الجديد بدون تردد, لينزلق الشعب مرة أخري إلي حالة الشلل في عهد مبارك ويتنازل عن حقوقه المدنية, لكنها ليست كذلك, وتدل تلك الأحداث علي وعي ومراقبة ما بعد الثورة ومعرفة وعزم علي ضمان ألا يتم إجهاضها. وأكد التقرير أن الرفض الواضح لأي حكومة غير مدنية يظهر أن المتظاهرين والنشطاء المصريين لم يعودوا يرغبون في قبول دخان سياسي أو مرايا. خلص إلي أن ما يجري في مصر يقدم درسا مهما مفاده أنه ليس الأفراد فقط من يجب الإطاحة بهم, بل يجب أن يتم التخلص أيضا من الحرس القديم. واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إن هذه الديناميكية السياسية ليست ثورية, فهي فوضويه وهشة, ولكن العديد في مصر والعالم العربي يميلون إلي الاستقرار, بينما يرون أن عدم الاستقرار الحالي ما يزال ضروريا, فالأشياء تزداد سوءا قبل أن تتحسن, ولكننا نري مؤشرات حيوية علي ثورة بعيدة عن الإجهاض, فالثورة حية وتتحرك وتأخذ نفسا من الهواء في مناخ سياسي يتعلم فيه العرب التفاوض حول فترة ما بعد الديكتاتور. وفي الوقت نفسه أكدت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن الثورات العربية فاجأت الغرب وأربكته وجعلته يفكر في مواقفه من المنطقة وأنظمتها, وفي النهاية حولت عقودا من الدبلوماسية الغربية إلي هباء منثور. وقال الكاتب دونالد ماكنتاير في مقال هو الأول مقال من سلسة ستنشرها الصحيفة تباعا حول الشرق الأوسط, إنه تحدث إلي أحد الدبلوماسيين الأوروبيين الذين يعتبرون من الخبراء في شئون مصر في فبراير الماضي, وأنه أخبره أنه لا يعتقد أن مبارك سيتنحي قريبا. و أضاف الكاتب إن الغرب لم يصنع الثورات في العالم العربي كما لا يستطيع إيقافها, وبإمكانه أن يتجاهل ما تجلبه أو يقرر التعامل معها بإيجابية, ولكن بعيون مفتوحة, لا خيار آخر أمامه. ومن جانبه, أعرب كلاوس براننرر رئيس المجموعة البرلمانية الألمانية المصرية في البرلمان الألماني( البوندستاج) عن تفاؤله بنتائج الثورة المصرية, وقال أنه لا يشعر بالقلق من فوز حزب الإخوان المسلمين في الإنتخابات لأنهم سيضطرون في النهاية لتشكيل إئتلاف مع أحزاب وتبارات أخري, كما أنهم سيسعون لوضع دستور يحمي الأقليات ويحقق التوازن مع المؤسسة العسكرية. وعن دور الجيش, قال براندر في تصريحات لصحيفة البرلمان الالماني أن الجيش المصري لا يسعي للهيمنة السياسية علي الحكم في مصر ولكنه يريد حماية مصالح البلاد الإقتصادية خاصة وأن20% من الطاقة الإنتاجية للإقتصاد المصري توفرها مصانع تابعة للجيش المصري.