حللت صحيفة (جارديان) البريطانية الوضع في مصر قائلة: "إن تحول مصر من الديكتاتورية إلى الديمقراطية ماهو إلا "فوضى وتخبط" ناتجان عن الترويج لمفاهيم ناضجة سياسيا تعجز شعوب عانت من القمع السياسي على استيعاب وترسيخ مثلها، ولهذا فإن التحول سيستغرق وقتا طويلا. وأكدت الصحيفة أن أحداث مابعد الثورة ماهي إلا محاولة من الشارع المصري للتفكير واستيضاح ما وراء إسقاط الرئيس، وربما يصل بما ينبغى عليه فعله او لا يصل. وأوضحت الصحيفة أن الاضطرابات التي تعرضت لها مصر خلال الأسابيع الماضية والتي عرفت باسم "ثورة مصر الثانية" وما بعدها من المشاهد التي هزت العالم باعتداء قوات الأمن على المتظاهرات مع عمليات القتل والاعتقالات, أكبر دليل على الفوضى التي تعيشها مصر حاليا. واتهمت الصحيفة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بفشله في إدارة البلاد وتحقيق الأمن على الرغم من ثقة الشعب به, مشيرة إلى أن الموجة الحالية من الاحتجاجات تمثل فاعلية مختلفة, حيث أن مصر بدأت تتحول في اتجاه واحد من الديكتاتورية إلى السياسة الواقعية. وأوضحت الصحيفة أن الشعب المصري تراجع مرة أخرى إلى ماكان عليه في عهد مبارك وبدأ في مرحلة جديدة من التنازل عن حقوقه المدنية, ووقوعه في شباك الطامعين والطامحين للسلطة والنفوذ السياسي، مؤكدة أن المعرفة والعزم هو الضمان الوحيد لعدم إحباط الشعب المصري وإجهاض الثورة. وأشار المعلق السياسي "فراس أتراشي", إلى المرحلة التي تعيشها مصر حاليا, بأنها "عقد اجتماعي جديد", يعمل على إعادة تحديد العلاقة بين الشعب والحكومة، ويبرز معنى المواطنة الحقيقية في البلاد, مؤكدا أن الأحداث في ميدان التحرير, أجبرت على تأسيس عقد اجتماعي جديد على غرار تكوين الدول في عهد الدولة اليونانية. وأكدت الصحيفة على رفض الشعب المصري لأي حكومة عسكرية, شارطة أن تكون مدنية, وأن المحتجين والناشطين المصريين لم يكونوا على استعداد لتقبل دخان السياسية ومصاعبها, مشيرة إلى أن بقية العالم العربي يراقب تطور الأحداث في مصر، بعد أن حدثت المعجزة بين عشية وضحاها, وتحولت مصر من بيئة سياسية خاملة ظاهريا، إلى دولة نشطة نجحت في الإطاحة بالنظام الأكثر رسوخا في المنطقة العربية. وأشارت الصحيفة إلى أن المرحلة التي تمر بها مصر هي عملية ديناميكية سياسية وليست ثورية وأنها تتميز بالفوضوية، ولكن التقلب والاضرابات المستمرة لاتزال ضرورية, حيث إن الأمور تزداد سوءا قبل أن تتحسن في الحياة السياسية، لكننا نشهد علامات حيوية للثورة, وأخذ الجرعة الأولى من الهواء السياسي حيث بدأ العرب الآن تعلم التفاوض على مرحلة ما بعد الديكتاتور.