كثيرا ما تطالب أثيوبيا بإعادة اتفاقية مياه النيل بين الدول المشتركة في النيل وان كان الساسة هناك يريدون صراعا علي المياه بإيعاز من دول أخري إلا أن الجميع ومتخذي القرار يناقشون أمر تقسيم المياه علي الأرض في النيل وهذه تقسيمة ظالمة فإن أرادت إثيوبيا إعادة تقسيم المياه فعليها بالعدل والاعتدال فكمية المياه التي تهطل علي الحبشة وأرض أثيوبيا يجب أن تؤخذ في الاعتبار وليس المياه المتكونة في النيل.. فأرض أثيوبيا تتكون فيها البحيرات والمستنقعات والمياه الجوفية من غزارة المياه والتي لاتصل للنيل وهي أضعاف مضاعفة وهي لاتحتاج لمياه النيل أو حجب جزء منها بغرض حرمان مصر والسودان من حصتهما التي يجب أن تتضاعف بناء علي المياه المنهمرة علي دول المنبع وأثيوبيا لها نصيب الأسد.. واجتمع رئيس الجمهورية مع اللجنة الفنية الثلاثية لبحث أمر موارد مصر من المياه وآثار سد النهضة مستقبلا. ويشير الخبراء والعلماء سوف يزيد نصيب أثيوبيا الطبيعي خلال السنوات المقبلة بل وسيزيد إيراد النيل ابتداء من عام2015 تدريجيا وهذا ما أشارت إليه دراسات فريق هيئة الأرصاد الجوية المصرية في بداية الثمانينات باستخدام بيانات تاريخية محققة ومعادلات رياضية متخصصة ورسم منحني طيفي يكشف عن دورات الفيضان المتداخلة وتم تطبيق نتائج الدراسة علي مدار25 سنة مما أكد سلامة المنحني وصحته خلال ربع قرن.. ويبشر هذا المنحني بتزايد حجم الأمطار علي أثيوبيا ودول المنابع حيث ستصل الذروة في عام2020 وبكميات مياه متساقطة لم يكن لها مثيل, وقد لايتحملها السد الأثيوبي مما يعرض المنطقة لفيضانات خطيرة تهدد الحياة فيها وعلي صانع القرار في مصر كما يؤكد العلماء اللجوء للتحكيم الدولي العادل وفقا للمياه المتساقطة علي دول المنبع وليس المتجمعة في النيل لزيادة حصة مصر وفقا لبيانات القمر الصناعي الأوروبي التي تكشف كميات غزيرة من الأمطار تتعدي تريليون متر مكعب سنويا يصل منها نحو100 مليون علي الأكثر للنيل وهذه قسمة ظالمة فمصر هي التي لها حقوق مسلوبة في المياه وليست أثيوبيا ودول المنابع.. فعليهم الاستفادة من كميات المياه المهولة التي تتساقط عليهم ولا يتركونها للمستنقعات والمياه الجوفية والبخر ويجب بحث مشاركة جميع الدول في تحويل المجاري الفرعية لتصب في مجري النيل مما يزيد من ايراد النهر ويضاعفه بدلا من التضييق علي دولة المصب بهدف سياسي وبدوافع خارجية. وحول ما يحدث في السماء بعيدا عن الأرض وكميات المياه الموجودة في حزام الأمطار التي تتساقط علي دول المنبع وتهدر, والدراسة المصرية التي أجراها علماء الأرصاد الجوية ورسم منحني طيفي يكشف عن كميات المياه المتساقطة حتي عام2070 والتي ستبدأ في الزيادة عام2015 وتصل للذروة عام2020 وتنخفض نسبيا وتتزايد مرة أخري يقول العالم المصري الدكتور حسين زهدي رئيس هيئة الأرصاد الجوية سابقا وخبير الأممالمتحدة للأقمار الصناعية والأرصاد وعالم الفيزياء الجوية بجامعة الأزهر إنه في عام80 شهدت أفريقيا موجة جفاف شديدة أدت لرعب شديد في المنطقة وكان لابد من دراسة الموقف المائي لمصر ودول النيل وحجم الفيضان في بداية الثمانينات من القرن الماضي وتم تجميع البيانات التاريخية من كل مكان حول حجم الفيضانات لدراستها من خلال فريق متخصص علي مستوي عالي وتم ابتكار طرق لحساب الفيضانات بعد تجميع بيانات110 سنوات سابقة للدراسة وكان هناك تعاون كبير وتوسعت الدراسة واستخدمنا أحدث الوسائل العلمية والرياضية والإحصاء لكي نصل لمنحني رياضي تنبؤي لفيضان النيل في المستقبل وبالفعل أمكن الوصول لهذا المنحني عام1987 بعد مجهودات علمية كبيرة شارك فيها فريق من عدة تخصصات وتم تحديد عدة دورات متداخلة لمياه الفيضان وتم متابعة النتائج الدراسة ومدي تطابق المنحني مع الواقع نحو ربع قرن أي حتي الآن وبالفعل جاء الفيضان مثل التنبؤ الذي كشفت عنه الدراسة. جفاف لن يعود ويعود الدكتور حسين لفترة الجفاف التي بدأت بوادرها بداية السبعينات الماضية واستمر انخفاض إيراد النهر عاما بعد الآخر حتي ظهر قاع بحيرة السد وجزر الطين نتيجة قلة المياه بالبحيرة وظل الحال في تناقص حتي وصل ذروته عام1980 وكان لابد من مواجهة هذا الأمر الخطير في ذلك الوقت من خلال الدراسات العلمية المتآنية وباستخدام البيانات التاريخية وعلم الإحصاء الطيفي نجحنا في تحديد الدورات المختلفة, ويشير إلي أن متوسط الإيراد السنوي يبلغ نحو88 مليار متر مكعب من المياه منها64 مليار تتجمع من المياه الساقطة علي هضبة الحبشة خلال فترة الفيضان التي تبدأ من نهاية فصل الربيع وتمتد لوسط الخريف وقد تمتد لنهاية شهر نوفمبر وحدث ذلك في بعض السنوات, من هنا تبرز أهمية الفيضان كمورد أساسي للمياه التي تغذي النهر خلال فترة الفيضان, لكن ينظر الجميع إلي حجم الفيضان فقط ولا نأخذ في الاعتبار حجم المياه المتساقطة من السحب المطيرة وإهدارها في دول المنبع خاصة أثيوبيا التي تغرق في مياه الأمطار سنويا وتنظر لعشر المياه المتجمعة بالنيل, ومصدر المياه خلال فترة الفيضان هو الحزام الاستوائي للسحب المطيرة التي تلتقطها الأقمار الصناعية ويكون لونها ناصع البياض, وهذا الحزام يوجد بصفة مستمرة علي مدار العام ويلتف حول الكرة الأرضية فوق المنطقة الاستوائية لتغذي العالم وليس أثيوبيا وحدها التي تريد الاستحواذ علي معظم مياه دول النيل فهذا لايصح, والحزام المطير يتحرك شمالا وجنوبا خلال العام وفقا للحركة الظاهرية للشمس وتصل أقصي درجة إزاحة له إلي الشمال خلال الصيف لنصف الكرة الشمالي وهو الشتاء في نفس الوقت في الجنوب بحيث يصل أحيانا لحوالي20 درجة شمال خط الاستواء أي نحو2000 كيلومتر وتقع هضبة الحبشة بين خطي عرض5 15 درجة شمالا ولذلك فهي تقع تحت التأثير المباشر لحزام السحب المطير خلال فترة الصيف ولاتتوقف غزارة الأمطار علي الحبشة بناء علي حركة حزام السحب بل علي كثافتها داخل الحزام خاصة المتكونة فوق الهضبة, وهذه الكثافة تعتمد علي الحركة العامة للرياح في شتاء نصف الكرة الجنوبي الذي يبدأ خلال أسابيع صيف مصر والشمال وعلي شدة وبرودة الكتل الهوائية التي تغزو منطقة الحبشة من نصف الكرة الجنوبي حيث قمت والحديث للدكتور زهدي ببحث عام1991 علي تأثير نشاط شتاء نصف الكرة الجنوبي علي شدة الفيضان ونشر في المجلة العلمية للأمم المتحدة, وثبت ان رياح الجنوب الشتوية شديدة البرودة والسرعة تكون حركتها قوية مما يدفع حزام السحب المطيرة لمسافات كبيرة شمالا وتصل أحيانا للسودان وتغطي الحبشة بالكامل وتتساقط أمطار غزيرة جدا وبشكل مستمر وتسبب فيضانات عالية وحدث ذلك في الخرطوم ويكون جزء كبير منها خلف سد النهضة. المطر تحت عيون القمر ويعد التنبؤ بفيضان النيل من المعضلات العلمية المعقدة, كما يصفه الدكتور حسين زهدي, حيث يصعب إنشاء محطات رصد تقليدية لقياس كميات المطر الموجودة حاليا في الحبشة نتيجة لوعورة هذه المناطق الجبلية التي زرتها بنفسي, بينما تقع محطات قياس المطر حاليا في الحبشة بعيدة عن مناطق هطول المطر الغزير في الهضبة وهو قياس مزيف لأنه من الناحية العلمية لايمثل الواقع بدقة ويعد مغالطة لكن يمكن الاستعانة بما يتوافر من تكنولوجيا حديثة خاصة الأقمار الصناعية للتغلب علي هذه الصعوبات فمعلومات وبيانات القمر الصناعي الأوروبي' ميديوسات' الملتقطة لمنطقة الحبشة كل نصف ساعة في المركز الأوروبي الذي يقع فوق نقطة تقاطع خط الاستواء مع خط جرينتش ويوجد بشكل مستمر في منطقة الحبشة لأنه يتحرك بنفس سرعة دوران الأرض ويلتقط صورا أيضا تغطي مساحة كبيرة من العالم تغطي افريقيا والمحيط الأطلنطي وجزءا من أسيا والأمريكتين من ارتفاع36 ألف كيلومتر, وتكشف صور وبيانات هذا القمر كميات الأمطار المتساقطة علي الهضبة ومنابع النيل بدقة واستمرار علي مدار الساعة. تنبؤ دقيق وطويل ويقول الدكتور أحمد عادل عبدالحليم خبير الأرصاد ومدير البحث العلمي سابقا بالهيئة إن البحث تم بأسلوب غير تقليدي ومبتكر تم التوصل له ليعطي دقة عالية بالأساليب الرياضية والإحصائية الحديثة وبحساسية شديدة حيث تم حساب أطياف وموجات رقمية قوية ومحددة لفيضان النيل وبنتائج مدققة من خلال توافر بيانات110 سنوات سابقة لعام1987 وتم الاعتماد علي المنطق رغم إن الفريق بدأ العمل ليس بهدف التنبؤ, فكانت فترة بداية الثمانينات شديدة الجفاف, ونريد الإجابة عن أن سبب الجفاف دورة أم ماذا؟ لكن مع التعمق في الدراسات واستخدام الأسلوب المصري المبتكر تم اكتشاف دورات متداخلة لأن الجو غلاف هوائي مائع والكون به العديد من الدورات تؤثر علي الجو وتلعب البقع الشمسية دور القمر, وتم التعمق في الدراسة لمعرفة دورات الفيضان بمنطق, وتم الخروج بشكل احصائي ومنحي خرج من العديد من المنحنيات ليرسم لنا صورة لمستقبل الفيضان لسنوات طويلة واكتفينا حتي عام2070 لكن يمكن تطبيقها لزمن طويل جدا ويجب استكمال هذه الأبحاث المهمة مع التطورات التي حدثت في الحياة والتكنولوجيا وتم تأكيد النتائج من عام1988 وحتي الآن, وسوف تحدث زيادة كبيرة في الفيضان بعد سبع أعوام ربما لايستوعبها سد النهضة. السنوات العجاف ويشير خبير الارصاد إلي أننا نمر بالسنة الخامسة من السنوات العجاف ويتوقع أن يكون الفيضان هذا العام أقل من المتوسط نسبيا ومنذ2015 سترتفع المياه وتصل كميتها عام 2020 - 125مليار متر مكعب وفق للمنحني مما يذكرنا بفيضان1998 عندما دخلت المياه مفيض توشكي, وبعد ذلك يتذبذب الفيضان لكن يظل فوق المتوسط ويرتفع عام2065 مرة أخري, ويظل فوق المتوسط حتي نهاية المنحني.