فجر قرار إثيوبيا بإنشاء سد النهضة أزمة شعبية كبري, نظرا لما يترتب عليه من آثار سلبية بالغة الخطورة علي الأمن القومي والأمن المائي للبلاد, وهو ما يمثل اعتداء علي سيادة الدولة مرفوضا تماما, ذلك لأن دور الدولة ممثلة في قواتها المسلحة هو المحافظة علي استقلال الدولة وسلامة أراضيها بتأمين حدودها, ومصالحها الاقتصادية من أي أعمال عدوانية, أيا كانت داخل أو خارج حدودها مع توجيه ضربات ردع ضد أهداف ومصالح من تسول له نفسه السياسية والاقتصادية والعسكرية, وهو ما تؤيده كل المعاهدات والأعراف والقوانين الدولية, لأن الأمر جد خطير, نناقش هذه الأزمة بهدوء مع العلماء والخبراء المختصين, وصولا لإزاحة الضرر لأن النيل بالنسبة لنا هو شريان الحياة وروح التنمية وبدونه تعطش الأرض ويموت الإنسان وتنعدم التنمية, وتلك هي خطورة المشكلة وحقيقتها. بداية يري الدكتور هشام النشوي, كبير مهندسي وزارة الري وعضو اللجنة القومية للهيدرولوجيا باليونسكو, أن أزمة سد النهضة الإثيوبي هي تأثيرات سلبية بالغة الخطورة علي الأمن القومي المصري, ولن تحل هذه الأزمة مطلقا بسياسات الدولة التقليدية أو أوجه التعاون الحالي من قبل وزارة الري, وتتمثل خطورة سد النهضة الإثيوبي في أنه سوف ينقص من حصة مصر من المياه12- 15 مليار متر مكعب في السنة, وتقليل كهرباء السد العالي بنسبة30%والكارثة الكبري اذا حدث لا قدر الله فترات جفاف لمدة7 سنوات, كما حدث في الثمانينيات, فإن جميع توربينات السد العالي سوف تتوقف تماما عن التشغيل وانتاج الكهرباء, وسيتم تبوير مساحات من الأراضي الزراعية, بالاضافة الي أن إثيوبيا اسندت بناء السد الي شركة مغمورة وهذا يزيد من احتمالات حدوث انهيارات بالسد مستقبلا بقصد أو بغير قصد, بنسبة كبيرة لأن معامل الأمان في السد الاثيوبي هو2 - 1 لأن الأرض منحدرة انحدارا شديدا وغير مستقرة وتقع في منطقة الفوالق الأرضية, واحتمالية حدوث زلزال واردة وهذا عكس معامل الأمن للسد العالي وهو حدود10أضعاف وشرعت إثيوبيا بتحويل مجري النيل الأزرق قبل تقديم اللجنة الثلاثية لتقريرها وضربت الكل بعرض الحائط لوضعنا أمام الأمر الواقع, ولكسر ارادتنا السياسية كما نشر في الصحف الإثيوبية. وأكد النشوي أنه لابد من تعيين وزير دولة مفوض لشئون مياه النيل الخارجية, تحت رئاسة الجمهورية وعلي أساس الكفاءة السياسية والفنية الفائقة, وأعلي مستوي من مهارات التفاوض ومهارات الاتصال ويكون مفوضا باتخاذ جميع الاجراءات والصلاحيات والمسئوليات الكاملة, وتقديم خطة تنفيذية والحلول الاستراتيجية والسيناريوهات لحل أي أزمة متوقعة مع دول حوض النيل, ويكون لهذا الوزير المفوض الحق في تشكيل مجلس الادارة وانتقاء أفضل العناصر من الوزارات السيادية والتنفيذية ذات الصلة, لمعاونته في ادارة هذه المنظومة وتقديم خطة تنفيذية بالبرامج والمشروعات التنموية والأنشطة المطلوبة لتحقيق استقرار المنطقة ورفاهية شعوب دول حوض النيل. وشدد كبير مهندسي وزارة الري أن هناك مشروع إقليمي تم التجهيز له مسبقا, وهو محوران لمجري مائي لنيل جديد يبدأ من البحيرات الموجودة في هضبتي الحبشة والاستوائية, لاستقطاب الفواقد وخاصة من نهر الكونغو, الذي يصل فاقد مياهه الي100 مليار م3 في السنة في المحيط الأطلنطي دون الاستفادة منها, وربط هذين المحورين للمجري المائي مرورا بمشروع منخفض القطارة حتي سيدي براني واقامة المشروعات التنموية علي هذا المجري المائي في مجال الزراعة والصناعة والسياحة, وانتاج الطاقة من محطات الكهرومائية وانشاء شبكات الطرق والسكك الحديدية والاتصالات والخدمات. إنشاء صندوق استثمار وتمويل مشروعات الهيئة الإقليمية الأفروآسيوية للبيئة والمياه والطاقة, يشارك في تمويله الشركات المساهمة والقطاع الخاص بنظامBOT البناء والتشغيل ثم التحويل الذي يستفيد من تحقيق أرباح من خلال العوائد والرسوم التي يدفعها مستخدمو هذا المشروع وبعد انتهاء مدة الامتياز يتم نقل المشروع الي الدولة ووضع وتنفيذ السياسات والتشريعات والنظم اللازمة لتفعيل مساهمة رأس المال العربي والإفريقي. أما الدكتور محمود أبوزيد العالم الكبير وزير الري الأسبق, فيؤكد أن جميع القوانين والأعراف القانونية والاتفاقيات المائية والاتفاقيات الثنائية بين مجموعة دول حوض النيل, تؤكد الحقوق التاريخية لاستخدام المياه ومنها ما أشار الي ذلك بصفة عامة, ومنها تناول الحصص بالأرقام ويدل علي ذلك الكثير من الاتفاقيات ومنها الاتفاقية بين مصر وأوغندا عن سد خزان( أوين) علي بحيرة فيكتوريا والاتفاقيات بين الهند وباكستان, واتفاقية نهر كلورادو بين كندا وأمريكا, اذن المبدأ متفق عليه بين مصر والجميع والمشكلة هي حصص مصر والسودان التي حصلا عليها بموجب اتفاقية نهر النيل عام1959بين البلدين التي لا تعرف بها إثيوبيا, وبعض دول حوض النيل. ويؤكد الدكتور محمود أبوزيد, أن الأزمة تتطلب الرجوع الي مائدة المفاوضات بين كل الأطراف, وأهمها إثيوبيا والسودان ومصر, وذلك علي أعلي مستوي يكون التفاوض علي آثار السد, في ضوء دراسات اللجنة الدولية التي أعتقد أن تقريرها سوف يؤكد اتمام الدراسات لعدم توافر البيانات وتكون سمة التفاوض الصراحة والشفافية والمصداقية, وقد تشارك بعض الأطراف المحايدة كنوع من الوساطة ولما كانت الآثار الايجابية تعتمد الي حد كبير علي شكل الفيضانات في المستقبل, خاصة في أثناء ملء ومدة ملء الخزان ومناسيب الخزان والتصرفات وهل ستستخدم مياه الخزان في الزراعة من عدمه, وهي أمور كثيرة مهمة تستدعي وضع اتفاقيات محددة بوضوح وكيفية تناولها.