نماذج امتحانات الصف الخامس الابتدائي pdf الترم الثاني جميع المواد التعليمية (صور)    يبدأ التسجيل اليوم.. المستندات المطلوبة للتقديم بوظيفة معلم رياضيات بالأزهر    نائب رئيس جامعة دمنهور تفتتح معرض منتجات الطلاب ضمن مبادرة «إنتاجك إبداعك»    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 15 مايو بسوق العبور للجملة    هبوط كبير في أسعار الذهب الفورية اليوم الخميس.. أدنى مستوى منذ 30 يومًا    لأول مرة، جيتور تستعد لإطلاق X70 Plus المجمعة محليا بالسوق المصري    استشهاد 27 فلسطينيا بقصف إسرائيلي على خانيوس وارتفاع عدد الضحايا خلال 24 ساعة إلى أكثر من 110 شهداء    100 شهيد في 24 ساعة.. حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على خان يونس    إيران تُحدد شروطها للاتفاق النووي مع أمريكا.. ما هي؟    قناة مفتوحة نتقل مباراة مصر والمغرب في نصف نهائي كأس أمم إفريقيا للشباب اليوم    لايف.. تليفزيون "اليوم السابع" يكشف حقيقة فيديو حريق كورنيش مصر القديمة    السيطرة على حريق كورنيش النيل بالملك الصالح    مصر.. أمة السينما العربية الناجحة، سميح ساويرس وعمرو منسي في ندوة بمهرجان كان السينمائي    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    مصر تتصدر منافسات ثالث أيام بطولة إفريقيا للمضمار.. برصيد 30 ميداليات    واشنطن بوست: زيلينسكي اعترض على إرسال وفده إلى إسطنبول    لطلبة الشهادة الاعدادية 2025.. موعد امتحانات النقل والشهادة بمحافظة الوادى الجديد    صام "مو" وفاق مبابي، حلم الحذاء الذهبي يتلاشى عن محمد صلاح    الكشف عن نظام المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا 2025-2026    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    الدكتور حسام موافي يكشف 4 أسباب للأنيميا تهدد حياة الإنسان (فيديو)    المجلس الرئاسي الليبي يعلن وقف إطلاق النار في طرابلس    من بينهما برج مليار% كتوم وغامض وحويط.. اعرف نسبة الكتمان في برجك (فيديو)    ريهام عبد الحكيم تُحيي تراث كوكب الشرق على المسرح الكبير بدار الأوبرا    مصرع وإصابة 17 شخصاً في حادثي سير بالفيوم    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025 في جميع المحافظات    موجة شديدة الحرارة يعقبها انخفاض.. بيان مهم من الأرصاد يكشف طقس الأيام المقبلة    تراجع أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 15 مايو 2025    وزير الخارجية: الرئيس السيسي يقود جهودًا دبلوماسية لوقف العدوان على غزة وإيصال المساعدات    موعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    «5 استراحة».. اعثر على القلب في 5 ثوانٍ    سالي عبد السلام ترد على منتقديها: «خلينا نشد بعض على الطاعة والناس غاوية جلد الذات»    مصرع بطل مصر في كمال الأجسام إثر حادث تصادم بالتجمع الخامس.. ماذا حدث ؟    مصرع رجل وزوجته في حادث تصادم سيارتين أجرة ونقل على طريق طنطا- كفرالشيخ    بريمونتادا +90 أمام مايوركا.. ريال مدريد يؤجل احتفالات برشلونة في الدوري الإسباني    وصول حسام البدري والفوج الأول من الرياضيين المصريين إلى القاهرة    خالد بيبو: حمزة علاء تهرب من تجديد عقده مع الأهلي    رئيس الوزراء القطري: إسرائيل غير مهتمة بالتفاوض على وقف إطلاق النار في غزة    "أول واحدة آمنت بيا".. محمد رمضان يكشف أهم مكالمة هاتفية في حياته    وفاة الفنان السوري أديب قدورة بطل فيلم "الفهد"    تبرعت بمنزلها لتحفيظ كتاب الله بالمجان.. وفاة الشيخة «محاسن» أقدم محفظة قرآن بالمنيا    كيف قضى قانون الجديد العمل على استغلال الأطفال وظيفيًا؟    عدد أيام إجازات المرأة وفقًا لقانون العمل الجديد    تحركات برلمانية لفك حصار الأزمات عن أسوان ومستشفيات الجامعة    ترامب ل أمير قطر: لدينا أفضل المعدات العسكرية وأنتم تشترون الكثير منها    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    حجز الحكم على قهوجى متهم بقتل شخص فى أوسيم إلى 13 يوليو    الكويت: سرطان القولون يحتل المركز الأول بين الرجال والثاني بين الإناث    وكيل صحة الدقهلية يشيد بجهود الآطقم الطبية والإدارية في شربين    محافظ الدقهلية: لن أترك ملفا دون حل وأؤمن بأن الإعلام شريك أساسى فى خدمة المواطن    حقيقة مفاوضات الأهلي مع عمر فايد لضمه قبل كأس العالم للأندية    الرئيس يتابع تنفيذ المشروع القومي لبناء الإنسان    توسعات ل«إيجاس وهاربور إنرجي» في استكشاف الغاز ب«حقل دسوق»    أخبار × 24 ساعة.. مجلس الوزراء: رسوم عبور قناة السويس تُحصل بالعملات الأجنبية    الخارجية الأمريكية: ترامب يريد تحسن الوضع الإنسانى المتفاقم فى قطاع غزة    وكيل تموين الإسماعيلية تتفقد صوامع القمح بالقنطرة شرق    ب«3 دعامات».. إنقاذ مريض مصاب بجلطة متكاملة بالشريان التاجى في مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية (صور)    «الرقابة الصحية» تشارك بالنسخة الأولى من المعرض العربي للاستدامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة لجان تحكيم الفنون المرئية
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 05 - 2013

1 من أصعب الأمور أن تجد نفسك وأمامك بعض الأعمال الفنية التي تنتمي إلي نوع من أنواع الفنون وعليك عندئذ أن تحسم وتقرر أي هذه الأعمال أكثر جودة من بقيتها وذلك من الوجهة الفنية. إذ أن الحكم الصائب يقضي أن يكون لدي صاحب الحكم القدر الأكبر من الثقافة العامة والمعرفة المتخصصة ببواطن هذا الفن وربما أيضا الخبرة الحاذقة في ممارسته.
علي سبيل المثال حينما تقام المسابقات في مجال الفنون التشكيلية قد يقوم بالتحكيم فيها أناس يعرفون تماما أصول الفن الذي سيصدرون أحكامهم علي أعماله المتسابقة وأن يكون لديهم القدرة علي الموضوعية والتحليل والمقارنة ثم إصدار الحكم, ويجب أن يكون أعضاء لجنة التحكيم علي دراية عالية للغاية بالأحجام والتناسب والتناسق وجماليات الفراغ هذا فيما يتعلق بفن النحت. أما فيما يتعلق بالتصوير فلابد أن تكون لديهم دراية واعية بالألوان ووظيفتها وكيفية استخدامها بشكل متجدد في التعبير عن الفكرة التي يريد الفنان أن يقوم بتوصيلها بالنسبة للمشاهد وإيجاد الإحساس ومعرفة كاملة بكل المدارس الفنية. وفي كثير من الأحيان نجد أنه برغم ثقافة أعضاء لجنة التحكيم ودقة اختياراتهم فإن أحكامهم قد لا ترضي أصحاب النزعات الفنية الجديدة والذين يثورون علي الأساليب الفنية التقليدية وينادون بإحداث ثورة فنية تنشد الجديد وتقف ضد القديم.
والتحكيم في الأعمال الأدبية إما أن يقوم به نقاد لديهم القدرة علي الحكم علي العمل الفني الأدبي بعد أن استوعب هؤلاء النقاد المذاهب الأدبية والأصول التي تتعلق بطبيعة الإبداع بحيث يملكون الأدوات التي تجعلهم يغوصون داخل العمل الأدبي ويسبرون غوره وقد يستطيعون تفكيكه إلي أجزاء صغيرة وإعادة بنائه أو تركيبه بالشكل الذي يتفق مع مذاهبهم الجديدة ويستطيعون استخلاص ملامحه الشكلية إذا كانوا من الشكليين دون أن يبتعدوا عن جوهره وشكله الفني في الوقت نفسه. أما إذا كانوا من أتباع مدرسة النقد الجديد التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولي فهم يبغون موضوعية المنهج النقدي وتحليل العمل ومقارنته وتصحيح الذوق.
إن ما نعاني منه حقيقة في بلادنا هو التحكيم في مجال الفنون والآداب وفي مجال الفن السينمائي بوجه خاص وكذلك ذلك الفن الذي يطلقون عليه الدراما التليفزيونية وترجع هذه المعاناة والتخبط في الأحكام بالقدر الكبير إلي ضحالة ثقافة أفراد لجان التحكيم التي يتم اختيارهم من أجل هذه المهمة الصعبة خاصة أن السينما والدراما التليفزيونية هما من الفنون الحديثة ومعرفة هذين الفنين معرفة جيدة إنما تتطلب من الفرد صاحب الحكم ثقافة واسعة ومعرفة تامة بلغة كل منهما الفنية وأصول هذه اللغة.
إنني لا أتصور مثلا أن هناك من يجرؤ علي التصدي للحكم علي عمل أدبي وهو يجهل لغة الأدب وقواعد هذه اللغة وليس له أي دراية بفنون هذه اللغة فالحكم علي الشعر يختلف في أصوله عن الحكم علي الرواية أو القصة القصيرة أو المسرحية وعندما نقرأ ما يكتبه بعض النقاد المتخصصين في الأدب وفنونه ندرك علي الفور اتساع ثقافتهم في هذا المجال وقد يعلم الكثيرون منهم عن أصول هذه الفنون الأدبية أكثر مما يعلمه أصحابها ولذلك تأتي أحكامهم في الأغلب صائبة بل تكون مفيدة أيضا للمبدعين.
فالتخصص مطلوب كما نجد مثلا في العلوم هناك تخصصات في الطب والهندسة وبقية العلوم فنجد مثلا أن جائزة نوبل لا تمنح في العلم بشكل مطلق وإنما تمنح في الطب والفيزياء والكيمياء وهي بعض فروع العلم التي يفرق التخصص بينها, وقلما نجد في الأدب ناقدا يجيد النقد في كل فرع من فروع الأدب ولذلك نجد المتخصصين في نقد الرواية والمتخصصين في المسرح والمتخصصين في الشعر. وكذلك أيضا في الفنون التشكيلية نجد المتخصصين في فن التصوير والمتخصصين في النحت والمتخصصين في العمارة. ومن النادر أن نجد من هو متخصصا دقيقا في أكثر من فرع بما فيهم المبدع نفسه فقلما نجد من يبرع في إبداع الرواية والمسرحية والشعر والقصة القصيرة إلا العباقرة. وكذلك بالنسبة للفيلم السينمائي والعمل الدرامي التليفزيوني لأنهما من الفنون المركبة أي يشترك في إبداعها عدد من الفنانين المختلفين من كتاب سيناريو ومخرجين ومصورين ومهندسي ديكور ومونتيرين ومصممي ملابس.
للأسف فإننا في مصر نعتبر الأعمال السينمائية والأعمال الدرامية التليفزيونية مشاعا لكل من هب ودب من حملة الأقلام, ولذلك فإن من الغالب إن لم يكن دائما تأتي نتائج لجان التحكيم وهي تظهر مدي ضحالة ثقافة أعضاء هذه اللجان وبالطبع يكون تأثير هذه النتائج سلبيا فقد يعتقد الحائزون علي هذه الجوائز أنهم يسيرون في الطريق السليم وأن إبداعهم خير إبداع وسرعان ما يكتشف الجمهور بالطبع ركاكة هذه الأعمال حتي إنهم لا يتحملون مشاهدتها أكثر من مرة وهناك العشرات من هذه الأعمال خاصة في مجال الدراما التليفزيونية.
من الصعب جدا أن يتذكر الفرد تلك الأعمال التي حصلت علي جوائز فقد أسدل الزمن عليها سريعا ستائر النسيان لتواضعها الشديد, ولذلك فإنني أتعجب كثيرا من نتائج مهرجان الإذاعة والتليفزيون الذي تقيمه مصر خاصة في قسم الدراما التليفزيونية, وكنت أحسب أن يكون هناك دقة ومعرفة وخبرة في اختيارات أعضاء اللجان التي تتصدي للحكم وأن أفراد هذه اللجان علي قدر من المعرفة بلغة فن الدراما التليفزيونية والفرق بينها وبين اللغة السينمائية, فقد أفاض الباحثون والنقاد والمبدعون في أمريكا وأوروبا في إبراز الفرق بين الفن السينمائي والفن التليفزيوني وقد نشرت الصحف والمجلات والكتب الكثير من البحوث في هذا المجال, ولكن للأسف لم يحاول الكثير من أفراد لجان التحكيم قراءة أي من هذه البحوث وربما لجهل الكثير منهم باللغات الأجنبية, فهم يشبهون في ذلك الأطباء الذين لا يجيدون اللغة الإنجليزية فلا يقرأون عن الجديد في الطب أو يستطيعون حضور المؤتمرات العلمية ولذلك لا يتقدمون في مهنتهم. وبالنسبة للنقاد عندنا فهم يجهلون للأسف حتي ما إذا كان هناك اختلاف بما يجب أن يعالجه التليفزيون من موضوعات وبما تعالجه السينما, وهي قضية عسيرة مازال هناك اختلاف كبير بين أطرافها.
للأسف تأتي أحكام أفراد هذه اللجان من منطلق إلمام البعض منهم إلماما يسيرا بالأدب ولذلك فهم يحكمون علي الحكاية فقط متأثرين بإلمامهم اليسير هذا وبما سبق أن كتبه بعض من يماثلونهم في المعرفة بالنسبة لفن الدراما التليفزيونية الذي مازال في بدايته في مصر وفي البلاد العربية جميعها, والذي لم يحاول أصحابه تطويره منذ أن بدأ الرواد ممارسته.
بدأ في التمثيلية التليفزيونية في مصر في أوائل الستينيات من القرن العشرين. بدأ التليفزيون وهو تحت إشراف الدولة وذلك ليكون وسيلة إعلامية لا يخرج عن السياسة التي تنتهجها الدولة حتي ولو كانت هذه السياسة ضد رغبة الجماهير. ولذلك كانت الرقابة صارمة ولا يهمها الفن بقدر ما يهمها الالتزام بسياسة النظام وهذه هي دائما المعول الذي يهدم الأدب والفن والأمثلة كثيرة في هذا المجال وربما كان الاتحاد السوفيتي خير مثال.
إن من السهل علي خبير الجواهر أن يكتشف الماسة المزيفة من الماسة الحقيقية ولكن من الصعوبة اكتشاف القيم الجمالية التي تحتويها الماسة الحقيقية ومن الصعوبة المفاضلة بين الجوهرة الجميلة وغيرها من الجواهر, فإن هذا يتطلب الكثير من المعرفة والذوق السليم. ويمكن تطبيق هذا الأمر علي الأعمال الفنية. يقابل صقل الجوهرة لتبدو رائعة الحرفة في العمل الفني.
عندما يتم توظيف حركة الكاميرا في السينما والتليفزيون بالشكل الصحيح الذي يقترب من بلاغة اللغة فإن هذا يضيف الكثير إلي أداء الممثل بل إنها تبرر الأداء مثلما يبرر الأداء وجودها. أما العكس وأنا أعني هنا الحركة العشوائية أو التي يأتي بها المخرج لجمالها في حد ذاتها أو لكي يبرهن علي أنه يستطيع أن يحرك الكاميرا بحرفية عالية فإن هذا يبرهن في نفس الوقت علي عدم إدراكه الكلي للعمل الفني ويسلبه معناه وتجرده من الجمال الفني. وربما أوضح الأمثلة في ذلك ما نراه في استخدام عدسة الزوم وحركتها السريعة إلي الأمام وإلي الخلف وحركة البان السريعة أيضا التي تسمي في الأجرومية السينمائية وذبان. وتكثر هذه الحركات التي قد تؤذي الرؤية أحيانا في إخراج المخرج إسماعيل عبد الحافظ والمخرج مجدي أبو عميرة دون أن يكون لديهما الإدراك السليم في استخدام هذه اللقطات. والغريب أننا لا نجد عندهما تبريرا لهذا الاستخدام خاصة وأن هذه العدسة كما قال المخرج العظيم جاك كلايتون إنما تستخدم في التسلل والانقضاض علي حدث مفاجئ. وقد استخدم كلايتون هذه العدسة في فيلم منزل والدتنا حيث كانت شخصيات الفيلم الأساسية من الأطفال ولذلك أراد أن يتحاشي إزعاجهم أو يربك إحساسهم بوجود كاميرا قريبة منهم ولذلك قام بإخفاء الكاميرا بعيدا عنهم وقام بالتصوير مستخدما عدسة الزوم المختلفة الأبعاد بحيث لا يشعر الأطفال بوجودها. أما حركة البان فهي تحدث في استعراض شيء أو مجموعة من الأشخاص تقترب منهم الكاميرا ولا تستطيع اللقطة الثابتة بإبراز تفاصيلهم إذ يستدعي الأمر الحركة لإبراز هذه التفاصيل. وهي حركة موازية لحركة العين عندما نتأمل مكانا أو أكثر من شخص في أحجام مناسبة أو تستخدم عندما يكون هناك حديث متصل بين أكثر من شخصين علي خط عرض واحد. أما ما نراه عند الكثير من مخرجي التليفزيون وعلي الأخص عند مخرجي التليفزيون حتي أنه يقع المخرج المبدع محمد فاضل هذا الخطأ يطيل من الوقت ويترهل الإيقاع خاصة عندما نري أن الجزء الذي يتوسط الشخصين خاليا ولا داعي لتصويره لعدم وجود شخص ثالث مشترك في الحديث يقف أو يجلس في الوسط. وربما أبرع من استخدم هذه الخاصية هو المخرج الإيطالي فبتوريو دي سيكا في فيلم سجناء ألتدنا.
أورد هذه المفردات السينمائية لألفت نظر الذين ينظرون إلي هؤلاء المخرجين الذين يستخدمونها دون إدراك أن يكون لهم المعرفة الحقيقية لهذه المفردات. فكما للغة في الأدب تراكيب فإن اللغة السينمائية والتليفزيون أيضا تراكيب هي بمثابة البلاغة في التعبير والإبداع.
الاقتصاد في التعبير في الفن والأخذ بالتلميح دون إفصاح هو الذي يقربه من الجودة والشاعرية. وربما هذا ما جعل الفيلسوف الإيطالي الكبير بنيدوتي كروتشه يقول بأن الفن تعبير ولكن ليس كل تعبير فنا. وهذا ما نجده عند العظماء من كتاب الرواية مثل هيمنجواي وفولكز وفيرجينيا وولف ونتالي ساروت وإليوت وأودن وسيتفان مالارميه في الشعر. ونري هذا أيضا عند كثير من عظماء الإخراج السينمائية كيروساوا وفيسكونتي وهيتشكوك وبعض مخرجي الموجة الجديدة في فرنسا.
عندما يفكر المخرج في تقديم أحد الأعمال فإنه يجب أن يضع في اعتباره كل العناصر التي سوف يستخدمها في تحقيق هذا العمل. ونقصد هنا بالعناصر السيناريو والتصوير والتمثيل والمونتاج والديكور بحيث يكون بينهم تناسق هارموني يجمع بينهم في التعبير والبناء أي الجمع بينهم في تتابع محتوم وهذا ما يسمي في النهاية بالنص السينمائي أو النص التليفزيوني. وليس كما يظن الذين هم الأقرب إلي الجهل منه إلي المعرفة بأصول الفن السينمائي والفن التليفزيوني بأن السيناريو هو النص وإنما هو عنصر من العناصر التي ذكرناها.
ويتميز السيناريو عن بقية العناصر بأنه البداية أو بشكل آخر بأن البداية تكون له ولكن لا يعني هذا أن يكون له التميز المطلق. ولكن الذي أريد أن أقرره وأطلب الالتزام به في التحكيم هو أن إعطاء المخرج الذي يتسم سيناريو عمله بالضعف جائزة لأنه يملك حرفية عالية في الإخراج. السيناريو ينم عن حقيقة مخرجه لأنه المسئول عنه أو هو الذي يوافق عليه. فالحرفية بمفردها دون فكر لا تصنع فنا. هذا هو يقيني وعقيدتي عندما أكون عضوا في لجنة تحكيم وأحاول دائما بقدر ما أستطيع أن أفرض هذا علي بقية زملائي من أعضاء اللجنة. ولا أستطيع أن أمنح فيلما أو عملا تليفزيونيا كل الجوائز دون أن أعطي السيناريو جائزة لأن الإبداع كله كان نتيجة لتفوق السيناريو.
أقول قولي هذا وقد اختصرت فيه قدر ما استطعت لضيق المكان ولكن كل ما أبتغيه أن يكون تنويها لمن يقومون بالعمل في لجان التحكيم للأعمال الفنية المرئية في مجال السينما والتليفزيون وأن علي الذين يقومون باختيار أعضاء هذه اللجان أن يكونوا هم أيضا علي إدراك ووعي وأشبه بالذين يفحصون العملات النقدية للتفرق بين الزائف والصحيح وهذا أصل كلمة نقد في اللغة العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.