ارتفاع صادرات الصين بنسبة 8% في أبريل    الخارجية الأمريكية: لا علاقة لصفقة المعادن بمفاوضات التسوية الأوكرانية    فرص تأهل منتخب مصر لربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب قبل مباراة تنزانيا اليوم    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    بيل جيتس ينوي إنفاق قسم كبير من ثروته على الأعمال الخيرية    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    بعد بيان الزمالك.. شوبير يثير الجدل برسالة غامضة    تويوتا كورولا كروس هايبرد 2026.. مُجددة بشبك أمامي جديد كليًا    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    مصر تنضم رسميًا إلى الاتحاد الدولي لجمعيات إلكترونيات السلامة الجوية IFATSEA    بجائزة 50 ألف جنيه.. محمد رمضان يعلن عن مسابقة جديدة لجمهوره (تفاصيل)    7 يونيو.. جورج وسوف يُحيي حفلًا غنائيًا في لبنان بمشاركة آدم    «الأسقفية الأنجليكانية» تهنئ الكنيسة الكاثوليكية بانتخاب بابا الفاتيكان    عهد جديد من النعمة والمحبة والرجاء.. الكنيسة الكاثوليكية بمصر تهنئ بابا الفاتيكان    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    بوتين وزيلينسكى يتطلعان لاستمرار التعاون البناء مع بابا الفاتيكان الجديد    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    كيم جونغ أون يشرف على تجربة صاروخية ويؤكد جاهزية السلاح النووي    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    مفاجأة بعيار 21 الآن بعد آخر تراجع في سعر الذهب اليوم الجمعة 9 مايو 2025    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    الأهلي يتفق مع جوميز مقابل 150 ألف دولار.. صحيفة سعودية تكشف    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    موعد مباراة بيراميدز ضد البنك الأهلي في الدوري    مؤتمر النحاس: نلعب مباراة كل 4 أيام عكس بعض الفرق.. ورسالة لجماهير الأهلي    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 9 مايو 2025    مستأجرو "الإيجار القديم": دفعنا "خلو" عند شراء الوحدات وبعضنا تحمل تكلفة البناء    موجة شديدة الحرارة .. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس اليوم الجمعة 9 مايو 2025    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    بنك القاهرة بعد حريق عقار وسط البلد: ممتلكات الفرع وبيانات العملاء آمنة    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    دراسة: 58% يثقون في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    عاجل- مسؤول أمريكي: خطة ترامب لغزة قد تطيح بالأغلبية الحكومية لنتنياهو    المخرج رؤوف السيد: مضيت فيلم نجوم الساحل قبل نزول فيلم الحريفة لدور العرض    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتهمتني نادية الجندي بأنني «شيوعي قذر» عندما أخبرتها أن أشرف فهمي استبدلها بنبيلة عبيد
نشر في القاهرة يوم 05 - 07 - 2011

اتهمتني نادية الجندي بأنني «شيوعي قذر» عندما أخبرتها أن أشرف فهمي استبدلها بنبيلة عبيد في فيلم «الخادمة» عمل بعض أدباء أمريكا وأوروبا في أقسام السيناريو في الاستوديوهات الكبري بمرتب أسبوعي وربما أشهر من عملوا في هذا المجال سكوت فيتزجيرالد وسيدني هيوارد وتوماس وولف ومكيفورد أوديتس ثم ما لبثوا أن تركوا هذه المهنة عندما حققت أعمالهم الأدبية نجاحا كبيرا وهرعت إليها شركات الإنتاج الكبيرة من أجل شرائها وإنتاجها أفلاما. وإذا كان يوسف جوهر وأمين يوسف غراب هما أشهر أديبين عملا في مجال كتابة السيناريو السينمائي فإنه لم يبدأ أي واحد منهما في كتابة السيناريو في أول فيلم اقترن به اسمه، كانت البداية هي كتابة القصة فقط أو الحوار فقط ومن خلال الاحتكاك بالمنتج والمخرج وبعض العاملين استطاعا اقتحام هذا الفن فهو يمثل الأجر الأكبر بالنسبة للقصة أو الحوار، وأعتقد كما سبق أن ذكرت أن المخرج هنري بركات هو الذي كان له الفضل الأكبر في تعلم واحتراف يوسف جوهر السيناريو، وصلاح أبو سيف هو صاحب الفضل بالنسبة لأمين يوسف غراب هو والمخرج محمود ذو الفقار وحسام الدين مصطفي، لكن نستطيع أن نقول إنهما ليسا من عباقرة كتّاب السيناريو رغم تفوق يوسف جوهر وأمين يوسف غراب وذلك لأن يوسف جوهر كان يجيد الإنجليزية والفرنسية ولابد أنه قرأ بعض الكتب التي تتناول هذا الفن بينما كان أمين يوسف غراب لا يجيد سوي اللغة العربية، ولا يستطيع أحدهما أن يقوم بتدريس فن السيناريو أو التنظير له أو حتي تطوير هذا الفن رغم أن يوسف جوهر كان يقوم بتدريس مادة السيناريو في المعهد العالي للسينما. والحقيقة أن الكثيرين من خريجي معهد السينما أخبروني بأنهم لم يستفيدوا كثيرا من أساتذة السيناريو في المعهد وربما أفضلهم كان حلمي حليم، ومن الملاحظ أن هذه المادة لم تلق من العناية الكثير في اختيار من يقومون بتدريسها في المعهد العالي للسينما وأن من نجحوا في كتابة السيناريو لم يكونوا من قسم السيناريو لكن من قسم الإخراج، ولقد سبق وأن ذكرت أنني لم استفد كثيرا من الدراسة في معهد السيناريو الذي انشأه استاذي صلاح أبو سيف ولكني استفدت من الدروس الخاصة التي تلقيتها علي يد هذا المخرج الكبير أنا وزميلي وصديقي رأفت الميهي عندما كنا نعمل في شركة فيلمنتاج كان صلاح أبو سيف يراجع محاولاتي في كتابة السيناريو ويبدي لي الملاحظات التي تنم عن علم وخبرة واسعة، هذا بالطبع بالإضافة إلي قراءة الكتب الأجنبية باللغة الإنجليزية والفرنسية وقراءة المجلات السينمائية مثل sight and sound ومجلة Film and Filming ومجلة cahies du linema ومشاهدة الأفلام الأجنبية وتحليلها شيء ضروري لمن يريد أن يتعلم كتابة السيناريو فإن مشاهدة فيلم علي سبيل الدراسة هو بمثابة قراءة كتاب في السيناريو والإخراج وبقية فنون السينما، وكذلك مشاهدة الأعمال الكاملة لأحد المخرجين أو أحد كتاب السيناريو المرموقين هو بمثابة فصل دراسي ولا يجب الاقتصار علي مشاهدة الأفلام الأمريكية المتاحة لكثير من الناس فقط لكن لابد من مشاهدة الأفلام الأوروبية فإن هذا أشبه بدراسة الآداب العالمية في كليات الآداب فلا تقتصر الدراسة علي من يريد دراسة الرواية أو الشعر أو القصة القصيرة أو المسرحية علي بلد معين فهناك مبدعون عباقرة في كل بلد من البلدان ودراستهم تزيد من ثقافة الإنسان المبدع وتعلي من حرفيته، ولكني أختم كلامي في هذا الشأن بأنه أولا لابد من الموهبة ثم الموهبة ثم الموهبة ثم يأتي بعد ذلك كل ما ذكرته. شوار وهيبة أستميح القارئ عذرا فقد أطلت الحديث في هذه الأمور لأنني كنت أتحدث عن رجل له قيمته في مجال الأدب وفي مجال كتابة السيناريو السينمائي وهو الأستاذ يوسف جوهر الذي شاءت الظروف وصداقتي لنبيلة عبيد وثقتها الكبيرة بي بأن أقوم بصقل أحد سيناريوهاته. اقتضت صداقة أشرف فهمي بالأديب ثروت أباظة أن يبحث في أعماله عن قصة أو رواية ليقوم بتقديمها في السينما فلم يجد سوي قصة بعنوان «شوار وهيبة» وكان الهدف تقديمها في فيلم تليفزيوني، وبالفعل بدأت العمل فيها حيث توقفت ولا أذكر الآن السبب، ونسيت أنا وأشرف كل شيء عن هذه القصة إلي أن عاودت الرغبة أشرف في اشراك ثروت أباظة معنا في عمل سينمائي كانت هناك موضة جديدة في تلك الفترة لاستغلال اسماء كبار الأدباء وذلك بوضع اسمائهم علي الأفلام عن أنهم قاموا بإعداد القصة للسينما حتي لو كانت لغيرهم من الكتاب، وفاز بالنصيب الأكبر من هذه الموضة نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس وقد اخترع هذه الموضة المنتج السينمائي رمسيس نجيب، نسيت أن أذكر أن يوسف السباعي كان له هو الآخر نصيب في هذا المولد. عدنا إلي البحث في أعمال ثروث أباظة فلم نجد شيئا يثير حماسنا، قررنا أن نبحث في أعمال نجيب محفوظ فوجدنا أن كل رواياته تقريبا جري انتاجها أفلاما أو مسلسلات فبدأنا نبحث في قصصه القصيرة، وقع اختياري علي قصتين قصيرتين نالا إعجابي وحماسي وهما «سوق الكانتو» و«الخلاء» كانت القصة الأولي تتلخص في أن «حاميها حراميها» حيث إن البوليس بعد أن يضبط الحلة المسروقة فإنه يسرق ما بها، أما قصة «الخلاء» تقول بأن الانتقام إذا تأخر فإن الزمن كفيل بأن يقضي عليه ولا يجعل له معني، ولكن ثروت أباظة صاح بانتصار عندما تقابلنا في بيت أشرف فهمي بأنه وجد القصة التي يجب أن نعمل عليها وهي قصة «زيارة» إحدي قصص مجموعة «خمارة القط الأسود» وهي قصص في معظمها رمزية وتحتاج إلي جهد لحل الطلاسم خاصة أن نجيب محفوظ من نوع الكتاب الذين لا يقومون بتفسير أعمالهم ويترك كل واحد يفسر العمل علي هواه بل إنني في كثير من المرات عند حضوري ندوته رأيت الكثيرين من مريديه عندما يتحدثون عن أحد أعماله يحاول أن يجد لها تفسير مكان الشيء. الغريب أن نجيب محفوظ كان يوافق كل واحد علي رأيه، وأرجعت هذا إلي أنه لا يريد أن يحبط أي قارئ له أو يغضبه، وكانت موافقة نجيب محفوظ بنفس الحماس الذي يبديه القارئ وهو يعلن رأيه في العمل. كان لابد وأن أوافق علي قصة «زيارة» أمام حماس ثروت أباظة وأشرف فهمي وكان الذي سيقوم بإنتاج هذا الفيلم هو محمد حسن رمزي وكان ذلك قبل أزمة أشرف فهمي وجرجس فوزي فأنا أتذكر أن الذي قام بالتعاقد معه هو جرجس لكن جرت أمور بعد ذلك انتهت بالعداوة بين أشرف وجرجس ومات المشروع. ونفث أشرف فهمي في مشروع فيلم «زيارة» بعد ما يقرب من العام ليعود إلي الحياة وليكون من إنتاجه وليصبح اسمه «الخادمة» ولم أجد ذكرا لثروت أباظة في المشروع فشعرت بالارتياح وأعجبني الاسم الجديد، وعندما أخبرني أشرف بأن نادية الجندي هي التي ستقوم بالبطولة أدركت الدافع وراء ذلك فضحكت وعندما سألني عن سبب ضحكي لم أخبره فلم أكن أريد أن أثير شجونه، وعندما قابلت نادية الجندي اكتشفت أنها تعلم كل شيء. لم يكن الموضوع سهلا ولجأت إلي نجيب محفوظ أطلب منه المعونة فطلب مني أن أصبر يومين، وبعد يومين اعطاني ورقتين فيهما بعض الاقتراحات كانت بمثابة طوق نجاة لي أو خيط أتشبث به ولكن العمل في هذا الفيلم اقتضي مني ومن أشرف جهدا طويلا قارب الخمسة شهور وربما أكثر، كنت أكتب معالجة ثم أعرضها علي أشرف لكن لا نجدها عادية ولا تثير حماسنا ثم أكتب أخري وأمزقها إلي أن وصلنا إلي المعالجة التي سار عليها الفيلم، كان هذا الفيلم هو المحك الحقيقي لمدي نجومية وشعبية نادية الجندي فلم يكن أمامها كما اعتادت محمود ياسين وحسين فهمي أو عادل أدهم أو عادل إمام كما حدث في فيلم «خمسة باب» في الحقيقة لم يكن أمامها أحد النجوم الكبار وإنما مصطفي فهمي في بداية حياته الفنية وسعيد صالح. من الأحداث الطريفة أثناء كتابة هذا الفيلم أن فكرت في مداعبة ثقيلة تحمس لها أشرف علي الفور وكانت هذه المداعبة تقتضي مني أن أقوم بالاتصال بنادية الجندي وأبدي لها حزني لأن أشرف فهمي خذلني وعاد إلي وفاق مع نبيلة عبيد ولذلك فسوف يسند إليها بطولة فيلم «الخادمة»، وبالفعل قمت بالاتصال بنادية وبجواري أشرف فهمي وتحدثت معها حديثا عابرا لكن تظاهرت بالحزن فسألتني عما بي فألقيت بالقنبلة المتفق علي تفجيرها فإذا بها تغضب وتبدأ في سب أشرف سبا مفزعا فأعطيته السماعة ليسمع ما تقوله نادية الجندي في حقه وأخذ يستمع إلي ما تقوله نادية من سب مقذع وهو يبتسم في خبث ثم ما لبث أن تحدث إليها مستنكرا ما تقوله فهو يحبها ولم يفعل لها شيئا سيئا، وهنا انهارت نادية الجندي من هول المفاجأة، ولم تجد ما تفعله أو تقوله سوي أن تضع سماعة تليفونها وأخذت تسبني أنا كما علمت وتبكي، بعد نصف ساعة كان زوجها محمد مختار عندنا وهو يستنكر ما حدث فإن زوجته انهارت وأخذت تحطم كل ما تصل إليه يدها وتسبني وأتهمتني بالطبع بأنني شيوعي قذر. طلب منه أشرف بأن يطمنها بأن ما حدث هو مجرد مداعبة وأنه ليس غاضبا مما قالته وأنها هي التي سوف تقوم ببطولة الفيلم. حقق فيلم «الخادمة» نجاحا مذهلا لم يكن لا أشرف ولا أنا ولا زوجة أشرف نتوقعه، ربما كانت المرة الأولي أو الثانية التي يقوم فيها عمر خيرت بتأليف الموسيقي التصويرية وأذكر الموسيقي الرائعة التي يزف فيها نادية الجندي عندما أصبحت سيدة القصر وتهبط درجات السلم. أثار هذا النجاح الكبير الغضب والحقد في قلوب غريمات نادية الجندي وكانت النتيجة بالطبع أن قام مفيد فوزي بهجوم ضار علي الفيلم فعلمت من وراء هذا الهجوم. كان موزع هذا الفيلم هو وجيه إسكندر وهو رجل تشعر عندما تعرفه بأنه لورد ونموذج للجنتلمان الحقيقي، كان قد قام بتوزيع فيلم «درب الهوي» أيضا وكان أول فيلم ينجح له ويحقق له تلك الإيرادات الضخمة في الأسابيع الستة التي جري عرضه فيها قبل منعه. وبمناسبة المنع فإن الصحفي الذي كان يتخفي تحت اسم «مصري» وقام بمنع فيلم «خمسة باب» وفيلم «درب الهوي» مستجيبا لأوامر النجمة الكبيرة حاول أن يمنع «الخادمة» ولكن أشرف فهمي تصدي له بكتيبة من الصحافة ومن بينهم كمال الملاخ بحيث أحبط المؤامرة ، المهم أنني فوجئت بالموزع وجيه إسكندر يطلب مقابلتي في مكتبه، ذهبت إلي وجيه فإذا به يقدم لي عرضا وذلك بأن أشاركه في إنتاج كل ما اكتبه بالنصف وذلك بأجري فقط، كان العرض سخيا ولن أدفع فيه قرشا سوي أن أكتب فقط، لكن ماذا أفعل وعندي تعاقدات مع شركات أخري لمدة سنتين وكلهم أصدقائي ولا أستطيع أن أتخلي عنهم، أنا الآن نادم أشد الندم لأنني لم أنتهز هذه الفرصة لأنني كنت سأصبح من أصحاب الملايين لكن كل الذي أستطيع أن أقوله إن هناك فنانين لا يتاجرون بفنهم وهناك من تاجروا بفنهم وكسبوا كثيرا. تتلاعب بي الذاكرة أحيانا حتي أجد نفسي حائرا في ترتيب الأفلام ترتيبا زمنيا دقيقا رغم أنني أعود من حين لآخر إلي قواميس الأفلام العربية خاصة «دليل السينمائيين في مصر» الذي أعده مني البنداري ويعقوب وهبي، وفي الحقيقة إنني أستريح لهذا الدليل لكن لا أعرف لماذا لا أتقيد بتواريخه الخاصة بأفلامي، فقد نسيت مثلا أن اتحدث عن فيلم «ياما أنت كريم يا رب» وهو فيلم لا أراه إلا نادرا علي شاشات القنوات التليفزيونية الفضائية ولم أستطع حتي الحصول علي نسخة فيديو كاسيت لهذا الفيلم ولذلك فإنني أعتبره أنه فيلم منحوس. بدأ فيلم «ياما أنت كريم يا رب» بفكرة بسيطة من المخرج الصديق حسين عمارة بعد نجاحنا الكبير في فيلم «أين المفر؟» كانت الفكرة باختصار شديد ولماذا اختصرها وقد سمعتها منه مختصرة عندما قال بطريقة من يسألني: إيه رأيك في واد حرامي أفاق وقع في حب بنت عامية وكان فاكرها مفتحة وبعد كده تاب علي إيديها؟ أعجبتني الفكرة وأخذت أعمل عليها إلي أن استطعت أن أكتب ملخصا في حوالي عشرين صفحة، استهوي هذا الملخص حسين عمارة وأخيه محمد عمارة المصور والمنتج، واشتغلنا في السيناريو ليكون بطل الفيلم عادل إمام، كان اسم الفيلم في البداية هو «عيناك قدري» أما تحوله بعد ذلك بحوالي سنتين إلي «ياما انت كريم يا رب» لم يكن لي أية علاقة بهذا الاسم، وأرسلنا السيناريو إلي عادل إمام لست أعلم ما حدث بعد ذلك ولكن أحد المقربين إليه أخبرني بأنه قال بعد قراءة السيناريو «الواد ده عنده أفكار كويسة» . المهم أن المشروع توقف بعد ذلك دون أن أعلم السبب وربما لأنني انشغلت أنا وحسين عمارة في كتابة سيناريو مسلسل «القناع الزائف» عن رواية أمريكية مترجمة بعنوان «النافذة الخلفية» وقام ببطولة المسلسل حسين فهمي وميرفت أمين..
وأذكر أننا اختلفنا علي طول المسلسل حيث بدأت المحطات العربية تشتري المسلسلات بالدقيقة وتمسكت أنا بعدد الحلقات وربما كانت 15 حلقة وكان محمد عمارة وأخوه حسين يريدان أن يصل إلي عشرين حلقة ولكني رفضت وتركت الأمر لهما وانقطعت وعندما شاهدت المسلسل في التليفزيون وجدته علي ما أتذكر سبع عشرة حلقة أو ثماني عشرة أي أنهما أضافا أحداثا تصل إلي الساعتين. بعد عامين من الخلاف ظهر الفيلم المنحوس باسم «ياما أنت كريم يارب» دون دعاية تذكر من بطولة فريد شوقي ونور الشريف وبوسي ومها صبري ورغم عدم رضائي عنه نجح الفيلم ولم أره بعد ذلك أو أسمع عنه إلا نادرا. الفيلم الآخر الذي نسيت أن أتحدث عنه ومكانه في هذه الفترة هو فيلم علي درجة كبيرة من الأهمية لي وهو فيلم «السادة المرتشون». جاءني صديقي المخرج علي عبدالخالق بمعالجة من تأليفه كانت تدور عن الفساد في عالم مقاولات البناء وكانت هناك حبكة في المعالجة تقوم علي أن البريء أصبح متهما والمتهم أصبح بريئا فأعجبتني هذه الفكرة. سألته عمن اختار من المنتجين لإنتاج هذا الفيلم فأخبرني بأنه صديقنا المشترك محسن علم الدين فأدركت أننا سوف نخفض من أجرنا وسوف نقدم له تسهيلات في الدفع ولكن الذي أثار حماسي شيئان.. أولا الموضوع حيث كنت قد فكرت ألا تكون الأحداث في عالم البناء فقد كثرت الأفلام التي تدور حول المقاول الفاسد والمباني التي تنهار، واقترحت أن يكون موضوعنا هو الأغذية الفاسدة التي كانت تتسلل إلينا بعض الأخبار عنها فوافق علي عبدالخالق علي الفور، وأما الدافع الثاني هو أن محسن منتج ممتاز فهو تلميذ رمسيس نجيب وشرب منه الكثير خاصة في موضوع دفع الفلوس فأهم شيء بالنسبة لهذه المدرسة الإنتاجية الإنفاق علي الفيلم نفسه وتوفير أحسن العناصر ولذلك تجد أفلام هذه المدرسة ليس بطلها نجما واحدا أو نجمة واحدة بل مجموعة من أكبر النجوم، أما الدافع الأخير والمهم أن محسن علم الدين صديق وفي حقا ويحب أصدقاءه وكنت ومازلت أنا وعلي عبدالخالق وأحمد يحيي ومدير التصوير عصام فريد أقرب الناس إليه ولا نستطيع أن نرفض له طلبا ويكفي أننا نجده دائما إلي جوارنا في كل الملمات كان موضوع فيلم «السادة المرتشون» يتطلب شكلا جديدا في السيناريو، كان بحاجة إلي تقنية جديدة تعبر عن وجهات النظر المختلفة، ولم أقبل أن تكون الفلاشات باك هي الفلاشات التقليدية التي تقوم بالكشف عن أحداث في الماضي فإن معظم الفلاشات باك في الأفلام المصرية يمكن إلغاؤها والاكتفاء بسردها عن طريق الحوار بل إنها توقف سير الحدث في كثير من الأحيان. الفلاش باك في فيلم «السادة المرتشون» هو جزء من النسيج لا يمكن سرده بالحوار فهو الصراع نفسه الذي يدور حوله الموضوع، هو الزمن الحاضر الذي تدور فيه الأحداث، هو وجهة النظر للشخصية والذي يعلي من القيمة الدرامية والسينمائية للفيلم، الصراع في داخله وليس خارجه، يحاول أن يصل إلي الحقيقة التي لا يستطيع أن يتنبأ بها المتفرج بل يكتشفها في المشهد الأخير في الفيلم، بدون هذه الفلاشات لا يكون هناك فيلم. كان اختيار الممثلين علي درجة كبيرة من الأهمية، كان الصراع رهيبا بين أهم ثلاث شخصيات في الفيلم وهم: موظف الكشف عن الأغذية وضابط البوليس وتاجر الأغذية، وكانت الأدوار إلي حد كبير متساوية في الطول والأهمية، وبالطبع كان في ذهني أن يلعب محمود ياسين دور الموظف المرتشي الذي لا يمكن أن يشك فيه أحد، إن محمود ياسين هو نموذج الممثل الذي يستطيع اقناعك بالطيبة والشر في نفس الوقت ويستطيع أن يستغل ملامحه وصوته في رسم الشخصية التي يؤديها ولذلك لم اختلف مع علي عبدالخالق في هذا الاختيار، وجعلت للشخصية التي يؤديها محمود ياسين نوعين من الحوار من خلال الفلاشات: حوار الإنسان البريء الطاهر وحوار الإنسان الفاسد المرتشي ولذلك من يشاهد الفيلم يجد أن هناك شخصيتين لمحمود ياسين، أما دور الضابط الذي ينافس محمود ياسين في حب نجوي إبراهيم فقد اختار علي عبدالخالق محمود عبدالعزيز وكان قادرا علي أن ينبت بذور الشك في ذهن المشاهد إذ كانت الفلاشات باك تدينه، بالإضافة إلي لهجته في الحوار.. وقام سعيد صالح بدور تاجر الأغذية الفاسدة كما يجب أن يكون. لا أعرف حتي الآن لماذا قابل هذا الفيلم الاعتراض من الرقابة علي المصنفات الفنية فقد قام مدير الرقابة بتحويلها إلي اللجنة العليا، وعلمت من الصديق أحمد الحضري الذي كان عضوا في هذه اللجنة بأن الفيلم نال الإعجاب والاستحسان ولم يطلب أي واحد منهم أن يحذف منه شيء، وكان الناقد الكبير أحمد الحضري شديد الإعجاب بالحوار في الفيلم وأخبر من حوله بأن هذا هو الحوار السينمائي المثالي. حقق الفيلم عند عرضه نجاحا كبيرا وحصل علي بعض الجوائز وسافر إلي العديد من المهرجانات في الخارج وأثني عليه النقاد خاصة أنه شكل جديد للفيلم السينمائي المصري. هناك قاعدة غريبة ربما لا تحدث إلا في مصر وهي أنه لو نجح أحد يظهر له أعداء ولو اشتهر أحد يظهر له أعداء ولو برز أحد في أي مجال يظهر له أعداء، والغريب أن هؤلاء الأعداء يظهرون هكذا بشكل شيطاني دون أن يقترف الشخص أي خطأ ضدهم إلا أنه نجح وتميز، وكنت أعاني هذه القاعدة الغريبة التي تختلف اختلافا كليا عن القواعد العلمية وإن لم تكن غريبة عما نجده في الدراما فليس هناك تبرير لكراهية ياجو لعطيل الذي لم يسئ إليه علي الإطلاق، أما بالنسبة لي فإن ما يثير الحزن في نفسي أن يكون من ضمن هؤلاء الأعداء بل وأبرزهم رجال ونساء أحسنت إليهم إحسانا كبيرا وأفضالي عليهم تغرقهم تماما ورفعتهم من الحضيض إلي مكانة لم يكن أي واحد أو واحدة يحلم أو تحلم بها، وكان للأسف جزائي العداوة وإيذائي والاساءة إلي وصدق المثل الذي يقول: «اتقي شر من أحسنت إليه». وللأسف فإنني لا أتقي شرهم وإنما أظل أعمل لما فيه الخير لصالحهم. كنت ألاحظ أن من يحاول أن يدخل في مجال كتابة السيناريو يلتمس مني المعونة أو لا يلتمسها فإنه يعتبرني منافسا أو خصما أقف في طريق نجاحه مع أنه من المضحك أن الفارق بيني وبينه شاسع كشخص يقف علي قمة جبل ويقف آخر أسفل الجبل ولا يستطيع أن يتسلقه ورغم ذلك فإنه يساوي نفسه بمن يقف علي القمة. وفي بداية حياتي العملية كنت أري الذين يعملون مساعدين مع كبار كتاب السيناريو مثل علي الزرقاني والسيد بدير وعبدالحي أديب يحترمون هؤلاء الكبار ويشيدون بأفضالهم في كل مكان وحتي عندما أصبحت لهم أسماء لامعة، وظل لقب أستاذ يسبق حديثهم كلما جاء ذكر أحد من الكبار علي ألسنتهم، ورغم أنني لم أعمل مع أحد من هؤلاء الكبار إلا أنني كنت أحترمهم وأبجلهم وأذكرهم دائما بالخير وأترحم عليهم بعد وفاتهم ولم أحاول أن أسيء إليهم كما يحدث الآن. وكان مما يثير الدهشة في نفسي أن هؤلاء الذين أحسنت إليهم كانوا لا يتورعون عن محاولة الدس والايقاع بيني وبين المخرجين الذين أعمل معهم وهم يظنون أنهم بهذا الأسلوب سوف يبعدونهم عني ويمتنعون عن العمل معي، والمضحك أن هؤلاء المخرجين كانوا يخبرونني بكل ما يقال فكنا نضحك علي هؤلاء الأفسال، ووصل الأمر ببعضهم أن يتحروا عن الأجر الذي أحصل عليه ويحاولون الحصول علي مثله، وكان المنتجون بالطبع يرفضون مساواتهم بي بل كنت أحيانا أطلب من بعض المنتجين أن يخبروهم بأنني أحصل علي أقل منهم حتي يهدأوا ويستريحوا، وهناك كاتب سعي سعيا كبيرا لأساعده حتي تعلم مني كتابة السيناريو فتصور أنه أفضل مني وكان كل همه أن يقتنص الفرص ليحصل علي عمل كنت مرشحا له أو يسيء إلىّ بما قدره الله عليه فانطبق عليه قول الشاعر: أعلمه الرماية كل يوم/ فلما اشتد ساعده رماني وكم علمته نظم القوافي/ فلما قال قافية هجاني كان هؤلاء الأقزام لا يعلمون أنني كنت أقوم بقراءة وصقل الكثير من السيناريوهات التي يكتبونها، وجاء وقت كانت كل السيناريوهات يقوم المخرجون أو المنتجون بعرضها علي لأبدي فيها رأيي أو أقوم بإصلاحها دون أن يعلموا، وأذكر أن إحدي نجمات السينما صاحت في جلسة تضم بعض العاملين في الحقل السينمائي قائلة: مصطفي محرم هو اللي كتب نص سيناريوهات السينما المصرية. كنت أخفي ما أقوم به تأدبا واحراجا واشفاقا حتي لا أجرح شعور أي واحد من الكتاب، وعندما انشأ فريد شوقي اتحاد الفنانين الذي ضم في مجلس إدارته العديد من النجوم والنجمات والمخرجين والكتاب فكان يرسل لي كل سيناريو يتقدم به منتجه من أجل الحصول علي سلفة ولم يكن فريد شوقي يثق برأي أحد مهما كان شأنه سوي برأيي أنا حتي في إنتاجه الخاص كنت أشرف علي كتابة سيناريو الفيلم إذا لم أكن أنا كاتبه. سوف تأتي الفرصة لذكر شركة كبيرة أخري انتجت عشرات الأفلام وسوف أتحدث عنها وكيف كان صاحبها لا يوافق علي إنتاج أي فيلم كبير إلا بعد أن أوافق علي السيناريو وأبدي ملاحظاتي للمخرج فيمليها بعد ذلك علي كاتب السيناريو الذي يظن أن هذه هي آراء المخرج.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.