سعر الدينار الكويتي اليوم السبت 20 ديسمبر 2025 أمام الجنيه    محافظ الجيزة يشيد بمبادرة وزارة التموين في توفير السلع للمواطنين    مدير تضامن الأقصر يستقبل شكاوى وطلبات المواطنين ويوجه بحلها لخدمة الأهالى    قوات إسرائيلية تفتش السوريين على أرضهم وتنصب كمين فى ريف القنيطرة    السيسي يستقبل وزير الخارجية الروسي اليوم    اليوم.. منتخب مصر يختتم استعداداته لمواجهة زيمبابوي في كأس أمم إفريقيا 2025    الأنبا فيلوباتير يستقبل وزير الرياضة ومحافظ المنيا خلال ملتقى التوظيف للشباب بأبوقرقاص    الكونغولي ندالا حكما لمباراة المغرب وجزر القمر في افتتاح كأس أمم أفريقيا 2025    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة والعظمى 21 درجة مئوية    الشتاء يبدأ رسميا غدا ويستمر 88 يوما و23 ساعة.. أبرد فصول السنة    تعرف على سبب انفصال سمية الألفي عن فاروق الفيشاوي وقصة بكاءهما عند الطلاق    نقابة المهن التمثيلية تنعى الفنانة سمية الألفي    "عمرو دياب" .. كم أنت عظيم ؟    فوز الدكتور قياتي عاشور بجائزة الحبتور العالمية للحفاظ على اللغة العربية    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : موسم سداد الديون؟    نجم الزمالك السابق: أحمد عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في المباريات    مواعيد مباريات اليوم السبت 20 ديسمبر والقنوات الناقلة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 20 ديسمبر 2025    ارتفاعات فى بعض الأصناف.... اسعار الخضروات اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    بعد قليل، محاكمة عصام صاصا بتهمة التشاجر داخل ملهى ليلي في المعادي    تعرف على مواعيد قطارات أسوان اليوم السبت 20 ديسمبر 2025    "الشيوخ" يناقش تعديل قانوني الكهرباء ونقابة المهن الرياضية غدًا    استعدادا لامتحانات منتصف العام، انتظام التدريب العملي لطلاب علوم القاهرة الأهلية    ضمن مبادرة صحح مفاهيمك، أوقاف الإسماعيلية تواصل التوعية ضد التعصب الرياضي    وزير الرى يتابع خطة إعداد وتأهيل قيادات الجيل الثاني لمنظومة المياه    سمية الألفي.. محطات رحلة العمر بين الفن والمرض    إقبال جماهيري على «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه على مسرح الغد بالعجوزة    سمية الألفي تلحق بحبها الأول فاروق الفيشاوي إلى المثوى الأخير | صور    وزير التموين ومحافظ الجيزة يفتتحان سوق اليوم الواحد في حدائق الاهرام    دار الإفتاء تستطلع هلال شهر رجب| اليوم    للنساء بعد انقطاع الطمث، تعرفي على أسرار الريجيم الناجح    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    «مشاجرة عنيفة واتهامات بالتزوير».. تفاصيل القبض على إبراهيم سعيد وطليقته    لازاريني: 1.6 مليون شخص فى غزة يعانون انعدام الأمن الغذائى    د. خالد سعيد يكتب: ماذا وراء تحمّل إسرائيل تكلفة إزالة أنقاض غزة؟!    أحمد العوضي عن درة: نجمة كبيرة ودورها في «علي كلاي» مفاجأة    ماذا يحدث لأعراض نزلات البرد عند شرب عصير البرتقال؟    إرث اجتماعي يمتد لأجيال| مجالس الصلح العرفية.. العدالة خارج أسوار المحكمة    قتلوه يوم الاحتفال بخطوبته.. محمد دفع حياته ثمنًا لمحاولة منعهم بيع المخدرات    القوات الأمريكية تشن غارات على أكثر من 70 موقعا لداعش في سوريا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    موهبة الأهلي الجديدة: أشعر وكأنني أعيش حلما    تايكوندو مصر يواصل التألق في اليوم الثاني بدورة الألعاب الإفريقية للشباب    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    الولايات المتحدة تعلن فرض عقوبات جديدة على فنزويلا    محاكمة 9 متهمين في قضية خلية البساتين.. اليوم    مصر للطيران تعتذر عن تأخر بعض الرحلات بسبب سوء الأحوال الجوية    محمد معيط: أتمنى ألا تطول المعاناة من آثار اشتراطات صندوق النقد السلبية    شهداء فلسطينيون في قصف الاحتلال مركز تدريب يؤوي عائلات نازحة شرق غزة    فوز تاريخي.. الأهلي يحقق الانتصار الأول في تاريخه بكأس عاصمة مصر ضد سيراميكا كليوباترا بهدف نظيف    السفارة المصرية في جيبوتي تنظم لقاء مع أعضاء الجالية    روبيو: أمريكا تواصلت مع عدد من الدول لبحث تشكيل قوة استقرار دولية في غزة    وزير العمل يلتقي أعضاء الجالية المصرية بشمال إيطاليا    التغذية بالحديد سر قوة الأطفال.. حملة توعوية لحماية الصغار من فقر الدم    جرعة تحمي موسمًا كاملًا من الانفلونزا الشرسة.. «فاكسيرا» تحسم الجدل حول التطعيم    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرأي العام وغسيل المخ
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 05 - 2013

لم يفكر أحد في قياس الرأي العام واستخدامه لصنع القرار قبل القرن العشرين. فلم يسبق أي اعتقاد بأن الرأي العام يحدد الحقيقة; لأنه يعوق التفكير العقلاني الفردي الذي لايمكن إيجاد متوسط له. فكل إنسان يتمتع بعقل حباه الله بقبس إلهي من الفهم والإدراك.
والإنسان لحظة الإبداع الخلاق يكون هو الشخص الوحيد الذي يحمل هذا الرأي, في حين يخالفه الآخرون أو ليس لهم رأي. لقد استخدمت قياسات الرأي العام لتحقيق السيطرة والتحكم والتلاعب بالجماهير, وتحسين صورة السياسيين واتخاذ القرارات السياسية, استنادا لنتائجها. وأصبح قياس الرأي والتحليل النفسي هو الأصل في علوم الاجتماع, رغم أنه لايمكن إثبات صحته علميا. ويعرف والتر ليبمان مصطلح الرأي العام علي أنه الصور التي داخل رؤوس البشر عن ذواتهم وعن الآخرين وعن حاجاتهم وأهدافهم وعلاقاتهم, والتي تشكل آراءهم العامة, وتتشكل بوسائل الإعلام. وتم تخطيط وسائل الإعلام وتوجيهها لايجاد وقولبة رأي عام موحد, وقياسه بواسطة الخبراء النفسيين لتحليل وضبط الأثر المطلوب علي الشرائح والشعوب المستهدفة. وهكذا وضعت نظرية كاملة لطرق غسيل المخ وتغيير القيم والقناعات والمسلمات في المجتمع. وهناك شبكة مركبة من ملايين العاملين في إنتاج وتوزيع الرسائل الإعلامية الذين يعيشون في نطاقها, وتشكل تفكيرهم بمحتوي منتجهم الإعلامي كأنما أجريت لهم أيضا عملية غسيل مخ. وبنهاية الحرب العالمية الثانية تم تكوين الآلاف من المحاربين الثقافيين( هم اليوم بضعة ملايين) حول العالم يصممون محتوي منتج وسائل الإعلام, ويديرون شبكات الإعلام ووكالات الإعلان ومنظمات قياس الرأي.
لقد عكف المحللون النفسيون من مدرسة فرويد علي تحليل الانهيار النفسي للعامة أثناء الحرب لصناعته عمدا في وقت السلم. وتوصلوا إلي أنه باستخدام القلق والفزع والإرهاب يمكن تحويل الإنسان لحالة إذعان طفولية تتعطل فيها قوي عقله, ويسهل التنبؤ بردود أفعاله تجاه المثيرات والمواقف المختلفة. ويمكن أيضا إيجاد حالة مشابهة في المجموعات الكبيرة تمكن من التحكم فيهم والتلاعب بهم, ويمكن استخدام وسائل الإعلام لإيجاد حالات عقلية تؤدي لتفكك الشخصية وتسهل توجيهها, وهو ما لقب لاحقا بعمليات غسيل المخ. واستخدمت وسائل الإعلام لتوصيل رسائل مبرمجة لأعداد كبيرة لخلق بيئات موجهة لأغراض غسيل المخ. ولكي لايشعر العامة بأن البيئة التي يحيون فيها موجهة, تستخدم مصادر معلومات متعددة تعطي الرسالة نفسها مع اختلاف بسيط لإخفاء وجود نمط يجمعها جميعا. وتقدم الرسائل من خلال وسائل الترفيه والتسلية المتعددة التي يقبل عليها الناس دون إكراه.
ويشير والتر ليبمان إلي: رغبة الناس لتحويل المشاكل المعقدة إلي صيغ مبسطة, وتكوين آرائهم بناء علي ما يعتقده الناس حولهم, دون أن يكون للحقيقة اعتبار في العملية. فظهور التقارير في الإعلام يضفي عليها هالة من المصداقية. ويعتقد العامة أن نجوم الإعلام هم رواد الرأي, ولهذا فلديهم القدرة علي تشكيل الرأي العام مثل القادة السياسيين تماما. ولو فكر الناس في تلك العملية لأدركوا سرها وانهارت. ولكن العامة جهلاء ضعفاء العقول ولايفكرون, ويعانون سوء التغذية. ولهذا تنتشر الآراء التي يتم ترويجها سريعا بينهم لأن أفهامهم كالأطفال أو كالبدائيين, وحياتهم خليط متشابك ومعقد بلا حيوية وفاعلية ولايدركون عناصر المشاكل التي يطرحونها للنقاش. والكلمات والصور في وسائل الإعلام تستدعي جهدا من الفرد لتشكيل صورة ذهنية. لكن الوضع يختلف مع الأفلام, حيث يتم إنجاز عملية الملاحظة والوصف والتخيل بلا أي جهد يذكر للمشاهد سوي أن يظل مستيقظا ليري علي الشاشة الصورة التي كان خياله سيبذل مجهودا لنسجها. ولهذا يتعين تخطيط الرأي العام بواسطة أخصائيين نفسيين, يقومون نيابة عن النخب بضمان الصحة العقلية للعالم.
ويسمي تيودور أدورنو من مدرسة فرانكفورت التلفاز جليسة الأطفال ذات العين الواحدة. وأظهرت الدراسات أن المشاهدين يندمجون في حالة من النشوة وغياب الوعي الجزئي, تشتد كلما طالت مدة الجلوس. ويكونون علي استعداد لقبول الرسائل التي تصل إليهم من البرامج والإعلانات, ومنكشفون تماما لعملية غسيل المخ. ويقول هال بيكر: إننا نتجه لمجتمع يشبه مجتمع أورويل في رواية1984, ولكنه أخطأ عندما ظن أن علي الأخ الأكبر أن يراقبك, إنه لايحتاج لهذا ما دمت أنت تشاهد التلفاز. وهكذا أصبح العالم مدمنا للتلفاز وأصبح التاريخ المعاصر مجرد أصوات مصاحبة لمشاهد حية من العنف والشذوذ. وحتي التغطية الحية لحوادث السيارات والقتل والاغتصاب والحروب والكوارث الطبيعة والهجمات الإرهابية تقدم بناء علي دراسات متفحصة تجري في الأقسام العصبية والنفسية في كليات الطب. وهناك وكالات أنباء وهيئات علمية تتخذ القرارات يوميا فيما سيعرض علي الجمهور, وما لايجب أن يري النور أبدا. ومن المهم أن نؤكد أن وسائل الإعلام ليست شريرة بطبعها, ولكن ما يجعلها خطيرة هو التحكم في استخدامها وفي محتواها بما يخدم أهدافا شريرة ويؤدي لتحويل المستمعين والمشاهدين إلي متسمرين أمام ما يسمعونه ويشاهدونه وقد تعطلت قدراتهم النقدية والتحليلية تماما.
لمزيد من مقالات د. صلاح عبد الكريم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.