فى البدء كانت الكلمه وان من البيان لسحرا . وفى الختام , لا ختام , فقدأت مسيره التطوير ولن تتوقف . شباب هذه القريه التى يحتضنها نيل الدقهليه بفرعيه (البوهيه والتوفيقيه) قرروا أن يكونوا وقد كان . انهم يصنعون حكايه وطنيه على نقطه صغيره فى بحر مصر الكبيره , بدأوها بقعده ع القهوه تعودوا عليها بعد كل يوم عمل شاق , فلامجال للبطاله ومن لم يتمكن أن يصبح طبيبا أو مهندسا أو معيدا فى الجامعه , فقد نجح فى مشروع خاص , أو التحق بعمل ربما لا يريده ,أو عاش حياه الغربه المؤلمه من أجل لقمه العيش الحلال . المهم أن يعمل وأن يحقق الهدف من وجوده على الأرض , وكلهم قرروا الا يموتوا دون أن يتركوا ظلالا على الأرض التى يعشقونها . وكلمه فى كلمه , اتفقوا أن ينشئوا صفحه على مواقع التواصل الاجتماعى ( الفيس بوك ) للحوارات والدردشه ,كبقيه خلق الله . ولأن عشقهم لقريتهم يسرى فى عروقهم فقد فكر أحدهم فى مناقشه مشاكل قريتهم ومحاوله أيجاد حلول لها على صفحتهم التى ضموا اليها العديد من أبناء قريتهم فى الداخل والخارج . وكانت البدايه بمشكله ارتفاع سعر السولار وأجره الميكرباصات ومركز الشباب ورغيف الخبز وغيرها من الأزمات الحياتيه اليوميه المعتاده فى بر مصر . ولأنهم مختلفون عن غيرهم , ولأن الشكوى لغير الله مذله , قرروا أن يستضيفوا المسئولين بالقريه فى برنامج (توك شو) محلى جدا , وأن يواجههوه بمطالب القريه بحضور شبابها , ثم يقومون بنشرها على صفحتهم , وبالفعل بدأوا يجدوا حلولا لمشاكل كانت معقده . ولأنهم فعلا مختلفون فقد فكروا فى تطوير قريتهم بالجهود الذاتيه فبدأوا حمله نظافه بأيديهم وحققت نجاحا منقطع النظير , لدرجه أنهم أعادوا البهاء لمدخل قريتهم بترميم الكبارى المؤديه اليها , وطلائها بألوان علم مصر , وهو جهد عجزت الحكومات عن أدائه قبل وبعد 25 يناير . ولأنهم مثقفون ومتعلمون فقد استضافوا على صفحتهم كبارا من أبناء القريه , يروون لهم من التاريخ ما يشد أزرهم ويذكرهم بجمال وبهاء قريتهم فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى , حينما كانت الحياه سهله يسيره , والعلاقات الاجتماعيه قويه ومتينه , فقريتهم كانت معروفه بين جيرانها من القري بأنها بلد البيت الواحد . المسأله تطورت تطورا مذهلا أصابهم هم أنفسهم بالدهشه , وربما الفخر , عندما كتبت صحيفه الاهرام العريقه عن تجربتهم , وأشادت بجهدهم , ونقلت مطالبهم الزهيده جدا للمحافظ اللواء صلاح المعداوى , الذى قرر فورا تشكيل لجنه لبحث مطالبهم , وكلها تتعلق بكسر الروتين الحكومى , وافتتاح المشروعات المنشأه فعلا ولكنها لا تعمل رغم أنها تكلفت الملايين , بل ووعدهم بالزياره فى أقرب وقت . ميت محسن قريه صغيره تتبع مركز ميت غمر ولا يزيد عدد سكانها عن 30 ألف نسمه , ولكن عمقها فى التاريخ يمتد حتى زمن مقاومه الحمله الفرنسيه , والمشاركه فى ثوره 1919 , عندما تطوع أحد أبنائها المسيحيين فقتل مسيحيا كان الاحتلال الانجليزى يدعمه ضد الزعيم سعد زغلول لرئاسه الوفد المصرى فى المفاوضات مع الاحتلال . أما أبناؤها الكبار المؤسسين , فقد تحملوا أعباء تطوير قريتهم عقب قيام ثوره يوليو المجيده , وكان أغلبهم من أبناء الأزهر الشريف , فقادوا ثوره قريتهم على طريقتهم الخاصه , فأنشأوا بها جميع المشروعات التى قد لا تتوفر لمدينه كبيره , وقادوا نهضه علميه وضعت أبناءها - رجال وسيدات – فى مصاف أبناء المدن الكبري وظيفيا فى كافه المجالات , وأصبح من المعتاد أن ترى ضباطا وأطباء ومهندسين وأساتذه جامعات وقضاه ومحامين وغيرها من المهن الشريفه , يتجولون بالجلابيه فى شوارعها . شباب ميت محسن 2013وأبناء القرى المجاوره أطلقوا عليها اسم جمهوريه ميت محسن , لأنهم بكل حماس , قرروا أن ينهضوا ببلدهم بروح ثوريه هادره , تختلف عن مدن وقرى كثيره فى الجسد المصرى , لقد قرروا أن يبدؤا دون أن ينتظروا أحدا , وليلحق بهم من يريد , بالفكر و المال أو بالجهد أو على الأقل بالكلمه الطيبه , فتوالت عليهم المفاجأت من أشقاء لهم من أبناء القريه المغتربين فى الداخل الخارج بالتبرعات الماليه والمشاركه الوجدانيه. ميت محسن القريه الصغيره اختارت أن تقدم لمصر الثائره تجربه ناجحه ونموذجا مذهلا فى العطاء والتنميه بالجهود الذاتيه . الجمهوريه الأن على موعد مع مؤتمر حاشد بدعوه من أحد شبابها لكل أبنائها , ليجلسوا معا ليس لبحث مطالب قريتهم فقط , ولكن لاعداد مخطط مستقبلى لتطويرها وتجميلها وتوفير فرص العمل التى عجزت كل الحكومات عن توفيرها على مدى السنوات الأخيره , القريه اشتاقت لكل أبنائها المغتربين قسرا من أجل لقمه العيش , الجمهوريه اختارت أن تحلم حلما كبيرا , وسوف تحققه ان شاء الله . [email protected] لمزيد من مقالات ابراهيم سنجاب