علي عكس التوقعات خالفت اتجاهات سوق الصرف التوقعات المعتادة فعلي الرغم من ارتفاع الاحتياطي الاجنبي ليقترب من18 مليار دولار بعد الانخفاض المتوالي علي مدي اكثر من عام. الا ان سوق الصرف واصلت ارتفاعها علي مستوي السوق الرسمية ليصل الدولار الي نحو7 جنيهات في اطار سعر الصرف المدار من جانب المركزي وايضا السوق الموازية وان ظل سعر الدولار في السوق الموازية ييدور حول7.5 ولم يتجاوز7.7 جنيها منذ العطاء الاستثنائي للبنك المركزي حيث ضخ600 مليون دولار عقب تحويل الوديعة الليبية بملياري دولار مما ساهم في تهدئة السوق وكبح جماح المضاربين في المبالغة في سعر الدولار بعد ان قفز الي نحو8.3 جنيها قبل العطاء الاستثنائي. رؤساء البنوك والاقتصاديون لم ينكروا ان ثمة فجوة بين العرض والطلب لاتزال مستمرة رغم تلبية البنوك للطلب علي فتح الاعتمادات لاستيراد السلع الاساسية والمواد الخام والادوية ولبن الاطفال, الا ان ثمة طلبا حقيقيا لا تغطيه البنوك لاستيراد جانب من السلع الاساسية, الي جانب شكوي العديد من مستوري مستلزمات الانتاج من تأخر البنوك في فتح الاعتماد ووضعها علي قائمة الانتظار لنحو شهرين. يفسر منير الزاهد رئيس بنك القاهرة اسباب استمرار الضغوط علي سعر الصرف رغم ارتفاع الاحتياطي الاجنبي, ويتوقع ان تسهم هذه الزيادة في قيمة الاحتياطي الأجنبي في كبح جماح سعر صرف الدولار ووضعه تحت السيطرة حتي نهاية فصل الصيف مع بداية شهر سبتمبر, ويستطرد الا ان هذا الارتفاع رغم انه يمثل خطوة جيدة ومطمئنة مرحليا الا انها تظل تمثل ودائع وقيمة سندات حكومية بالدولار اي قروض خارجية, وهو ما ادي الي تخفيض مؤسسة ستاندر اند بورز التصنيف الائتماني لمصر بسبب الضغوط علي الاحتياطي الأجنبي, نظرا لان هذا الارتفاع لا يعكس انتعاش محركات الاقتصاد القومي خاصة السياحة والاستثمار الاجنبي المباشر, والتصدير, ويضيف ان الامر الاهم ان استمرار التعامل مع الازمة الاقتصادية بالمسكنات استنفد اغراضه وأضحي المطلوب بشكل ملح الآن هو الاجراءات الاصلاحية الجراحية التي تعالج الازمة, واتخاذ اجراءات صارمة وصعبة لا بد منها لانه كلما تأخر الاصلاح تضاعفت الاعباء وتفاقمت الازمة وتداعياتها, وهو ما يستدعي الاسراع بتنفيذ اجراءات تقليص عجز الموازنة العامة. وينوه الزاهد في نفس الوقت الي ان ثمة مؤشرات ايجابية علي تحرك الحكومة في اتجاه التصالح مع المستثمرين وهو امر ضروري لتدفق الاستثمار الأجنبي, ولكن من المهم ايضا ان يواكب ذلك خطوات ملحة للاصلاح وترشيد الدعم الذي تجاوز180 مليار جنيه في الموازنة العامة الحالية والتحول التدريجي الي الدعم النقدي الذي لن يتجاوز60 مليار جنيه في حالة منح كل فرد500 جنيه وبافتراض ان متوسط الاسرة5 افراد. وبالتالي يصل الدعم الي مستحقيه ويتحمل الاغنياء اعباء الاصلاح. ويحذر رئيس بنك القاهرة من توزيع البنزين والسولار بنظام الكروت لانه سيخلق سوقا سوداء وتسربا للدعم خاصة ان هناك نحو400 الف سيارة في الجراجات لا تتحرك. في هذا السياق يري محمد عشماوي رئيس المصرف المتحد ان هناك ضغوطا علي سعر الصرف بسبب الفجوة بين العرض والطلب الناتجة عن زيادة الاستخدامات عن الايرادات الدولارية, ويحذر من حدوث انفلات في سعر الصرف, في حالة عدم اتخاذ الاجراءات الاصلاحية الضرورية للسيطرة علي عجز الموازنة العامة الذي تفاقم ليصل الي200 مليار جنيه في9 اشهر فقط في حين ان العجز المخطط في العام المالي باكمله يستهدف180 مليار جنيه وقد تجاوزت نسبة العجز12% من الناتج المحلي الاجمالي, كما ان من مظاهر تفاقم الازمة ايضا النمو السلبي في الناتج المحلي الاجمالي فقد بلغ معدل النو2.5% مقابل معدل تضخم يقدر بنحو10% اي ان الفارق بينهما يمثل معدل النمو بالسلب بنحو7.5%, ومن المظاهر الاخري نسبة تهريب المحروقات المدعومة التي تقدرها الحكومة بنحو30 مليار جنيه تمثل اكثر من20% من اجمالي قيمة الدعم التي تصل120 مليار جنيه ويتم استيرادها بالعملات الاجنبية مما يضاعف بدوره الاعباء علي سعر الصرف والاحتياطي الأجنبي. ويكتفي عبد الحميد ابو موسي محافظ بنك فيصل الاسلامي من جانبه بالحديث فقط عن ان يكون التخفيض هذه المرة وهي المرة الرابعة خلال هذا العام لوقفة جادة وحقيقية من جانب الحكومة لاتخاذ خطوات مهمة وحقيقية لاستعادة الامن والاستقرار السياسي حتي يتم تنشيط الاقتصاد وتحريك عجلة الانتاج وتنشيط حركة السياحة والاستثمار الاجنبي وهو اصبح امرا لا مفر منه ويتطلب اجراءات جادة لان خطورة استمرار الوضع الحالي غير ممكن لانه يفضي الي تراجع الاداء الاقتصادي وبالتالي تراجع الايرادات السيادية للدولة وهو ما يعني مزيدا من تفاقم عجز الموازنة ناهيك عن تدهور الخدمات الاساسية.