ظاهرة جديدة, انتشرت بمحافظة الإسكندرية بين عشية وضحاها.. حيث يلحظ كل من وطأت أقدامه عروس البحر الأبيض المتوسط لافتات تم تعليقها علي جدران المباني والعقارات من شرق المدينة إلي غربها فرصة كبيرة للبيع بأسعار مغرية,حيث بدت تلك الشعارات المعلقة كحمي أصابت مدينة الثغر.. فبعد أن كانت الإسكندرية عروسا تزهو بجمالها, وكبريائها متربعة علي عرش المحافظات في دلالها, يرغب كل من يزورها أن يقتني بها قصرا أو عقارا أو شقة صغيرة في أزقتها وحواريها أو غرفة مستأجرة في فندق نجمة واحدة, تغير حالها الآن, وهانت علي محبيها وأهلها ورفعوا شعارا فيما بينهم أن الإسكندرية للبيع, فتلاطمت أمواجها حزنا عليها. فقد بدت المدينة شاحبة اللون حزينة علي ما أصابها وألم بها.. الأهرام رصدت لمسات الحزن علي وجوه السكندريين, وتساءلت عن الأسباب الحقيقة وراء عرض ذويها أملاكهم للبيع. بداية يقول المهندس مجدي صفار أحد رجال الأعمال بالمدينة: إن هذه الظاهرة انتشرت منذ خمس سنوات, وعمت حمي الرحيل من الإسكندرية, وأخذ أهلها يعرضون ممتلكاتهم للبيع, وذلك بعد أن واجه التجار ورجال الأعمال المستثمرين قسوة التعامل مع مسئول لا يري سوي ما يقرره, ويأمر به فهجرت تلك الشريحة الكبيرة المجتمع السكندري واتجهوا إلي محافظات أخري, وباعوا ما يملكونه, بعد أن ضاقت المدينة عليهم, فضلا أن المدينة كانت تتميز بهدوئها وجمالها ونظافتها أما الآن فقد تغير حالها, وأصبحت الحياة بها بالغة الصعوبة, فالشوارع مكتظة عن آخرها ومغلقة بعشرات الآلاف من السيارات, والإشارات بها ترفع شعارات عفوا ممنوع المرور الإشارة حمراء.. أما أحوال المدينة الجمالية فحدث ولا حرج فارتفعت أكوام القمامة بها, وأصبحت كالجبال, كل تلك الأمور عجلت بهروب أهل أهل الإسكندرية منها. يقول المهندس صفار: لا يخلو عقار علي سبيل المثال في كفر عبده أشهر أحياء المدينة رقيا, إلا ومعروضا للبيع سواء كان سكانه من القاهرة أو أجانب أو من أهل الإسكندرية أنفسهم. أما المحاسب يحيي جاد جاديين أحد رجال الأعمال بالإسكندرية فيؤكد تلك الظاهرة, مشيرا إلي أن أجمل وصف نستطيع التعبير به هو إسكندرية للبيع, فعندما تتنتقل بالمعمورة تكتشف أن لافتات للإيجار قد اختفت وتم استبدالها بلافتات فرصة كبيرة للبيع, وذلك علي جدران عقارات لم يتصور عقل أن تباع هذه المباني في يوم من الأيام, أما الأسعار فقد هبطت بصورة لافتة للنظر حتي وصلت إلي50% من ثمنها الحقيقي, واللافت أيضا هو غياب المشتري فقد بلغ المعروض بالمدينة ذروته في السنوات العشر الأخيرة, وتراجعت المشتريات فأصبح المعروض أكثر من الطلب المأمول. أما السيد عصام الشناوي سكندري يقطن بباريس فيقول إن الانفلات الأخلاقي جعل من بناء العقارات وبيعها في حالة من الهمجية, خاصة بعد25 يناير, فكل من يملك عقارا أو أرضا شرع في بيعها أو استغلالها كي يستفيد منها فأصبح كل شيء مباحا للبيع علي سبيل التجارة أو علي سبيل الخوف من أحداث البلطجة التي تمر بها البلاد, ويقول الشناوي: من يصدق أن معظم عقارات محطة الرمل التاريخية تم عرضها للبيع, خاصة أملاك الأجانب أو ممتلكات العرب بها, وتنطلق العدوي إلي باقي الأحياء, والمناطق كسبورتنج, والإبراهيمية, وكليوباترا, وسيدي جابر, ومصطفي كامل, وسيدي بشر, وميامي, والمنتزه, أما العجمي وغرب المدينة بأراضيها الشاسعة فلا يمانع قاطنها من بيعها أما المعروض من الوحدات بها فيبلغ عشرات الآلاف من الوحدات الشعبية والمتوسطة والمتميزة وتستطيع الآن أن تشتري شقة بمقدم خمسة آلاف جنيه, بعد أن تحولت العجمي السياحية إلي منطقة عشوائية كبيرة, الأمر الذي جعل أصحابها ومرتاديها الأصليونن يهجرونها, ويعرضون أملاكهم فيها للبيع بأبخس الأسعار. أما المهندس محمد الطعان صاحب إحدي الشركات الكبري بالإسكندرية فيقول إن أسعار البيع للأملاك بالإسكندرية اختلفت تماما عن الفترات السابقة فبعد العرض الهائل لبيع العقارات بجميع أحياء الإسكندرية, وصل سعر المتر في الشقة بكفر عبده إلي ما بين6 8 آلاف جنيه للمتر, ووصل المتر في منطقة سموحة إلي خمسة آلاف جنيه بعد أن تخطي عشرة آلاف جنيه في الفترات السابقة, أما مناطق سبورتنج, وكليوباترا, وسيدي جابر, فوصل المتر بها إلي4 آلاف جنيه, بعد أن كانت الأسعار بها قد وصلت إلي8 آلاف جنيه للمتر. أما منطقة ستانلي وهي الأغلي ثمنا حتي الآن فقد وصل المتر بها إلي14 ألفا بعد أن كان قد تخطي17ألفا للمتر في ثمن الوحدة, أما مناطق ميامي, وسيدي بشر, والمنتزه, فقد وصل بها إلي3 آلاف جنيه, بعد أن كان قد وصل إلي7 آلاف جنيه, أما المعمورة فقد وصلت أسعار الوحدات القديمة ذات120مترا ما بين250ألف جنيه إلي300 ألف في المناطق المتوسطة بعد أن كانت أسعارها تتراوح من500إلي700 ألف للوحدة, أما أسعار الأراضي فقد تراجعت بصورة لافتة للنظر فقد تراجع علي كورنيش الإسكندرية من55 ألفا للمتر الواحد إلي53 ألفا, وفي منطقة سموحة من35إلي25ألفا, وكفر عبده من30 ألفا إلي15ألفا. أما المناطق الشعبية كمحرم بك بعد أن كان المتر ب8 آلاف جنيه, وصل الآن إلي3 آلاف جنيه, وكذلك منطقة الحضرة, أما العجمي فقد بلغ سعر الأرض ألف جنيه في المناطق المتوسطة, أما المميز منها تجاريا فقد وصل من21 إلي8 آلاف جنيه للمتر بالشوارع الرئيسية, أما الأكثر غلاء في أمتار الأراضي فقد تخطي منطقة ستانلي بأعلي سعر حيث يقدر متر الأرض بها إلي75 ألف جنيه للمتر الواحد. وتبقي الإسكندرية الحزينة تنتظر من يشتري وحداتها وأراضيها, وأصبحت الآن الأسيرة التي تبحث عن أحد يشترها ويطلق سراحها!!.